“مجموعة مهام مستقبل العراق” الأمريكية: على واشنطن ألا تعادي استقلال كوردستان
Yekiti Media
طالبت “مجموعة مهام مستقبل العراق” الأمريكية، في تقرير لها، الإدارة الأمريكية بلعب دور واضح ومؤثر للتقريب بين أربيل وبغداد في أوقات الأزمات والمشاكل بين الطرفين، وألا تقف مع طرف ضد الآخر.
يأتي هذا التقرير في وقت أبدت فيه واشنطن موقفها من استفتاء استقلال إقليم كوردستان، وطالبت بتأجيله.
التقرير الذي جاء تحت عنوان “تحقيق استقرار دائم وضمان القضاء على داعش”، أشرفَ عليه السفير الأمريكي السابق لدى العراق، رايان كروكر، ويسلط الضوء على مستقبل العراق بعد داعش، وأسباب تحقيق الأمن والاستقرار الدائمين، وقطع الطريق أمام عودة التطرف.
وسبق لرايان كروكر أن عمل سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في كل من العراق، أفغانستان، باكستان، سوريا، الكويت، ولبنان، ويقول في جزء من تقريره، إن “الحكومة العراقية تسعى حالياً لتحرير كافة أراضيها من داعش بدعم من واشنطن، وسنتحدث في هذا التقرير عن استراتيجية يمكن من خلالها تحقيق نصر كامل على داعش، وضمان دائم للأمن القومي الأمريكي”.
أما أعضاء المجموعة فهم، المدير التنفيذي، نسيبة يونس، كبيرة باحثين غير مقيمة في المجلس الأطلنطي، وزميل مشارك في تشاتام هاوس، اللواء المتقاعد مايكل باربيرو، نائب رئيس الأركان السابق للعمليات الاستراتيجية والقوات متعددة الجنسيات بالعراق، بن كونابل، الرائد البحري متقاعد، وكبير محللي السياسات الدولية بمؤسسة راند، توبي دودج، مدير مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، سرهانج حما سعيد، مدير برامج الشرق الأوسط بمعهد الولايات المتحدة للسلام، كاوا حسن، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد إيست ويست، فالح عبد الجبار، رئيس معهد العراق للدراسات االستراتيجية ببيروت. السيد/ سجاد جياد، المدير العام لمركز البيان للتخطيط والدراسات ببغداد، رعد القادري، كبير مديرين مركز تأثير الطاقة بمجموعة بوسطن الاستشارية، نبراس كاظمي، باحث زائر بمعهد هدسون، مايكل نايتس، باحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، دينيس ناتالي، كبير الباحثين بجامعة الدفاع الوطني، دوغلاس أوليفانت، المدير السابق لمكتب العراق بمجلس الأمن القومي الأمريكي، وكبير الباحثين بـمركز أمريكا الجديدة، كينيث بوالك.
بالإضافة إلى كبير الباحثين بمركز سياسات الشرق الأوسط، بمؤسسة بروكينجز، حسين قراغولي، كبير المديرين، والمصرفي المتخصص في الاستثمار بالعراق والشام والخليج، حارث القروي، الباحث بمركز التاج لدراسات الشرق الأوسط، بجامعة برانديز، ناثانيال رابكين، مدير تحرير مجلة السياسة العراقية من الداخل، أحمد علي، الباحث المستقل، جاريث ستانسفيلد، أستاذة سياسات الشرق الأوسط، ورئيسة مركز القاسمي لدراسات الخليج العربي في جامعة إكستير، كريستين فان دن تورن، مديرة معهد الدراسات الإقليمية والدولية بالجامعة الأمريكية في السليمانية، نيلز وورمر، ومدير مكتب العراق وسوريا بمؤسسة كونراد-أديناور.
ويكشف التقرير أن “مجموعة مهام مستقبل العراق” الأمريكية منهمكة في التحقيقات الدقيقة والمعمقة منذ عام 2016، لمعرفة كيفية الحفاظ على المصالح الأمريكية الدائمة في العراق.
