مشروع قرار غربي حول سورية في مجلس الأمن
بعد ساعات على الضربات الجوية، تقدّمت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا أمس (السبت) إلى شركائها الـ 12 الأعضاء في مجلس الأمن بمشروع قرار، يتضمن إنشاء آلية تحقيق جديدة حول استخدام الأسلحة الكيماوية.
ومشروع القرار المشترك للدول الغربية الثلاث يدعو أيضاً إلى إيصال المساعدات الإنسانية وبدء محادثات سلام سورية برعاية الأمم المتحدة. وتشير هذه الخطوة إلى سعي الغرب إلى العودة إلى الديبلوماسية بعد توجيهه ضربات لليلة واحدة لمواقع، قال إنها مرتبطة بالبرنامج الكيماوي السوري.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اقتراح مشروع قرار داخل مجلس الأمن يجمع الجوانب الكيماوية والإنسانية والسياسية للنزاع السوري المستمر منذ أكثر من سبع سنوات.
وقالت مصادر ديبلوماسية إن المفاوضات حول النص يفترض أن تبدأ الاثنين. ولم يتم حتى الآن تحديد موعد للتصويت على النص.
وقال ديبلوماسي، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الهدف «ليس تغيير معادلات ولا تجميع نصوص موجودة أصلاً، بل البرهنة على أن التدخل العسكري الغربي في سورية هو في خدمة استراتيجية سياسية».
ويشمل مشروع القرار إنشاء «آلية مستقلة» للتحقيق في المعلومات عن استخدام غازات سامة في هجمات في سورية بهدف كشف مرتكبيها وتحديد المسؤوليات «على أساس مبادئ الحياد والمهنية».
ويدين مشروع القرار «بأشد العبارات أيّ لجوء إلى الأسلحة الكيماوية في سورية وخصوصاً هجوم السابع من نيسان (أبريل) في دوما». كما يدعو سورية إلى التعاون الكامل مع المنظمة الدولية حظر الأسلحة الكيماوية.
ووزع مشروع القرار على الدول الـ15 الاعضاء في مجلس الأمن بعد أقل من 24 ساعة على سلسلة الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سورية لمعاقبة النظام السوري الذي تتهمه بهجوم كيميائي مفترض في السابع من نيسان (ابريل) في دوما بالقرب من دمشق.
وتنفي روسيا وسورية أن تكون أسلحة كيماوية استخدمت في هذه البلدة الواقعة في الغوطة الشرقية. ويدعو مشروع القرار أيضاً إلى تطبيق قرار وقف اطلاق النار الذي تم تبنيه في شباط (فبراير) ويطلب من «السلطات السورية الدخول في مفاوضات سورية – سورية بحسن نية وبطريقة بنّاءة وبلا شروط مسبقة».
وهذه المفاوضات التي أخفقت حتى الآن، ينبغي أن تتناول الحوكمة ومسألة الدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب واجراءات لاحلال الثقة.
وفي مجال المساعدات الإنسانية، يبدأ النص بدعوة إلى «وقف مستدام لإطلاق نار» ويدعو كل الدول الاعضاء إلى استخدام نفوذها لتطبيق وقف إطلاق النار. ويطالب أيضاً «بايصال المساعدات الإنسانية من دون قيود في كل أنحاء سورية وبإمكان القيام بعمليات اجلاء طبي وفقاً للاحتياجات والحالات العاجلة».
وأخيراً يدعو مشروع القرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تقديم تقرير عن تطبيق هذا النص في غضون 15 يوماً من تبنيه.
ويرى الغربيون أن عمليتهم العسكرية فجر السبت في سورية بقيت «محدودة». وقال ديبلوماسي غربي إن رد فعل روسيا «جاء في الحد الادنى»، ملمحاً إلى امكان التعاون مع موسكو في شأن قرار جديد.
وجاء تقديم النص غداة اجتماع عاصف لمجلس الأمن دعت إليه روسيا التي وصفت العملية الغربية ضد سورية بـ«العدوان» وطلبت إدانتها. إلا أن مشروع القرار لم يحصل على تأييد أكثر من دولتين هما الصين وبوليفيا، بينما اعترضت 8 دول على النص وامتنعت 4 اخرى.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة نيكي هايلي انها واثقة من أن الضربات العسكرية عطلت برنامج الأسلحة الكيماوية السوري. وحذرت من أن الولايات المتحدة «مستعدة لشن ضربات مجدداً إذا وقع هجوم كيماوي جديد» في سورية.
