“ماكرون” يُقنع “تـرامب” بإبقاء القوات الأمريكية في سوريا
أظهرت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واشنطن، التي انتهت أمس، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتبره الزعيم الأوروبي الذي يفضّل مخاطبته لتسوية الخلافات مع القارة العجوز.
وأهم ما أظهرته الزيارة في شأن الملف السوري، أن ماكرون حقّق تقدماً في إقناع ترامب بإرجاء سحب القوات الأميركية من سورية، لمنع تمدّد إيران في المتوسط، والتروّي في اتخاذ هذا القرار.
وتملك واشنطن وباريس قواعد عسكرية عديدة في كُـردستان سوريا، وشمال سوريا، في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من قوات التحالف الدولي، في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.
هذا ما أكده الرئيس الأميركي خلال مؤتمره الصحافي مع نظيره الفرنسي، بقوله: «تريد الولايات المتحدة الانسحاب من الشرق الأوسط، وعلى الدول الغنية في المنطقة أن تدفع مساهمتها هناك، وستدفعها وتضع جنودها على الأرض. نريد إعادة أبنائنا إلى الولايات المتحدة، لكننا نريد التصدي للتوسع الإيراني في المتوسط».
وتحدثت أوساط الرئاسة الفرنسية عن إحراز تقدّم في الملف السوري، إذ اقنع ماكرون ترامب بأن سحب القوات الأميركية يعني إحلال القوى الإيرانية مكانها، مع قوات النظام السوري. وأضافت أن الرئيس الفرنسي ناقش خلال لقائه ترامب على انفراد، ضرورة العمل لإعادة إطلاق مسار حقيقي لتسوية سياسية تضمّ الجميع في سورية.
وشرح ماكرون في المؤتمر الصحافي وجوب إحلال السلام في سورية، بمشاركة جميع الأطراف، في عملية ديبلوماسية تستمر في إطار جديد على المدى البعيد. وأضاف: «لم يسبق أن اتخذنا قراراً مشتركاً في شأن تسوية الأزمة السورية، وتم ذلك اليوم من أجل حلّ يتجنّب الهيمنة والإرهاب».
أما بالنسبة إلى خلاف الرئيسين في شأن الاتفاق النووي الإيراني، فأعرب ماكرون عن أمله بالعمل مع ترامب لاتفاق جديد، يريد الرئيس الفرنسي أن يتضمّن الاتفاق المُبرم عام 2015، مع إضافة ثلاثة عناصر إليه، بينها البرنامج الصاروخي لطهران وسياستها الإقليمية، بما «يمكّننا من إيجاد حلّ للوضع السوري».
وعلى رغم أن ترامب لا يزال يريد إلغاء الاتفاق كلياً، اعلن انه سيعمل مع ماكرون لتمرير اتفاق جديد. لكن مصادر أميركية وفرنسية رجّحت أن ينسحب ترامب من الاتفاق، في 12 أيار (مايو) المقبل ويعيد فرض جزء من العقوبات على ايران.
وفيما بدا الانسجام واضحاً بين ترامب وماكرون، يبقى الملف النووي الإيراني موضع خلاف بينهما، ولو أن الموقف السياسي الفرنسي من تدخلات ايران في المنطقة، بما في ذلك اليمن وسورية ولبنان، مشابه للموقف الأميركي. وتطرّق الرئيسان إلى ضرورة حماية استقرار لبنان، بعيداً من التدخلات الإيرانية فيه، عبر «حزب الله».
والتقدّم الوحيد الذي قد يكون أحرزه ماكرون، يكمن في دفع ترامب إلى تحرّك فعلي واهتمام بالبحث عن حلّ سياسي في سورية، لأن الفرنسيين كانوا دوماً على قناعة بأن الإدارات الأميركية المتتالية ليست مهتمة بمستقبل سورية ولا تبالي بما يحدث فيها، إذ كانت مهتمة فقط بالحرب على تنظيم «داعش». أما بعد زيارة ماكرون، فبات لدى أوساط الرئاسة الفرنسية انطباع بأن هناك تقدماً فعلياً في المسار السوري.
وعلمت «الحياة» من مصادر ديبلوماسية أميركية أن تقويم البيت الأبيض لنتائج لقاء ترامب- ماكرون، مفاده أن موقف الرئيس الأميركي إزاء ايران لم يتغيّر، وأن لا شيء جديداً بالنسبة إلى موقف واشنطن مما تفعله طهران من زعزعة لاستقرار المنطقة ودعمها نظام الأسد. وأضافت أن البيت الأبيض يعتبر أن التطرق إلى الملف السوري بين الرئيسين كان في هذا الإطار، وان الضربة الغربية على سورية عَكَسَت توافقاً في هذا الصدد.
لكن خلاصة البيت الأبيض أن كل ما قيل في المؤتمر الصحافي المشترك لا يمثّل أي جديد أو تغيير في ما يتعلّق بسورية، في إطار المحادثات حول الملف النووي الإيراني. ورجّحت أن ينسحب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، بناءً على مصالح بلاده، إذ يسعى إلى اتفاق يمنع زعزعة طهران استقرار المنطقة.
وبقي الخلاف لدى تطرّق ترامب وماكرون إلى النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، إذ لا يزال الموقف الأميركي التقليدي متحيّزاً كلياً للدولة العبرية، فيما يختلف الموقف الفرنسي، لا سيّما في ما يتعلق بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
الحياة