ماذا بعد انتخابات رئاسة بشار الأسد ؟
أيمن عبد النور / واشنطن
-جرت مسرحية الانتخابات بتاريخ 26 أيار / مايو وكانت النتائج المقرّرة سلفاً بغضّ النظر عن عدد المشاركين وعدم وجود صناديق للاقتراع بأكثر من 40 % من المساحة الجغرافية لسورية 95% وكان معيباً وصول حد الصفاقة لاستخدام رقم يعبر عن عدد المقترعين يزيد على 14 مليون ناخب وهو عدد أكبر من جميع القاطنين في مناطق النظام والذين ذهبوا لسفاراته التي مازالت مفتوحة وبسبب الوقاحة واللاشرعية لتلك الانتخابات امتنعت حتى الدول العربية التي تعمل لإعادة نظام الأسد لعضوية جامعة الدول العربية من مثل الاردن – الامارات – مصر – العراق عن إرسال برقيات تهنئة لرئيس النظام أسوةً بروسيا وايران .
-بعد الانتخابات تشدّد النظام أكثر مع المواطنين بمناطقه وعادت ساعات قطع الكهرباء والماء لعهدها السابق بعد أن خفّفها قبل الانتخابات وايضاً عادت طوابير البنزين والمازوت واختفت كثير من السلع الغذائية من الأسواق مما دفع بوزارة التموين للسماح بترخيص “اشباه ” الأجبان والألبان والتي ألغتها بعد الاحتجاجات الكبيرة عليها، وكذلك عادت قيمة العملة السورية للانخفاض ومع ذلك فالنظام يتمسّك بنهجه السابق من القمع والاستبداد والاعتقالات والتحالف المصيري مع ايران وحزب الله لأنه بات يعتبر وخلافاً لحافظ الأسد أنّ بقاء النظام يعتمد على بقاء ايران والتحالف مع حزب الله .
-في هذه الأجواء المشحونة داخلياً وخارجياً بسبب توقف اجتماعات اللجنة الدستورية وأي تحرك باتجاه الحلّ السياسي عقدت قمة أمريكية – روسية في جنيف في 16 حزيران / يونيو وبالشق السوري رشح أن الرئيس بوتين جهد بأن يدفع الرئيس الأمريكي نحو تطبيع العلاقات مع نظام الأسد وعدّد الكثير من الايجابيات لهذا الأمر وأنّ النظام مستعد أن يحقّق مطالب امريكا وامن إسرائيل وأنّ التطبيع سيحقّق أرباح كبيرة للشركات الأمريكية خاصةً بقطاع النفط والغاز والمقاولات ولكن الرئيس بايدن رفض المبدأ من أصله لأنّ بشار الأسد الذي استخدم الكيماوي واخترق المعاهدات الدولية ” غير جدير بالثقة ” وبالتالي لا يمكن التعاون معه بأيّ امرٍ كان ويذكر هنا أنّ الرئيس بايدن عندما كان رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قبل اأن يصبح نائباً للرئيس اوباما رفض عدة طلبات من السفير السوري في واشنطن وقتها عماد مصطفى لمقابلته على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان وانعدام الديمقراطية لنظام الأسد .
ما ذكرناه اعلاه لا يعني أنه لم يتمّ التوافق على عدد من القضايا الأخرى باللقاء بين الرئيسين وما يهمنا بخصوص انعكاس القمة على سوريا طلبت وزارة الخارجية من المبعوث الأممي بيدرسون الحضور لواشنطن للتباحث بالخطوات التالية الممكن اجراؤها وأيضاً سيتمّ تشكيل لجنة للمتابعة وللحوار الاستراتيجي مع الخارجية الروسية , كلّ ذلك يدفع الشعب السوري لعدم الاستكانة لنتائج الاجتماعات الدولية بخصوص سوريا وخصوصاً أنه لا يوجد أي سوري ممثل بتلك الاجتماعات والمؤتمرات مما يدفعنا باتجاه زيادة التنسيق بين كافة القوى الوطنية وزيادة التشبيك والاعتماد على طاقاتنا وخبراتنا لتشكيل مجموعات كبيرة وطنية لها وزن كبير داخلياً وتواجد خارجي يمكنها من التواصل مع السياسيين والإعلاميين وبالتالي وضع الأجندة السورية الوطنية على طاولة المجتمع الدولي ومن هنا تبرز أهمية الحوار السوري – السوري بكلّ مكوناته وأثنياته وأعراقه وأديانه وطوائفه ومذاهبه كي نستطيع تجنب حلول ُتفرض علينا من الخارج ولا تناسب أي من المكونات بل تستخدمها لصالح أما الدول الكبرى أو الاقليمية .
وهنا تبرز ايضاً أهمية الحوار الكُردي – الكُردي السوري ومن ثم توسيعه ليشمل الجميع و الذي يخدم مصلحة سوريا الوطن ويكرّس وجودها كدولة مشكّلة من أعراق ومكونات متنوعة سيتمّ الاتفاق فيما بعد نظام الأسد على أفضل أسلوب لإدارة البلد بحيث يرفع الظلم الموضوع على المواطنين سواءً كأفراد أو كمكونات مختلفة .
-الوضع الاقتصادي سيزداد سوءً بمناطق النظام مما سيدفع بنزوح داخلي من مناطق النظام نحو مناطق الإدارة الذاتية أو مناطق شمال غرب سوريا وبكلّ الأحوال سيخلط ذلك الوضع بعدة مناطق مما يؤكّد على اهمية الوصول لحل سايسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254 .
-أعود وأؤكّد أنّ النظام بأساليبه الخبيثة يحسن الخداع والمكائد ما بين المكونات وايقاعها بصراعات جانبية لإلهائها عن مواجهة النظام ويجب ألا يقع أحد بهذه الحبائل فتعيينه لرئيس وزراء من ادلب لا يعني أنه يدعم أو سيتعامل بشكلٍ حسن مع أهل ادلب وتعيينه لرئيس مجلس شعب من الحسكة لا يعني أنه يحب أهالي الحسكة وتعيينه لأكراد في مجلس الشعب أو كوزراء لا يعني أنه يحترمهم وتقريبه بعض سفلة العشائر لاستخدامهم بالتهريب لا يعني أنه يعتمد على تلك العشائر بل يسعى لتفكيكها واستخدام أسافل الناس المنبوذين من تلك العشائر بصراعات تخدم أجندته وبعد ذلك يتمّ التخلص منهم .
– لذلك الحذر مطلوب من أي تعامل مع النظام والعمل باتجاه توحيد الجهود وتكبير دوائر التواصل والعلاقات مع كلّ الأطياف المعارضة هو بوابة النجاة لكلّ الشعب السوري وسيسبق في الحظي بالمساعدات الدولية والتعاون الإقليمي من يستطيع تقديم نموذج ناجح بمنطقته يحظى بالحوكمة – هيكلية إدارة وتسلسل للأوامر واضح – شفافية مالية – حسن اختيار العاملين وفق مبدأ تكافؤ الفرص – توزيع الموارد بشكل متساوي بعيداً عن المحاباة والتحزبات – تحقيق مستوى معقول من الأمن و الامان وأملنا باهلنا السوريين بكلّ مكوناتهم كبير للوصول لبر الأمان قريباً .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 287