واتهم السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا الغرب بـ «الهمجية» وطلب أن «يوقف أعماله ضد سورية فوراً والامتناع عن القيام باعمال جديدة في المستقبل». وقال: «أنتم لا تضعون أنفسكم فوق القانون الدولي بل تحاولون إعادة كتابة القانون الدولي».
ومنذ بداية العام لم يتخذ مجلس الأمن أي موقف بالاجماع إلا مرة واحدة في شأن سورية للمطالبة بوقف لاطلاق النار.
وقال سفير بريطانيا ان «الضربات محقة وقانونية، وهدفها تخفيف المعاناة الانسانية في سورية».
وكان مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أكد في تصريح نقلته وكالة الانباء السورية (سانا) أن «سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا ادعوا أنهم قصفوا مراكز انتاج مواد كيماوية في سورية، فلماذا لم يتشاركوا في ادعاءاتهم مع خبراء منظمة الأسلحة الكيماوية التي وصلت بعثتها إلى سورية؟»
وأضاف أنه «تم تأخير وصول بعثة محققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يوما كاملا لتنفيذ العدوان اليوم»، مشدداً «لن نسمح لأي تدخل خارجي أن يرسم مستقبل سورية»، مؤكداً أن «سورية وحلفاؤها وأصدقاؤها وهم كثر يتكفلون بالرد على العدوان الغاشم الذي وقع صباح اليوم على بلادي سورية».
ولفت الجعفري إلى أن «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قررت التدخل بشكل مباشر، انتقاما لهزيمة أذرعهم الإرهابية الوكيلة في الغوطة»، مؤكدا أن «سورية مارست حقها الشرعي بالدفاع عن النفس وصد العدوان الآثم، حيث تصدت منظومات الدفاع الجوي السورية لصواريخ العدوان الثلاثي».
وأوضح الجعفري أن «الدول الغربية مهدت لعدوانها الغاشم بإصدار تصريحات عدوانية من كبار مسؤوليها، تقول فيها ضمنا إن ذريعتها الوحيدة لمنع تقدم الجيش العربي السوري في مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة، هي مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية».
وأضاف أن «المجموعات الإرهابية عملت في سباق مع الزمن على فبركة مسرحية استخدام المواد الكيماوية في دوما، واستجلبت شهود الزور وتلاعبت بمسرح الجريمة المزعوم».
من جهته، اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أنه بعد الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سورية، على مجلس الامن «ان يستعيد الان، موحداً، المبادرة على الصعد السياسية والكيماوية والانسانية».
واشاد ماكرون، الذي تشاور هاتفيا مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بـ «التنسيق الممتاز لقواتنا مع قوات حلفائنا البريطانيين والاميركيين خلال العملية ضد القدرات الكيماوية للنظام السوري التي حققت اهدافها»، وفق بيان للاليزيه.
واضافت الرئاسة الفرنسية «على مجلس الامن أن يستعيد الان، موحداً، المبادرة على الصعد السياسية والكيماوية والانسانية في سورية، لضمان حماية السكان المدنيين، وليستعيد هذا البلد السلام في نهاية المطاف».
وتابعت «حول كل من هذه الموضوعات، تستمر فرنسا في تقديم الاقتراحات والتحرك كما فعلنا ذلك منذ 11 شهرا». وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قالت اليوم إن «الضربات الجوية التي نفذتها قوات أميركية وبريطانية وفرنسية شلت برنامج الأسلحة الكيماوية السوري، وإن كل الصواريخ التي أطلقت أصابت أهدافها»، فيما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن «المهمة أُنجزت».
ونشرت سورية مقطعا مصورا يظهر أنقاض معمل أبحاث تعرض للقصف، لكنه يظهر أيضا الرئيس بشار الأسد أثناء وصوله لمكتبه المعتاد مع عنوان مرافق للمقطع يقول «صباح الصمود».
وكانت روسيا وعدت بالرد على أي هجوم يعرض قواتها للخطر، وقالت إن «الدفاعات الجوية السورية اعترضت 71 صاروخاً».
من جهته، قال البنتاغون إن «سورية أطلقت 40 صاروخاً غير موجه أرض – جو، لكن بعدما كانت الضربات الغربية انتهت».
الحياة