ليلى زانا…. مسيرة تحدي تسجل للمرأة الكُـردية
إعداد ليلى قمر
ولدت ليلى زانا في ربيع العام 1961 في مدينة فارقين التابعة لمحافظة آمــد (ديار بكر) كان والدها رجلا محافظا وقاسياً جداً مع زوجته وبناته وعاملاً بسيطاً لتوزيع الماء، له خمس بنات وولد، وقد أرغم ليلى على ترك الدراسة في المرحلة الابتدائيّة، وهي في السنة الخامسة. وعندما بلغت الرابعة عشرة، قررَ تزويجها من ابن خالها، مهدي، الذي كان في الخامسة والثلاثين،بدون أن تراه سابقاً، والذي كان قد ألقي القبض عليه سنة 1973، على خلفيَّة نشاطه في الحزب الشيوعي، وبعد إطلاق سراحه بثلاثة أعوام، تقدَّمت والدة مهدي لخطبتها، ورغم عدم تقبلها للأمر بسبب فارق السن إلا أنهم لم يهتموا برأيها، ولكن وبرغم كل هذه الصعاب فإنها أصبحت أوّل امرأة كرديّة تحصل على الشهادة الثانويّة من دون أن ترتاد أية مدرسة.
بداياتها السياسية:
أولى إرهاصاتها على السياسة، كانت أمام سجن آمــد الرهيب أثناء زيارتها لزوجها المعتقل فيه للمرة الثانية وكان عمرها 19 سنة ﻭﻟﻬﺎ ﻃﻔﻞ ﺭﺿﻴﻊ ﺍﺳﻤﻪ ( ﺭﻭﻧﺎﻳﻲ ) ﻭﺣﺎﻣﻞ بابنتها ( ﺭﻭﻛﻦ )ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻷﺧﺮﻯ ﻣﻊ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﻷﺧﺮ، حيث لم يسمحوا لها برؤية زوجها مدة ستة أشهر رغم محاولاتها الأسبوعية لزيارته حيث كان زوجها يتعرض إلى مختلف أنواع الضرب والتعذيب، مما دفعها إلى محاولة فهم توجهات زوجها فبدأت بالمطالعة من مكتبة زوجها الشيوعي مقارنة بين أحوال الشعوب المستعبدة ووضع شعبها الكُـردي، ومع انطلاق حزب العمال الكردستاني وكفاحه المسلَّح، بدأت بالنشاط السياسي فشاركت في العديد من التظاهرات، واعتصمت أمام السجن. بالرغم من خوفها الشديد من أجهزة القمع التركية، وأصبحت تكون لنفسها شخصية سياسية مستقلة عن زوجها الذي كان ذا ميل إلى نهج البارزاني بينما كانت هي منسجمة مع أفكار اوجلان.
– فترة اعتقالها:
في بداية التسعينات، أسست زانا مع مجموعة من الساسة الكُرد، أول حزب علني في تركيا باسم “حزب العمل الشعبي”، تحالف هذا الحزب مع “الحزب الديمقراطي الاجتماعي” بزعامة أردال إينونو (نجل عصمت إينونو، رئيس جمهوريّة سابق وصديق أتاتورك)، ودخل الحزبان الانتخابات البرلمانية التي شهدتها تركيا سنة 1991. ونجح الحزب الكُردي في إيصال 17 عضوا للبرلمان من بينهم زانا.
وفي جلسة أداء القسم، حال اعتلاء زانا المنصّة، انفجر الغضب التركي في البرلمان، لأنها كانت تضع ألوان العلم الكردي على رأسها، ولكنها لم تتراجع وترضخ لصرخات البرلمانيين الأتراك، بل اختتمت القسم باللغة الكُردية قائلةً “أدّيت هذا القسم من أجل الشعبين الكُردي والتركي”.
