موت مفاجئ وغامض لضباط كبار بجيش الأسد يثير تساؤلات.. ماذا يخفي النظام؟
Yekiti Media
تتفاجأ وسائل إعلام وصفحات موالية لنظام بشار الأسد على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر، بإعلان النظام المفاجئ عن وفاة ضباط بارزين في صفوف جيشه، وغالباً ما يلحق نعيهم عبارة “في ظروف غامضة”، الأمر الذي أثار استياءً وتساؤلات لكثرة هذه الحالات مؤخراً.
أحد أبرز الضباط بالغوطة الشرقية
ويلف الغموض تفاصيل وفاة ضباط وشخصيات متنفذة في جيش الأسد، كان آخرهم اللواء الركن، أحمد طراف، الذي تولى رئاسة أركان إدارة المركبات بمدينة حرستا في ريف دمشق (إحدى أهم القطع العسكرية للنظام في الغوطة الشرقية)، والذي أعلن النظام عن وفاته نهاية الأسبوع الفائت دون إعلان السبب، فيما قالت صفحات موالية للنظام على مواقع التواصل إنه توفي في ظروف مجهولة.
وأثير الكثير من الجدل حول وفاة طراف بشكل خاص، إذ أنه تعرض للحصار في إدارة المركبات من قبل فصائل المعارضة السورية عندما كانت تسيطر على الغوطة الشرقية نهاية العام 2017 وبداية 2018، وحينها ظل على قيد الحياة رغم الهجوم الكبير عليه على قواته، ومقتل وجرح المئات منهم.
وطراف هو أحد أبرز ضباط النظام الذين اعتمد عليهم في مواجهة فصائل المعارضة بالغوطة الشرقية، ولعبت إدارة المركبات التي كان يقودها دوراً كبيراً في قصف مدن وبلدات الغوطة للضغط عليها مقابل إيقاف الهجمات قد قوات الأسد.
وقال العميد المنشق أحمد رحال في صفحته على “فيسبوك”، إنه “خدم مع طراف لمدة عشر سنوات، وأنه أراد دعم النظام وبقي بالمكان الخطأ”، وأشار إلى أن وفاة طراف قد تكون ناجمة عن تواصله مع فصائل بالغوطة، وأن النظام لم يرد اعتقاله وإحداث بلبلة ولذلك قتله، وفي قوله.
ورأى الخبير العسكري ومدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ، نوار أوليفر، أن هنالك أسباباً عدة لحالات الوفاة الغامضة لضباط كبار في جيش الأسد.
وقال في تصريح لـ”السورية نت”، اليوم الاثنين، إن أحد أبرز هذه الأسباب وجود أنظمة داخل نظام الأسد نفسه، يحكم عملها المصالح وقوة النفوذ، مشيراً إلى أن هذه الوفيات الغامضة قد تكون مرتبطة بحجم نفوذ الشخص المتوفى وما لديه من معلومات حساسة عن النظام.
واستبعد أوليفر أن يكون ما يحدث الآن من وفاة ضباط بظروف غامضة، هو بداية مرحلة “تصفية قادة الحرب” في قوات الأسد، مبرراً ذلك بقوله: “عندما نقول إن النظام بدأ بتصفية قادة الحرب فذلك يعني أنه وصل إلى مرحلة كبيرة من الارتياح العسكري، لدرجة تسمح له بالتخلص من البعض”.
وأضاف: “لكن النظام غير مرتاح حالياً، إذ لا يزال يوجد عدد كبير من الميليشيات الأجنبية، كما أن النظام لا يزال بحاجة إلى قادة حرب لتنفيذ أجندته”.
الوفاة بـ”حادث مروري”!
وينظر موالون بتشكك إلى رواية النظام عندما يعلن عن مقتل أحد ضباطه نتيجة “حادث مروري”، كما حدث مع المقدم مهند كعدي قائد حامية مطار التيفور بريف حمص الشرقي، الذي أعلن النظام عن وفاته يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وقالت صفحات موالية للنظام إن كعدي – الذي ينحدر من مدينة مصياف – توفي جراء حادث مروري على أوتوستراد السلمية – صبورة بريف حماه الشرقي، مشيرةً إلى أنه نجا من ضربات إسرائيلية استهدفت المطار بالصواريخ.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ، إن تكرار رواية “الموت بحادث مروري” أصبحت تثير استياء موالين للنظام، “باعتبارها شماعة تعلق عليها عمليات قتل تجري بحق ضباط من قبل أطراف عديدة، في عمق مناطق سيطرة النظام”.
