ملفات و دراسات

مناهج PYD ايديولوجية تعارض اتفاقية مكافحة التمييز في مجال التعليم

اعداد: برزان شيخموس

التهجير أضحى السمة الابرز التي يُعاصرها الكرُدي بعد ما يزيد عن أربع سنوات على فسحة الامل التي لاحت في الافق عبر ثورة الكرامة في سوريا, التهجير الذي بات لزاماً وفرضاً, عبر فرمانات وقرارات تصدرها إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD, التي ادّعت انها ستقي المنطقة من شر نظام الاسد وبراميله عبر مسلكها الخط الثالث الذي بدا هلامياً على العكس من المعلن فالمنطقة تشهدُ فراغاً وتغييراً ديمغرافياً يضاهي نظيراتِها التي استهدفت بالبراميل وأفتك الأسلحة المتطورة.
فبعد الضرائب والتجنيد الإلزامي الذي أفرغ المنطقة من قواها الشابة, يجهد منظري وفقهاء إدارةPYD بالبدء بالمرحلة الثالثة للتهجير والتي تعد الأخطر كونها تستهدف الاسرة نواة المجتمع, عبر فرض مناهج ايديولوجية هشة ليست من إعداد خُبراء ولم تخضع للتّقييم والتجربة وسيقوم بتدريسها كادر لم يحظى بفرص دخول الجامعات أو معاهد إعداد المعلمين , كل هذا تحت يافطة إدراج اللغة الكردية واللعب من جديد على العامل  العاطفي وضرورة التعلم باللغة الأم, عازلة جميع المكونات كلٌ وفق منهاج وفي صفوف متباعدة سينعم فيها المكون العربي دون سواء .
رغم كل المأخذ والعيوب على المنهاج المطروح والكادر المعد الذي سيشرف على التدريس , يعد هذا المنهاج والطريقة الالزامية التي يفرض به خرقاً لاتفاقية مكافحة التمييز في مجال التعليم والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 14 كانون الاول 1960ا+
والذي ينص في مادته الاولى:
لأغراض هذه الاتفاقية, تعني كلمة “التمييز” أي ميز أو استبعاد أو قصر أو تفضيل على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين, أو الرأي سياسي وغير سياسي, أو الأصل الوطني أو الاجتماعي, أو الحالة الاقتصادية أو المولد, يقصد منه أو ينشأ عنه إلغاء المساواة في المعاملة في مجال التعليم أو الإخلال بها, وخاصة ما يلي:
أ- حرمان أي شخص أو جماعة من الأشخاص من الالتحاق بأي نوع من أنواع التعليم في أي مرحلة.
ب- قصر فرص أي شخص أو جماعة من الأشخاص على نوع من التعليم أدنى مستوى من سائر الأنواع.
ج- إنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات تعليمية منفصلة لأشخاص معينين أو لجماعات معينة من الأشخاص.
لعل كل ما سلف ما هو إلا ايضاحات وتبيان على سبق ترصد وإصرار ممن يعمل في كواليس ظلماء بغية تهجير الشعب الكردي من أرضه التاريخية بعد أن فشل خلال أربع عقود من تغيير ديمغرافيته رغم مشاريعه وقراراته الاستثنائية, ولتسليط الضوء على هذا الموضوع التقت جريدة يكيتي مع مدرسين مختصين وذوي التلاميذ والطلبة.

مناهج ايديولوجية هشة تفتقد الى أدنى مقاييس المعرفة

“لقد حرصت الدول والمجتمعات الراقية على الاهتمام بجودة التعليم العام بغية تخريج متعلم لا يقل تكوينه المعرفي والمهاري عن تكوين غيره في الدول المتقدمة, وباعتبار أن المناهج التربوية هي إحدى ركائز النهوض والتنمية في المجتمعات فلابد لأية حكومة أو إدارة كانت أن تعتمد على أحدث المعايير والمدخل في مشروع بناء مناهجها التربوية والتي تتوضح من خلالها الأهداف التعليمية ” هذا ما أوضحه عبدالحميد عليكو الحاصل على الدبلوم في الأدب العربي لجريدة يكيتي, مضيفاً إن مناهج الامة الديمقراطية المفروضة على جغرافية كردستان سوريا  تفتقر إلى أدنى مقاييس الجودة, وبها العديد من الثغرات التربوية والنفسية وتطغى في طياتها الآنية على الرؤية الاستراتيجية ساعية كما دأب الأنظمة الشمولية عبر التاريخ الى أدلجة التعليم وإخضاعه إلى سياستهم الحزبية الضيقة متناسين أن أية خطوة لأدلجة التعليم يعني فشله.
وعن الكتب المدرسية المعدة أشار عليكو ان الكتاب المدرسي الخاص بالأمة الديمقراطية يذخر بصور مقاتليهم وأعلامهم المختلفة وزعيمهم الروحي  (عبدالله أوجلان ) الأمر الذي أقلق العديد من المراقبين في تكريس هذه المناهج للتأثير على التلاميذ وزرع أفكار وايديولوجية الحزب الواحد على خطا حزب البعث العربي الاشتراكي والذي نعاني من سمومه الفكرية إلى يومنا هذا.

