للحفاظ على سوريا موحّدة ومستقرة علينا بالديمقراطية التوافقية
شاهين أحمد
بدايةً من الأهمية التذكير بأنّ دولنا صُمّمت وفق مصالح وإرادة الدول الاستعمارية التي تقاسمت شرقنا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. بمعنى الحدود السياسية والإدارية للدول التي نشاهدها ونعيش فيها هي حدود مصطنعة تمّ رسمها وفرضها رغماً عن إرادة شعوب المنطقة. والمحزن أنّ هذه الحدود تحوّلت إلى مقدسات لا يجوز المساس بها أو حتى مناقشة تعديلها! بعد أن تحوّلت غالبية هذه الدول إلى شبه مزارع للدكتاتوريات العسكرية التي حكمت المنطقة. والاحتجاجات الشعبية ( ثورات الربيع ) أسقطت عدداً من تلك الدكتاتوريات بفضل التضحيات التي قدّمتها شعوب المنطقة .
وبما أنّ سوريا شملتها الاحتجاجات، وشاهدنا وشاركنا في تلك الفعاليات التي رافقتها ظهور عدة منصات معارضة لتأطير العمل التغييري المعارض وتنظيم الطاقات، فكان المجلس الوطني السوري ومن ثم الائتلاف إضافةً لعشرات المنصات الأخرى. ونتيجة نزوح الملايين، وتوفّر هوامش مؤقتة من حرية التعبير عن الرأي حصل مايشبه الانفجار في مخزون الكلمات المحبوسة، فتشابكت الأقلام ، وظهرت الكتابات والتصورات المتناقضة، وخاصةً من جانب متصدّري المشهد المعارض، وسط غياب مشروع وطني سوري واقعي جامع في برامج مختلف الكيانات المذكورة . والمؤسف طغيان الصبغة الطائفية على تصريحات غالبية قيادات المكون العربي السني الكريم في المعارضة وتمسكها بمفهوم الأغلبية والأقلية على أساس عددي . والمفارقة المحزنة أنّ غالبية النخب الأكاديمية للمكون المذكور والمتصدّر للمشهد المعارض كانوا في مؤسسات البعث ومراكز القرار والأجهزة الأمنية حتى بعد انطلاق الاحتجاجات بأكثر من سنة، ومن ثم انتقلوا من خندق النظام إلى خندق المعارضة وتصدّروا المشهد في مؤسسات الثورة والمعارضة! وفي مختلف المناسبات كانوا طائفيين في خطاباتهم وعنصريين في مواقفهم لدرجةٍ يصعب على المرء التمييز بينهم وبين زملائهم الذين اختاروا البقاء في مؤسسات البعث وأجهزته الامنية ، وذلك لجهة الموقف من القضايا الوطنية الأساسية مثل وجود وحقوق مكونات الشعب السوري، وشكل الدولة وطبيعة نظام الحكم ،والدفاع عن الشمولية ومركزية نظام الحكم، وحصر مطاليبهم في تغيير رأس النظام فقط كونه محسوباً على الطائفة العلوية!. ولدى مناقشة مستقبل سوريا نرى أنّ غالبية الوافدين إلى المعارضة بعد 2012 يحلمون بحقبة أخرى للتحكم بمصير الشعب من جديد ووفق مقياس (الأغلبية والأقلية)، وإعادة استنساخ تجربة البعث الفاشلة بلون طائفي آخر بدلاً من التفكير بفسح المجال أمام كافة مكونات الشعب السوري للمشاركة في عملية البناء والحكم .
(یتبع). في العدد القادم.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “318“