آراء

معزوفة التقسيم و الإنفصال الكردي

مروان سليمان
لا تزال الأصوات التي تعتبر نفسها بمثابة المعارضة في سورية تلعب نفس الدور للنظام و تعمل تحت نفس الشعارات تحت غطاء الوحدة الوطنية و تعزيز الجبهة الد اخلية ، مما يعني نسيان هموم المواطنين أو حتى معاد اة المواطن السوري لصالح ما يقوم به النظام ضد هذا الشعب من قمع وظلم وإعتقالات و تعذيب حتى الموت في زنزانات أجهزة الأمن و مخابرات النظام السوري و الذ ي لم يعد خافياً على أحد و مشهود له على هذه الجرائم ، د ون حسيب أو رقيب ، لا بل يتم ترقية أزلام النظام حسب نوع الجرم الذي يرتكبه .
فالمعارضة في سورية هي معارضة بالإسم و الشكل فقط أما في المضمون فهي لا تختلف عن النظام بل و حتى أسوأ منه إبتداءً بالقوميين و إنتهاءً بالشيوعيين و المقصود هنا أحزاب ما تسمى بالجبهة الوطنية التقد مية ( مع التشكيك في الكلمتين الأخيرتين )، و هيئة التنسيق الوطنية …..الخ من هذه الأسماء و التي هي عبارة عن أحزاب كرتونية شكلية خالية من القاعدة الجماهيرية و تتمثل فقط في القياد ات و التي أصبح شكل هذه القياد ات منبوذاً في الشارع السوري لأنها قياد ات وراثية أبد ية مثلها مثل البعث الحاكم و التي لها مصالح شخصية مع النظام السوري ، و التي كل همها سرقة و نهب أموال الشعب بمشاركة النظام الذي يعمل فوق كل هذا على إسلوب القمع و التنكيل و القتل الجماعي بحق هذا الشعب، فهذه الأحزاب هي بعثية في صميمها إن لم نقل أكثر بعثية من البعث نفسه .
فالمعارضة في سورية معارضة مشتتة وهي لا تتبنى أي مشروع سياسي ، فهي من ناحية منقسمة على نفسها و متناقضة مع بعضها البعض ومن ناحية أخرى لا يوجد شكل تنظيمي لهذ ه المعارضة و إن بدت في بعض الحالات اسم أو أسماء و لكن سيطرة أصحاب الفكر الشوفيني الكلاسيكي عليها جعلها تخرج من إطارها المعارض و وضع نفسها لتنفيذ ما يطلبه الخارج و ما تصريحات خالد الخوجة التركي رئيس الإئتلاف السوري عن الكرد إلا تناغماً مع أردوغان التركي الرافض لأي إشارة للوجود الكردي في سوريا فهي معارضة تابعة للغير بإمتياز، فهل أصبحنا أمام أفول نجم مثل هذ المعارضات؟.
وكان من المفروض أن تقوم هذه التشكيلات المعارضة بالتنسيق فيما بينها في سبيل رفع الظلم و المعاناة عن هذا الشعب ، و هذا يتطلب تكاتف و تضامن الجميع في وجه النظام في سبيل تحقيق العدالة بجميع أنواعها ( السياسية و الإقتصاد ية و الإجتماعية) ولكن في الحقيقة إنها ليست تشكيلات معارضة للنظام أو لمشاريعه العنصرية التصفوية ، و إنما هم معارضون لأي نظام د يمقراطي يطال الد ولة السورية لصالح الشعب السوري ،لأن مصالحهم متقاطعة مع مصلحة النظام في غض النظر عن الجرائم التي يقوم بها النظام مقابل البقاء في مناصبهم ، وكل هذا و الحجة هي تقوية الجبهة
الداخلية في سبيل الد فاع عن الوطن ( عفواً عن النظام) وقمع الشعب السوري من جميع النواحي السياسية و الإقتصادية والإجتماعية،و المعارضات السورية و النظام مختلفون في كل شئ ولكنهم متحدون في معاداتهم لحقوق الكرد.
فالمعارضة تلهث وراء الأنظمة في سبيل تحقيق بعض المكاسب و لو موقفاً من أجل تلميع صورتها فنجد البعض متناغم قطرياً أو سعودياً أو تركياً و في النهاية روسياً و إيرانياً و الجميع يرضخون لمطالب الخارج على حساب الشعب السوري في سبيل إطالة عمره و الحفاظ على المناصب التي كسبوها بدماء الشعب و جميع قوى المعارضة تتبارى في سبيل إرضاء أسيادهم من الأنظمة الأقليمية التي لها مصالح في بقاء الوضع السوري هكذا إلى ما لا نهاية.
الثورة السورية و لو أن عمرها كان قصيراً و لكنها في الوقت نفسه كشفت من يقف في المكان الصحيح في مواجهة السلطة بشكل صحيح و بالدم و المال و العرض و من كان يتاجر بالقضية السورية سواء في المحافل الدولية أو على الساحة المحلية و هذا ما جعل النظام يتمادى أكثر في غيه و إرتكاب مجازر تلوى المجازر و أن لا يحسب حساباً لأصحاب المصالح الآنية.
فالمعارضة السورية حتى الآن لم تخلع ثوب التبعية سواء في الداخل للنظام السوري و حلفائه أو المعارضة في الخارج التابعين للأنظمة و الدول الأقليمية و القوى الكبرى، و بما أنه لا توجد حسن النوايا لدى أقطاب المعارضة و حتى في داخل القطب الواحد و في ظل التشكيك بالآخر سيبقى الوضع السوري متأزماً و ينزف الدماء السورية من أجل مصالح الغير.
10.02.2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى