آراء

نحو ترتيب البيت السياسي في كوردستان سوريا

نوري بريمو
أوساط (كوردية و كوردستانية و دولية) عديدة، تحاول توفير المقومات والترتيبات اللازمة لإعادة ترتيب البيت السياسي الكوردي في كورستان سوريا، تلك المحاولات الخيِّرة تهدف إلى تلاقي وتوحيد صفوف الجانب الكوردي، بهدف دفع المكنة السياسية الكوردية صوب تقريب وجهات النظر والخطاب والموقف وتحديث آليات الأداء والحدّ من الأنانيات الفردية والحزبية، في سبيل توسيع دائرة العمل الجماعي ودمقرطة أساليبه وتضييق هوِّة النزاعات الداخلية وتقليص مظاهر تكريد الصراع.
ولعل حالة الأزمة التي تعاني منها حركتنا السياسية، في ظل وجود هذا الكم الغير معقول من الأحزاب سواءً المنضوية في إطار المجلس الوطني الكوردي (ENKS) أو التابعة لحزب (PYD) أو الباقية خارج هذين الإطارين، هي واحدة من أعقد المعضلات التي تواجهها عملية توصيف الحالة الكوردية بشكل دقيق من شأنه الإتيان بواقع أفضل خاصة وأننا نقترب شيئاً فشيئاً من نهاية الأزمة السورية التي تستجلب يوما بعد آخر مختلف الأقطاب الداخلية والإقليمية والدولية.
ولأن الخلافات البينية (الكوردية ـ الكوردية) هي السائدة حالياً، ولكون الاصطفافات الحالية قائمة على ردود الأفعال المجاكراتية، وبما أن الحاجة ملحة بالمقابل لإعادة ترتيب بيتنا الكوردي وفق الحاجة وبطراز أكثر جدوى وإنتاجية، فإن ثمة مهمة وجدانية تقتضي إجراء فعل ديمقراطي تحديثي يفرض علينا رفض الأشكال القديمة ونبذ العقليات الحزبوية المهيمنة، وإنّ جل ما يهم الكورد في هذه المرحلة هو التغيير في المضمون الذي يُسْتَحسَن أن يكون المُراد الأول لنسير نحو حركة سياسية موحدة تنسجم مع مناخات هذه الحقبة (السورية والشرق أوسطية والدولية) المواتية لإعلان دولة كوردستان المستقلة.
ولهذا فإنه من الأهمية بمكان التأسيس لعملية دمقرطة لحركتنا، ما من شأنها بث روح نضالية من طراز جديد وبعقلية جديدة وبسأليب نضالية جديدة، وذلك بغية إعادة الهمة للعمل السياسي الكوردي، بآفاق أكثر رحابة وبروحية أكثر إنتاجية، لاسيما وأن ما ما نطرحه هو مسار عقلاني آني من شأنه خلق مناخات التهيئة الذاتية وفق متطلبات تلبي الطموحات والآمال بعيداً عن نمطية العقلية الحزبوية في الفكر والأداء.
مثل هذا المسار الديمقراطي الكوردي الذي ينبغي أن يكون له طابع الاستمرارية والنزاهة وليس الوقتية والطوارئية، تقتضيه أيضاً المتغيرات الحاصلة والتي قد تحصل لاحقاً في مجمل محيطنا الكوردستاني والإقليمي والدولي، هذه المتغيرات التي قد تطال وحدة سوريا وجوارها ما دامت خاضعة لواقع الانقسام نتيجة النزاعات الداخلية السورية والتدخلات الإقليمية والدولية.
وإن ضرورات إعادة بناء البيت الكوردستاني في إطار مشروع تكاملي، تستوجب أن نبادر بروحية وحدوية إلى الأخذ بمجمل الاستحقاقات والمستلزمات والظروف الموضوعية والذاتية، وذلك نظراً لما قد نواجهه من عوائق ذاتية وأخرى موضوعية في طريق التلاقي والتوحيد، ودفع العملية السياسية نحو التوصل إلى إطار مشترك لا ينفي أي طرف ويسعى بجدية من أجل وحدة الصف للتصدي لهذه المرحلة المصيرية، إضافة إلى أن الحالة السورية الراهنة بكل حيثياتها وتداعياتها واستحقاقاتها، تقتضي أكثر من أي وقت مضى توحيد الجبهة الكوردية كطرف شريك في خضم هذه الأزمة السورية التي باتت في عنق قارورة وقف الإقتتال والسير صوب الفدرَلة أو التقسيم، وفي كلتا الحالتين ينبغي على الجانب الكوردي أن يكون موحدا وحاضرا ومهيئاً للتعامل مع أي إحتمال قد يداهم ديار سوريا والمنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى