ما الذي حقّقته أو أحضرته إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي لسكان المنطقة من ناحية المتطلبات الأساسية؟
في مناطق تُعتبر الأغنى اقتصادياً في سوريا، بثرواتها الطبيعية من موارد الطاقة والثروات الزراعية والحيوانية والمائية، والأكثر أماناً واستقراراً بموجب الغطاء الذي وفّره الحظر الجوي الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية منذ أوائل سنة 2016,
تُرى ماذا فعلت إدارة ال ب ي د التي ترفع شعارات الإدارة الذاتية والأمة الديمقراطية والمجتمع الإيكولوجي وحرية المرأة، لتنهض بواقع هذه المناطق المتعثّر والتعيس اقتصادياً؟
وهل بلغت أدنى عتبة لآمال وتوقعات الشعب؟
أم أنّ ذلك كله لم يكن إلا أضغاث أحلام لا أساس لها على أرض الواقع؟
يقول بعض المواطنين في المنطقة: نحن الآن نعيش حالة خذلان حقيقيةً، فقد توقّعنا بعد تولي الإدارة (المفروض أنها إدارة من الكُرد) منطقة غالبيتها كُردية ، بأنها ستقوم ببنائها من جديد وتحويلها إلى شكلٍ آخر بعدما كانت مهملة بشكلٍ عام من قبل النظام السوري الذي كان يمارس سياسة عنصرية باعتبارها منطقة كُردية.
نحن اليوم نرى وضعاً أسوأ مما كان عليه من ذي قبل. فبعد تولي إدارة ال ب ي د المنطقة لم نرَ أي إصلاحٍ ولا أي مشروعٍ يهدف لبناء المنطقة.
كان من المفترض دعم الزراعة والصناعة والتجارة وتطوير المناطق التي تسيطر عليها اقتصادياً، من خلال تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للمدنيين وتشجيع الاستثمارات وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة، وتحسين بيئة العمل، واستخدام التكنولوجيا، ومحاربة الفساد، لكننا اليوم نرى العكس فهي تعمل على عكس كلّ هذا.
وإن كانت هناك ميزانية مخصصة لبناء المشاريع فأين تذهب؟
أين تذهب أموال الضرائب والجمارك والمحاصيل الزراعية والنفط والمساعدات الخارجية للسكان المحليين؟
ما هي مشاريعها في البنية التحتية؟
ماذا حقّقت في مجال التعليم؟
كيف خدمت النشاط السياسي خارج منظومتها؟
الجواب ببساطة: لا شيء.
فالبنية التحتية في كُردستان سوريا تعاني فيما يتعلّق بالطرقات والعبّارات والجسور من تضرّر كبير، حيث تشكّلت في الطرق العامة الكثير من الحفر وتآكل الإسفلت سواءً في المدن أو الطرق التي تربطها بالأرياف، كما تعرّضت الجسور والعبّارات إلى تهدم جزئي وحتى كلي في بعض الأرياف، وقد ساهمت الهطولات المطرية الغزيرة هذا العام في تردي وضع البنية التحتية في المنطقة بشكلٍ عام.
والملاحظ أنّ البنية التحتية لشبكة الطرق كانت سيئة خلال السنوات الماضية، لاقتصار أعمال الصيانة على ترقيع الطرقات، إضافةً إلى استخدام مواد ذات جودة منخفضة.
ويمكن ملاحظة حال شبكة الطرقات في كلّ المدن والطرق الرئيسية والعامة، الأمر الذي شكّل هاجساً لسائقي السيارات والآليات وسيارات الشحن على وجه الخصوص، الذين يعملون من أجل قوت عيشهم، فيشتكون من أضرار الحفر المتواجدة بكثافة على الطرقات، ممّا يضطرهم إلى دفع تكاليف إضافية لأعمال صيانة سياراتهم.
ويعاني سائقو السرفيس وسط المدن وأرياف هذه المدن من تعرّض سياراتهم لأعطالٍ مستمرة، بسبب الحفر المتواجدة بكثرة في الطرقات التي يضطرون للعبور فيها لعشرات المرات يومياً.