ولهذا الهدف، أجرت المجموعة زيارات لبغداد، أربيل، السليمانية، النجف، عمان، وبرلين، كما عقدت اجتماعات في واشنطن مع سياسيين عراقيين ورجال دين وممثلين عن المجتمع المدني، وخبراء أجانب.
كما يشير التقرير إلى أنه لم تعد هناك حسن نية ولا ثقة بين أربيل وبغداد، وأن إقليم كوردستان يعتبر نفسه ضحية، في حين تعتقد بغداد أن إقليم كوردستان يستغل الأوضاع السيئة، إلا أن قطع العلاقات لا يخدم الطرفين، كما لا يخدم واشنطن.
ويؤكد التقرير أنه لا شكّ في أن غالبية الكورد يدعمون دولةً مستقلة، إلا أن هناك مشاكل داخلية كوردية حول توقيت وكيفية تأسيس هذه الدولة، وفي الوقت ذاته يرى الكورد أن من الضروري أن تكون لديهم علاقات جيدة مع بغداد، وأن يفترقا بطرق سلمية.
وحول المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، أشار التقرير إلى احتمالية نشوب قتال بين الطرفين، الأمر الذي يجعل من واشنطن صاحبة العلاقة بهذا الخصوص.
ويشير ذلك إلى احتمال وجود عمليتين متداخلتين: واحدة طويلة الأجل لمعالجة القضايا المرتبطة بإنشاء دولة مستقلة، مثل الحدود، والنفط، ووضع كركوك وغيرها من الأراضي المتنازع عليها، فيما ستركز العملية الأخرى التي تعمل على المدى القريب على إدارة التحديات العاجلة مثل توزيع عائدات النفط، والتعاون الأمني بعد هزيمة تنظيم داعش، والحفاظ على الهدوء في الأراضي المتنازع عليها، وقد شكلت كل من بغداد وحكومة إقليم كردستان عدداً من اللجان المشتركة على مر السنين، وكان بعضها يعمل بشكل أفضل من بعض، وأعلن كلاهما بالفعل عزمهما على إنشاء لجان لمناقشة الانفصال.
من وجهة نظر اقتصادية، فإنه من المنطقي لحكومة إقليم كوردستان أن تعيد صياغة صفقة فعالة لمشاركة العوائد مع بغداد، وبغداد أيضاً تقف مستفيدة من الانخراط مع حكومة إقليم كوردستان، باعتبارها مركزاً مستقراً نسبياً للاستثمار الدولي، وكطريق للتجارة مع جيران العراق،و كما تمت ملاحظته سابقاً، فمن المحتمل أن تشتعل حرب أهلية في الأراضي المتنازع عليها، ومن الضروري أن يتم التوصل إلى حل كامل، بيد أن خطوات هذه القضية قد تستغرق وقتاً طويلاً، والفورية ستكون حاسمة لتجنب إطلاق العنان لسلسلة أخرى من الحروب الأهلية في العراق، في حين أن التسوية الكبرى بشأن تقاسم الإيرادات والأراضي المتنازع عليها يجب أن تكون – بالضرورة – جزءاً من العملية.
إن من شأن الاتفاقات الأمنية المشتركة بين قوات الأمن العراقية والبيشمركة في المناطق المتنازع عليها، أن تضمن عدم تصاعد النزاعات المحلية، وكذلك يمكن أن تتحمل بغداد المزيد من عبء رعاية النازحين الفارين من صراع تنظيم داعش، الذين يتواجدون بشكل كبير في الأراضي الكوردية، وقد توافق كل من بغداد وحكومة إقليم كوردستان على سحب القوات من مجتمعات الأقليات التي ترغب بتحقيق قدر أكبر من الحكم الذاتي، وفي حفظ الأمن فيها من خلال شرطة محلية، ويمكن كذلك لبغداد وحكومة إقليم كوردستان التنسيق بشأن السياسة الخارجية من أجل تحقيق نتائج أفضل.
