مسيحيو بيث نهرين في عهد الاتحاد المللي
إعداد: أنطون قس جبرائيل
ــــــــــــــ
ستوكهولم – السويد 2023م.
تتمة العدد السابق, الجزء التالي:
٥- إبراهيم باشا المللي
ولد حوالي عام ١٨٤٥م وترعرع في ويرانشهر، وتزوج من خنسة باشا وهي كردية من عشيرة خلجان المللية من عائلة الداوود، كما تزوج من شمسة باشا وهي عربية من قبيلة (جيس) من بيت العثمان ، وقد قابله الكثير من الرحالة والسفراء والقناصل الأجانب وكتبوا عنه ، ومنهم اوبنهايم الذي قال: “ينحدر إبراهيم باشا من سلالة قديمة من الأمراء البدو الذين غزوا ممالك وأسسوا سلالات ملكية…” ، إلاَّ أن وصف السير مارك سايكس له يبقى الأكثر تميزاً حيث قال:
” كان إبراهيم باشا شخصية عجيبة حقاً، فكان بلا شك قائداً طبيعياً للرجال يمتاز بقدرة عجيبة على ضبط النفس كما هي صفات أولئك الرجال الذين اختبروا الجوانب الأكثر قسوة وإضطراباً في الحياة ” .
ويتابع مارك سايكس القول:
” ….. وافصح الباشا خلال الحديث عن معرفة مدهشة ودقيقة بشؤون وأحداث أوروبا…. وكان الناس الذين يحيطون به ينتمون إلى شتى العناصر والمذاهب…. انخرط إبراهيم مع رؤساء أكراد آخرين في سلك قوات الحميدية ، ورفعت رتبته إلى مير ميران وأعطي لقب الباشا بعد قيامه بزيارة إلى استنبول بعد هذا اخذت سياسته تأخذ طابعاً أكثر جرأة فبدأ يقاوم البدو ويشجع النصارى على النزوح إلى ضواحي ويرانشهر… وفي الوقت الذي كان رؤساء قبائل أخرى منهمكين في نهب وقتل الأرمن كان إبراهيم باشا يحمي المسيحيين من كل النحل والمذاهب.
وقد قُدر أثناء المذابح التي ذهب الأرمن ضحيتها، بأن إبراهيم أنقذ عشرة آلاف أرمني من الهلاك ” .
وعن تميزه بالعدالة يقول عبد الكريم بهجت :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– المصدر عائلة الباشات.
– ماكس فون اوبنهايم، قصة قصيرة بعنوان إبراهيم باشا أمير بدوي حياته ومماته، إرشيف اوبنهايم.
– مارك سايكس، الآثار الكاملة للدكتور أحمد عثمان أبو بكر، جزء 1 إعداد الدكتور آزاد عبيد صالح ص 181 مرجع سابق.
– د. أحمد عثمان أبو بكر، أكراد المللي وإبراهيم باشا {أحاديث مارك سايكس}.
“ولما انتشرت أخبار عدالته وصولته في مدائن رها (أورفة) وماردين وديار بكر صار أبناء المسيحيين والمسلمين يتقاطرون أفواجاً مع عيالهم إلى قضاء ويرانشهر مركز إبراهيم باشا المللي ويسكنون ويتاجرون فيها آمنين على أموالهم”
ويقول باروت:
” وأصبح القناصل الأجانب… يهتمون ببناء علاقة مباشرة به، ويدعونه إلى زيارتهم في حلب… وكان إبراهيم باشا، من جانبه ملاطفاً للأوروبيين بثبات، و حريصاً على كسب ثقة المسيحيين المحليين الذي اخذت أعداد متزايدة منهم في الإستقرار والتمتع بالحماية في عاصمته ويرانشهر” .
وقد منحه السلطان العثماني لقب (أمير أمراء الكرد) ، ونتيجة إستفادته من فائض إنتاج القمح في ديار بكر في زمن الندرة العالمية والعثمانية وغيرها من الموارد أصبح ثاني أغنى رجل في الشرق بعد السلطان عبد الحميد الثاني.
وقد تحدث عنه إيف ترنون قائلاً :
“……… وقبيلة الملّي يرأسها إبراهيم باشا. وهذا الأخير هو اليوم الأقوى من جميع الرؤساء الأكراد في هذه المقاطعة. فقد كان غنياً جداً ، ذكياً ، داهية ، وكان بخاصة محمياً من (الباب) ……. كان يسود ناحية فيرانشيهير ”
وقد ذكر الرحالة السويدي أليكس (Alexis) الذي زاره مدى عظمته … ووصفه من لحظة دخوله إلى خيمته، وجلوسه فوق كرسي مغطى بجلد أسد … وكان السجاد فوق الأرض مخصصاً لجلوس الضيوف، والمرشد كان أرمنياً …. ويذكر كيف يريد الباشا أن تتمتع المنطقة بالحرية والسلام ….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– المرجع السابق: د. أحمد عثمان أبو بكر ص185 ، مرجع سابق.
– مرجع سابق، محمد جمال باروت ص98 ، مرجع سابق.
– محمد جمال باروت مرجع سابق ص٩٠.
– إيف ترنون ، ماردين دراسة تحليلية لإبادة عام 1915 ، ص .83
– د. أحمد محمد أحمد، أكراد الدولة العثمانية، تاريخهم الاجتماعي والإقتصادي، والسياسي، أربيل 2009م ، ص 312.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “322“