وبناء على ذلك انفك التحالف بين الحزبين المذكورين، وأصدرت المحكمة الدستورية العليا في تركيا قرارها بحظر حزب العمل الشعبي، وبعد هذا القرار، حكم القضاة الأتراك بسجن زانا ورفاقها البرلمانيين السبعة عشر لمدّة 15 سنة بتهمة “الانتساب لحزب العمال الكُردستاني”، وأودعت زانا والنواب خطيب دجلة، أورهان دوغان، سليم ساداك وسرّي صاكك السجن. بينما هرب بقيّة النوَّاب الأكراد إلى خارج تركيا، وبقيت ليلى 10 أعوام في السجن. وبسبب ضغوط منظمات حقوق الإنسان التركية والدولية، قررت السلطات الإفراج عنها سنة 1997، لأسباب صحية، إلاّ أنها رفضت ذلك. وطالبت بأن يفرج عن جميع زملائها أيضاً، وبعد أربعة أعوام، دعا البرلمان الأوروبي السلطات التركية إلى الإفراج الفوري عن زانا ورفاقها وتم ذلك في محاولة من تركيا للتقرب من أوروبا.
بعد الإفراج عنها:
لم تترك المحاكم التركية زانا تهنأ باستعادتها حريّتها، إذ أصدرت بحقِّها عقوبة جديدة بالسجن عشر سنوات أخرى، بالتهم نفسها تقريباً، وهي “الدعاية والترويج للعمال الكُردستاني في خطاباتها الجماهيرية”، كذلك حكمت عليها بالسجن سنتين لاحقاً بتهمة الترويج للإرهاب بسبب قولها “للكُرد ثلاثة زعماء: البارزاني، الطالباني وأوجلان ونحن ممتنون لهم” وقررت المحكمة حظر ليلى زانا من ممارسة الحقوق السياسية الأخرى وعدم السماح لها بالتصويت في الانتخابات وبالسجن، مما جعل الكثير من المراقبين يفسرون وقتذاك قرار المحاكم التركيّة بأنه ناجم عن خشية حكومة حزب العدالة والتنمية من عودة زانا إلى واجهة العمل السّياسي، وهي ذات الشهرة والصيت الكُـردي والتركي والعالمي والمرشحة لجائزة نوبل أيضاً، وقد شجبه 48 عضواً في البرلمان الأوروبي، في رسالة وجهوها لأردوغان. وعليه، بدأت السلطات التركيَّة بعرقلة مسألة عودة زانا للحراك السِّياسي الكُـردي بإصدار ذلك الحكم، ثمّ تخفيفه إلى الغرامة الماليَّة، ومنعها من مزاولة العمل السياسي لخمسة أعوام أخرى، في مسعى إرضاء الجانب الأوروبي.
بعد ذلك حظرت المحكمة الدستوريّة التركيّة حزب المجتمع الديمقراطي الذي تنتمي إليه زانا. وبموجب القرار تم حرمانها من مزاولة العمل السياسي لمدة 5 سنوات.
وبعد انقضاء مدّة الحرمان من الحقوق السياسيّة، عادت زانا إلى البرلمان التركي في انتخابات عن حزب الشعوب الديمقراطي، وحافظت على مقعدها عن مدينة آمــد ( دياربكر). وفي الانتخابات التركية المبكّرة، فازت زانا، ولكن هذه المرّة ليس عن مدينة دياربكر بل عن مدينة إيغدر الكرديّة، وضمن قائمة حزب الشعوب الديمقراطي عام 2006. وفي جلسة القسم، كررت ما قامت به سنة 1991، حيث رددت القسم باللغة الكرديّة، مع تغيير في بعض مفرداته. ورفض البرلمان قسمها، وحرمها من راتبها الشهري ومن الحصانة الدبلوماسية ومع تفاقم الحرب بين الكُردستاني وأنقرة، طلبت زانا لقاء أردوغان، لتهدئة الأوضاع، إلا أن الأخير اشترط عليها إعادة أداء القسم في البرلمان. لكن زانا رفضت الرضوخ لهذا الشرط
موفدة اوجلان:
يذكر أوجلان في بعض تصريحاته أنه أثناء التفاوض الأوّل بينه وبين الدولة التركيّة إبان رئاسة تورغوت أوزال، مطلع العام 1993، كان يتحدّث هاتفيّاً مع زانا، وقامت الأخيرة بزيارة دمشق واللقاء بأوجلان في ربيع العام ذاته. وبعد دخوله السجن، وخروج زانا منه، وبدء العمليّة التفاوضيّة بين أوجلان وأنقرة، كان واضحاً دور الوسيط الذي تلعبه زانا بين أوجلان والحكومة التركية، ذلك أنها التقت أردوغان في يوليو من العام 2012، وأطلقت تصريحات إيجابيّة مفادها أن “رئيس الوزراء يريد إيجاد حلّ سياسي للقضيّة الكُرديّة.