كذلك يعاني السكان في المنطقة من انقطاع الكهرباء بشكلٍ مستمر، حيث يقول بعض الأهالي : إننا أحياناً لا نرى الكهرباء النظامية لعدة أيام فهي غير متوفرة بحجة الأعطال وعدم توفر مياه السدود.
حتى المولدات في الحارات لم تعد كما قبل،، فأما المازوت غير متوفر لتشغيلها أو تكون معطلة وثمن التصليح باهظ لذلك يقوم أصحاب المولدات في كلّ فترة برفع سعر الأمبيرات، فهناك من لا يستطيع تحمل هذه الأنفاق، إن كانت الكهرباء النظامية متوفرة لن نكون بحاجة إلى كل هذا. ورغم ذلك أيضاً تقوم مقابل توفير خدمة الكهرباء التي أساساً في اليوم لا تتجاوز ساعة إن توفّرت أصلاً بتحصيل رسوم الاستهلاك على مقدار الأمبيرات المستهلكة، فقد يلجأ الآن الكثير من الأهالي إلى الطاقة الشمسية رغم ثمنها الباهظ لكنها بكلّ الأحوال أفضل بكثير من هذه المعاناة، يقول المواطنون لو صُرفت مليارات الدولارات التي تُنفق على حفر الأنفاق على تحسين الحالة المعيشية للسكان لانتعشت كلّ المنطقة، فكم الأموال الطائلة التي تصرف على مشاريع لا جدوى منها، مقابل وضع معيشي سيّئ يعيشونه. وإنّ تركيا حين تأخذ ضوءاً أخضر بدخول مناطق إدارة حزب الإتحاد الديمقراطي لن تعرقلها أنفاق أو غيرها، فلم تكن الأنفاق ناجحة في عمليتي “غصن الزيتون” و”نبع السلام.
الطرق في أسوأ أحوالها، والأسواق خالية من أي رقابة لما يتم إدخاله من مواد فاسدة، ورفع للأسعار، واستغلال للأزمات، فضلاً عن احتكار الأشخاص الذين يعملون لصالح هذه الإدارة للسلع الأساسية.
كما تعاني المنطقة من نقصٍ وقلةٍ في المياه الصالحة للشرب وخاصةً في محافظة الحسكة، كذلك الخبز الذي بات يصنع من الدقيق المخلوط من الذرة والقمح والشوفان والنخالة وحتى الرمل، ونهب وتصدير محاصيل 2021، وكانت بالتالي سنة 2022 الأكثر سوءاً منذ 10 سنوات، حتى وصل الحال إلى نفوق أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية بسبب عدم هطول الأمطار وعدم توفر أي مخزون من العلف.
لم تقم هذه الإدارة ببناء أي مشروع أو أي مؤسسات ومقرات جديدة، فهي لازالت تستخدم جميع المباني والمقرات التابعة للدولة بما في ذلك المدارس لأنشطتها. ولم تنجح هذه الإدارة بإحداث أي أبنية أو تطوير في البنية التحتية، أو إيجاد حلول لمشكلات المياه، أو تطوير محطات معالجة مياه أو شبكات كهرباء جديدة. وبقي الحال على ما هو عليه منذ عام 2011 ويزداد سوءاً.
أوجه الفساد في المؤسسات المدنية والخدمية الأخرى لا حصر لها، وحوادث سرقة الأموال من قبل مسؤولين وكوادر عسكرية للأموال والهرب خارج المنطقة هو أمر متكرر الحدوث، ومن أبرز القطاعات في الفساد هي البلديات، التي باتت بمنزلة مراكز لتبييض الأموال، خاصةً تلك التي تتبرّع بها جمعيات ومؤسسات أجنبية، تحت بند “إعادة الإعمار” ليتمّ اختلاس عشرات أضعاف المبلغ الذي يتمّ صرفه فعلياً على مشاريع شكلية، وجعلها موارد أساسية واحتياطية للإدارة.
كلّ هذا يقضي على فرص بقاء الشعب الكُردي في كُردستان سوريا، و يؤدّي الى هجرته من مناطقه و بالتالي إلى التغيير الديمغرافي.