وزادَ التقرير أن الولايات المتحدة ستكون الطرف الوحيد الذي يثق به كل من بغداد وحكومة إقليم كوردستان لتوجيه هذه الجهود على المدى الطويل والقصير، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تستخدم مساعدتها المستمرة بشكل استراتيجي لتشجيع التعاون بين حكومة إقليم كوردستان وبغداد، على سبيل المثال من خلال دعم مشاريع البنية التحتية المشتركة في المناطق المتنازع عليها التي تخدم الاحتياجات المحلية.
فضلاَ عن إيجاد حوافز للتعاون المستمر بين الجانبين، ويمكن أن يحاول الطرفان تجاوز الإدارة المستمرة للأزمات والتوجه نحو حالة من العلاقات الإيجابية، كما يجب على الولايات المتحدة وشركائها الاستمرار في إعادة صفقة تقاسم العائدات بين أربيل وبغداد، ويمكن لواشنطن أيضاً أن تشجع حكومة إقليم كوردستان على حساب قيمة الصادرات بالتحويلات الاتحادية، كما تحتاج الأحزاب السياسية الكوردية المتنافسة لصياغة طلب وحيد من بغداد.
وسبق للرئيس السابق لشركة نفط الجنوب التابعة للدولة، جبار اللعيبي، وهو شخصية تكنوقراطية، أن أدلى ببيانات تصالحية بشأن حكومة إقليم كوردستان، وذلك منذ توليه منصب وزير النفط، كما يمكنه أيضاً أن يكون شريكاً حيوياً في جهود التوصل إلى حل.
وبالإضافة إلى ذلك، تشير الضغوط المالية في إقليم كوردستان إلى أن الإقليم حريص على التوصل إلى اتفاق مع بغداد، وعلى كل من الولايات المتحدة والتحالف المنخرط في العراق أن يسعيا إلى الاستفادة من هذا الانفتاح المحتمل، عن طريق مواصلة الضغط على كلا الجانبين من أجل التوصل إلى تسوية مستدامة، ومن المرجح أن تتطلب مثل هذه التسوية اعتراف بغداد بواقع استمرار صادرات النفط الكوردية المستقلة، وهو أمر ذو أهمية رمزية لحكومة إقليم كوردستان في سعيها لتقرير المصير، واستعادة التحويلات المالية من بغداد.
ربما يتطلب من حكومة إقليم كوردستان أن تبذل جهداً واعياً لوضع نفسها كشريك مساهم داخل الدولة العراقية، وذلك على المدى القصير على الأقل، ويمثل انعكاس الرغبة الكوردية في الاستقلال إحباطاً عربياً عراقياً، خصوصاً إزاء نية حكومة إقليم كوردستان المعلنة بالبقاء في العراق فقط، طالما أن ذلك يمثل شبكة مالية إيجابية بالنسبة لها، ويؤدي هذا الأمر إلى زيادة التساؤل حول سبب رغبة بغداد في أن يظل إقليم كوردستان جزءاً من البلاد، وستؤثر قدرة الطرفين على إدارة المسائل قصيرة الأجل على كيفية تنفيذ عملية طويلة الأجل، ويمكن تحقيق مجموعة ناجحة من النتائج الإيجابية، ولكن نظراً لتعقيد وحساسية هذه القضايا، سيكون ذلك صعباً للغاية، ولذلك فمن الضروري وجود انخراط أمريكي متواصل مع كلا الطرفين، فكما هو الحال مع نقل السلطة، ينبغي على الولايات المتحدة أن تتخذ موقفاً لصالح الاستقلال الكوردستاني أو ضده، ولكن ينبغي عليها القيام بمساعدة الأطراف قدر الإمكان في تحقيق الأهداف التي وضعوها لأنفسهم.
وطالبت المجموعة في تقريرها، الولايات المتحدة الأمريكية بعدم دعم طرف على حساب الآخر أثناء حلّ الأزمات، وأن تبدي موقفاً إيجابياً بخصوص استقلال كوردستان.
كما طالب التقرير الإدارة الأمريكية بعدم تكرار خطأ عام 2011، حيث قررت الإدارة آنذاك سحب قواتها من العراق، وتركه وسط أزمة عاصفة، وأن يكون لها حضور قوي في العراق لكي لا تترك الساحة لإيران والجماعات المتطرفة.
Rudaw