هذا التصريح، انتقدته قيادة الكُردستاني في جبال قنديل، بينما رأى مراقبون أن هذا اللقاء والتصريح الذي أطلقته زانا، ما كان إلاّ بالتنسيق مع أوجلان.
بالإضافة إلى إنها في كل الأزمات التي كانت تشهدها العلاقة بين “العمال الكُردستاني” و”الديمقراطي الكُردستاني” العراقي، كانت زانا تلعب دور موفد أوجلان إلى رئيس إقليم كُردستان العراق مسعود بارزاني. وفي مناسبات عدّة، ذكرت زانا بأنها تحمل رسائل من أوجلان إلى البارزاني والطالباني.
ويعتبر مراقبون ليلى زانا من جناح الحمائم الموالي للعمال الكُردستاني، وأنها أقرب إلى أوجلان منه إلى قيادة الحزب في جبال قنديل. لذا فإن الأخيرة، ليست راضية عن أداء زانا، وترى قيادة قنديل أن ليلى تتجاوز حدودها عبر إطلاق تصريحات تطالب بوقف العنف، إلى أن عزلت زانا من وفد البرلمانيين عن حزب الشعوب الديمقراطي الذي يقوم بزيارات دورية لجبال قنديل وسجن جزيرة إيمرالي، ويلتقي بالسلطات التركيّة في إطار المفاوضات التي كانت تجري بين الكُردستاني وأنقرة، و تم استبدال زانا بالبرلمانية الكردية بروين بولد ضان.
جوائزها:
ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ إﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺣﻬﺎ ﻛﺘﺒﺖ إحدى ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ ( إﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﻣﻠﻜﺔ ﺍﻟﻜُـﺭﺩ ) أشهر ﺳﺠﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻗﻀﺖ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺯﻧﺰﺍﻧﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ بانفراد ﻟﻮﺣﺪﻫﺎ ﻻﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺠﻢ ﻏﺮﻓﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﻓﻲ أنقرة
وﻗﻴﻢ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ الأﻭﺭﻭﺑﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻟﻴﻠﻰ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻓﺘﻢ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﻋﺪﺓ ﺟﻮﺍﺋﺰ ﻣﻨﻬﺎ:
-ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺭﺍﻓﺘﻮ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﺍﻟﻨﺮﻭﺟﻴﺔ ﻋﺎﻡ 1994 ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ .
-ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺳﺎﺧﺎﺭﻭﻑ ﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻟﻠﺒﺮﻟﻤﺎﻥ الأﻭﺭﻭﺑﻲ ﻋﺎﻡ 1995 ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ.
-ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻓﺎﻟﺪﻭﺳﺖ ﻟﺤﻘﻮﻕ الإنسان الإﻳﻄﺎﻟﻲ ﻋﺎﻡ 1996 ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ .
-ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺃﺧﻦ ﻟﺤﻘﻮﻕ الإﻧﺴﺎﻥ الألمانية ﻋﺎﻡ 1996 ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ.
ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﻣﻮﺍﻃﻨﺔ ﺷﺮﻑ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺭﻭﻣﺎ
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺮﺷﺤﻴﻦ ﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻣﻲ 1995 – 1998
المصادر :
_من لقاء صحفي فرنسي معها
_مقالة ل هوشنك اوسي
_ موقع المعرفة بالإضافة إلى عدد من المواقع الكُردية والعربية الأخرى
#Rustem79
الدراسة منشورة في جريدة يكيتي العدد 281