ومن بين الأسباب التي تحدث عنها سوريون وأنها قد تكون وراء وفاة الكعدي، أنه كان قريباً للغاية من إيران، وأن موسكو وضعته تحت المراقبة عندما أخرجت روسيا القوات الإيرانية من مطار التيفور وحلت بدلاً منها، عقب نصب منظومة صواريخ إس 300.
ويُعتقد بأن كعدي ظل على تواصل وتنسيق مع الإيرانيين من داخل المطار الذي كان مسؤولاً كبيراً فيه وهو ما قد يكون سبباً لتصفيته.
ضباط على علاقة بالكيميائي والصواريخ
ولطالما تعرض نظام بشار الأسد لضغوط كبيرة بسبب ملف الكيميائي، والمجازر التي ارتكبتها قواته باستخدام هذا السلاح، كما حدث في الغوطة عام 2013 التي مات فيها ما لا يقل عن 1500 مدني وأصيب المئات، وخان شيخون في العام 2017 حيث توفي نحو 100 مدني.
وأعلن النظام عن مقتل عدد من ضباطه على علاقة قوية بملف الكيميائي، ووفاة هؤلاء أثارت الكثير من الجدل بسبب ظروف مقتلهم، كالعقيد محمود أشقر المسؤول عن مستودعات السلاح الكيميائي في اللواء 105 التابع لقوات “الحرس الجمهوري، والذي لقي حتفه يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 مع زوجته في العاصمة دمشق.
وكان “حادث سير أليم” هو السبب الذي تحدثت عنه وسائل إعلام وصفحات موالية للنظام لوفاة أشقر الذي ينحدر من مدينة اللاذقية، في وقت ظهرت فيه ترجيحات بأنه قد يكون تعرض للتصفية بسبب معرفته بتفاصيل ملف الأسلحة الكيميائية للنظام، حيث يُعتقد بأن النظام لا تزال لديه ترسانة من الأسلحة الكيميائية في منطقة اللواء 105 يخفيها، رغم إعلانه تفكيك منظومة الأسلحة المُحرمة ونقلها لخارج سوريا.
وفي فبراير/ شباط 2018، أُعلن عن مقتل اللواء أحمد محمد حسينو دون إيضاح ملابسات مقتله، ويشغل حسينو، منصب نائب مدير إدارة كلية الحرب الكيمياوية التابعة لقوات النظام.
ولم يعلن النظام بشكل رسمي عن وفاته، كذلك لم تذكر وسائل إعلام وصفحات موالية للنظام على مواقع التواصل أسباب وفاته، واكتفت بنشر صور عن تشييعه.
وفي أغسطس/ آب الماضي لقي مدير مركز البحوث العلمية التابع لنظام، عزيز إسبر، حتفه بعد استهداف سيارته بعبوة ناسفة في ريف حماه، وهو أحد أبرز الشخصيات المرتبطة بالأسلحة الكيماوية التي يمتلكها النظام، والمرتبطة بإيران.
وإسبر كان متخصصاً في وقود الصواريخ، وفي تطوير الصواريخ البالستية متوسطة وقصيرة المدى، ووصفه موالون للنظام بأنه أحد أبرز العلماء في العلم العسكري بسوريا.
وعلى الرغم من أن فصيلاً بالمعارضة تبنى مقتل إسبر، “إلا أن روايات أخرى كانت تتحدث عن أن إسبر كان مستهدفاً من دول إقليمية، ورغم ذلك لم يوفر النظام له الحماية الكافية”.
ويشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، أدرجت في أبريل/ نيسان 2017 على قائمة سوداء للعقوبات اليوم 271 موظفاً في البحوث العلمية، المسؤولة عن تطوير أسلحة كيمياوية.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن 271 من موظفي المركز السوري للبحوث والدراسات العلمية يعملون كخبراء في الكيمياء أو عملوا دعماً “لبرنامج الأسلحة الكيماوية” للمركز منذ 2012 على أقل تقدير أو يعملون في المجالين.
السورية نت