الكوادر المعدة خضعت لدورات محو أمية ولا تفقه طرق وأساليب التدريس

وعن الكوادر المعدة للتدريس أفاد عليكو أن معهد إعداد المدرسين في الدرباسية احتضن من (500 الى 600) متدرب على المناهج المفروضة من قبل إدارة  الأمة الديمقراطية وتبين لاحقا أن العديد منهم لا يحملون شهادات تؤهلهم لهذا العمل باستثناء إخضاعهم إلى دورات مكثفة لتعلم اللغة الكرُدية وهذا ما يسمى حرفياً في اللغة العربية( بمحو الأمية ).
المدرس المختص استعرض حديثه عن الكادر التدريسي قائلاً” هؤلاء  لم يسمعوا  بطرائق التدريس المتعارف عليها بين المدرسين ذوي الخبرة ومنها (الطريقة الاستنتاجية والطريقة الاستقرائية والمعدلة والتعليم التعاوني، والعصف الذهني ) بالإضافة إلى أن إدارة الأمة الديمقراطية اشترطت على المنتسبين لمعهد إعداد المعلمين أن يكونوا أعضاء في الكومونات…. وهذان مقترحان من مشروعهم التعليمي الخاص بالمعلمين,  الأول: يجب على جميع المعلمين أن يدرسوا وفق عقلية الأمة الديمقراطية, اما الثاني فيجب على جميع الأعضاء أو المعلمين في القرى والأحياء أن يكونوا أعضاء في الكومونات.

المدرسة المؤسسة التربوية الثانية بعد الأسرة

يذكر الدكتور محمد الطحان في كتاب مبادئ الصحة النفسية ” تعتبر المدرسة المؤسسة التربوية الثانية بعد الأسرة في تحقيق النمو النفسي المناسب للتلاميذ ،فالمدرسة تستقبل التلاميذ في سن مبكر نسبياً وتستمر في تربيتهم لسنوات طويلة من حياته، فلا بد أن تكون بيئة صالحة تساعد على تصحيح الأخطاء، التي ترتكبها الأسرة أحياناً بحقه” وعن ذلك التقت جريدتنا بــ مجدل حاج قاسم رب أسرة من مدينة عامودا لديه تلاميذ في السنوات الدراسية الثلاث الأولى والتي ستخضع لمنهاج الامة الديمقراطية إذ قال ” لعل التعليم باللغة الكردية كان حلماً يراودنا منذ الصغر وتمنينا رؤيته في مدارسنا, لكن ليس بهذا الشكل المفروض من قبل إدارة PYD غير الشرعية والتي لا تمتلك أدنى مستوى في فقه التعليم ولن يكون باستطاعتها احتواء هذه العملية التي تحتاج إلى استكمال جميع المراحل لغاية الجامعة والتي من المفترض أن تكون معترف بها ويمكن لحامل شهادتها العمل بها أين ما شاء”.
حاج قاسم أشار أن الكادر التدريسي يلعب دوراً رائد في تربية التلاميذ تربية سليمة وإعدادهم نفسياً لتلقي العملية التربوية،  وعليهم أن يكونوا قدوة صالحة لتلاميذهم يبعثوا فيهم الطمأنينة والثقة بالنفس وهذا ما يفتقر إليه جلّ مدرسي الأمة الديمقراطية, مضيفاً أنه لا يثق قيد أنملة بهؤلاء المدرسين ووصفهم بأنهم ثلة من الجهلة والمتخندقين حزبياً, وربما هم قد أرسلوا أبناءهم إلى مدارس خاصة لا تدرس فيها مناهج الأمة الديمقراطية.

التهجير يشمل المدرّسين قبل الطّلاب وذويهم

بعد إعداد الكادر التدريسي من قبل إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD بدأت الحيرة والخوف تطفوان  على وجه المعلم المثقل كاهله بالهموم فهو أضحى بين مطرقة الأمة الديمقراطية المفروضة بفوهة البندقية وبين سندان مديرية التربية التابعة للنظام التي تلوح بقطع الرواتب, هذا ما أشار إليه أحد مدرسي مدينة عامودا والذي فضل عدم ذكر اسمه, مشيراً أنهم بالتساوي مع التلاميذ وذويهم مستهدفين بالتهجير, فسلطة الأمة الديمقراطية تفرض قراراتها, في حين أن مديرية التربية تبعث بكتُبها بإغلاق المدارس وتحذير المعلمين والمدرسين من مزاولة مهنتم وفق المناهج المفروضة دون أن تبدي أي نوع من الردع للجهة التي تفرض مناهجها، الأمر الذي يوحي إلى أن اتفاقاً يسري مفعوله بين خصمين للعيان وحليفين من تحت المنضدة.

الخاتمة

يقول الأديب والشاعر الفرنسي فيكتور هوجو” تبدأ الحرية حيث ينتهي الجهل”, الا أن فقهاء ومشرعي الادارة الذاتية يشاهدونه مخطئاً بعد أكثر من قرنٍ على رحيله , فهم يرون أن حريتهم المشوهة تكمن في استعراض مكتسبات هلامية مزيفة قد توحي بنشوة الانتصار للفقراء والمغلوب على أمرهم لتكون على حساب جهل أبنائهم وأعداد أفواج من الجهلاء والأميين سيخسرون أي شيء في المستقبل ولو ملكوا ترسانات العالم العسكرية جمعاء.
 

المادة نشرت في جريدة يكيتي العدد 219

12083655_901722686575845_188018471_n
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى