آراء

مَن المستفيد من ممارسات “جوانن شورشكر “؟

علي تمي/ كاتب وسياسي

بات جلياً للعيان أنّ هذه المنظمة  التي تموّلها جهة معروفة لدى الجميع،  هدفها الأول والأخير هو ضرب الأمن والاستقرار في المناطق الكُردية في سوريا، وعرقلة عقد أي اتفاق – محتمل – بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب “الوحدة الوطنية”  التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي..

الحديث عن مَن المستفيد ومن يموّل هذه المنظمة سيتمّ الكشف عن التفاصيل لاحقاً..

لماذا الهجوم على معبر سيمالكا في هذا التوقيت بالذات ؟
المعلومات المتوفرة تقول بأنّ هناك ضغوطات إيرانية – سورية مشتركة على حزب العمال الكُردستاني لإغلاق معبر سيمالكا الحدودي مع الإقليم ، والعمل على فتح معبر( بديل) – تل كوجر-  مع حكومة بغداد ، حيث أنّ هذا المعبر تسيطر عليه قوات الحشد الشعبي في العراق بطريقة او أخرى ، الرغبة بفتح هذا المعبر هو  مد النظام السوري، وبالتالي حزب الله في لبنان، بالمواد الأساسية من إيران لمنعهما  من السقوط اقتصادياً، والالتفاف على العقوبات  الأمريكية المعروفة باسم قانون قيصر.

المعلومات الإضافية تقول إنّ هناك مفاوضات بين ( واشنطن ، موسكو ، النظام ، قسد ) حول إمكانية شرعنة إدارة قسد ولو بشكل جزئي في شرق الفرات ، من قبل النظام وبضمانة روسية، مقابل فتح معبر  تل كوجر الحدودي  مع العراق لصالح النظام، وإغلاق معبر سيمالكا الحدودي مع إقليم كُردستان، وتسليم ملف النفط وحماية الحدود للنظام، حتى يتمكّن الأخير من التحكم بصادرات وواردات هذه المنطقة، ولقطع هذا الشريان لأهداف سياسية بعيدة المدى ،يطول الحديث عنها في هذا المقال.

واشنطن لديها رغبة بتقليص مهام قواتها في سوريا بالتزامن مع انتهاء الحرب على داعش ، لأنّ مهمة قواتها، بحسب تصريحات التحالف الدولي، تقتصر على محاربة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق ، المعروف باسم داعش، فجميع المعطيات تقول إنّ المستفيد من الهجوم على معبر سيمالكا الحدودي هو للضغط على قيادة الإقليم لإجبارها على إغلاق المعبر، وبالتالي لتدويل هذه القضية دولياً، وإثارة هذه المسائل شعبياً ضد قيادة الإقليم لإحراجه أمام الراي العام، وبالتالي المستفيد الأول والأخير من ممارسات هذه المنظمة في المناطق الكُردية هما النظامان السوري والإيراني ، رغبةً منهما بالضغط على واشنطن للرضوخ لشروطها ولشروط موسكو في سوريا، لأنّ الأخيرة تعتبر نفسها الآمر الناهي في هذا البلد.

هل تطعن منظمة “جوانن شورشكر” قسد من الخاصرة ؟.
من المتعارف عليه في المناطق الكُردية هو أنه كلما دخلت قسد والمجلس الوطني الكُردي  في لقاءات مشتركة ، كلما صاعدت منظمة” جوانن شورشكر ” من أعمالها الإجرامية بحق النشطاء والمدنيين في شرق الفرات أكثر فأكثر ، هذه المنظمة التي تشكّلت خصيصاً من جذورها لطعن قسد من الخاصرة، ولعرقلة  مشروعها ( المفترض) في شرق الفرات ، المقصود  هنا هو المشروع الأمريكي ، بالتالي، إن تعمّقنا أكثر في هذا الموضوع سنجد بأنّ المشاكل والانتهاكات  الحاصلة في المناطق  الكُردية، وخاصةً ما حدث في الدرباسية مؤخراً من حرق مقر محلية الدرباسية، هو الصورة المكمّلة للمشهد الحاصل في سيمالكا أمام مرأى ومسمع الجميع، وبالتالي المستهدف هنا – كما أسلفت – هو المشروع الأمريكي بالدرجة الأولى.

طهران التي هي الحاضرة الغائبة دوماً في كلّ مشهد شرق أوسطي ، تحاول اليوم  توجيه الرسائل إلى واشنطن من خلال إطلاق الصواريخ على أربيل العاصمة ، وتارةً  باستهداف المجلس الوطني الكُردي لعرقلة أي حل توافقي( محتمل)  بين مكونات المنطقة في المرحلة المقبلة ،  وإدانة قسد لهذه  الممارسات كان ذلك  بمثابة  ” القَشَّة التي قصمت ظهر البعير “و رفع الستار عن الشقاق والتصادم غير المعلن بين أجنحة حزب العمال الكُردستاني داخل قسد ، وطفى على السطح أيضاً جميع المؤامرات التي تُحاك ضد الشعب الكُردي في سوريا، التي تمّت برمجة  هذه المنظمة  وفق أجندات سياسية لحزب العمال الكُردستاني في المنطقة، واذا كانت قسد تهمّها  مصداقيتها فعليها ان تتبرّأ علناً من هذه المنظمة الإجرامية، وتعلن الحرب عليها وإلا ستكون شريكة أفعالها ، وربما يأتي يوم تصنّف معها ، دولياً،ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
الخلاصة : رداً على الإرهاب الذي حصل في الدرباسية وفي معبر سيمالكا فيما بعد ، عقد المبعوث الأمريكي الجديد (ماثيو بيورال و السفير السابق ديفيد براونشتاين)   لقاءً مطولاً عبر “اونلاين”  مع المجلس الوطني الكُردي ، وتم التطرّق إلى الانتهاكات التي حصلت على أيدي هذه المنظمة في سيمالكا والدرباسية ، هو رد واضح ورسالة مباشرة الى الجهة الداعمة لهذه المنظمة وممارساتها في شرق الفرات وبالتالي واشنطن لن تسمح لحزب العمال الكُردستاني ضرب مشروعها في شرق و شمال شرق سوريا ،  واذا كان الأخير يطالب أمريكا بثمن خدماته، بإخراجه من قائمة المنظمات الإرهابية، فإنّ هذا المطلب لن يتحقّق، لأنّ الخروج من هذه القوائم يتطلّب إعادة النظر في سياستها وممارستها والتفاعل الإيجابي مع كافة القضايا و المعطيات الموجودة في سوريا والعراق وتركيا ، حتى تستطيع هذه المنظومة أن تقنع العالم بأحقية ومشروعية مطالبها السياسية في المنطقة.

بالمحصلة ، دوّامة العنف ستستمرّ(على ما يبدو ) في شرق الفرات ، طالما أنّ هناك خلافات وملفات إيرانية – أمريكية عالقة حول سوريا ولبنان واليمن، بالتالي هذا العنف الذي يستهدف المدنيين في المناطق الكُردية هو لإجبار ما تبقّى من السكان على الهجرة والرحيل،  وواشنطن بدورها لن تسمح لأحد بتدوير الزوايا في سوريا وفق منطقها ومصالحها الإستراتيجية، وبالتالي جاء تعليق العملية العسكرية التركية لفترة معينة، لمنح قسد فرصة أخيرة للدخول في عملية سياسية( حقيقية)  مع المجلس الوطني الكُردي ،  وأي فشل لهذه المفاوضات يعني عودة  تركيا إلى قرع طبول الحرب من جديد حيث تنتظر الصافرة الأمريكية من جديد  للتدخل العسكري في بقية المناطق الحدودية المتاخمة لها وفق إتفاقية “اضنة ” التي يتمّ الحديث عنها بين موسكو وأنقرة في الفترة الأخيرة بكثرة .. هذا العمل ( أمريكياً) لابدّ منه طالما أنّ قسد لا تستطيع ضبط إيقاعات منظمة” جوانن شورشكر ” في المناطق الكُردية والإطاحة بها والتخلص من شرّها  وشرّ مموّليها في سوريا والعراق، وأي تهرّب من قيادة قسد من  الاستحقاقات المقبلة على الأرض ، والضرب بيدٍ من الحديد لأعمال هذه المنظمة الإجرامية، وعدم القيام بمسؤولياتها الأخلاقية إتجاه المجلس الوطني الكُردي يعني أنّ لعنة التاريخ ستلاحقها وإلى الابد.

المقالة منشورة في جريدة يكيتي / عدد 293

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى