آراء

نوروز وتراكبية الطقس والأسطورة

وليد حاج عبدالقادر / دبي

في كثير من الأحايين يتردّد وضمن سياقات ومحاور عديدة وأيضاً في أغلب الأنشطة عبارة – التاريخ يكرّر نفسه – أو – هي إعادة إنتاج للتاريخ – وبتوضيح أو تدقيق لغوي أكثر منه معلوماتي فهي ذاتها العبارة كما ومن جديد هي الدوامة لصناعتين كنتاج معرفي وأيضاً لذات / وفي سياق عينها الدوامة وليبدو الأمر حقيقة، وكأنها عودة متأنية الى النطاق عينه ومن جديد إلى ذات المعايير على الرغم من تعدد متاهاتها وارتكاساتها البنيوية على الصعيد العملي وانعكاساتها في مجمل الأنشطة..

وعليه فهي تعاد _ أوتوماتيكياً _ كمنتج / إفراز يتدرج معرفياً من ذاته المخزون الجمعي، ومن هنا وفي سرد تأسيسي لغالبية البنى المعرفية الإنسانية والكُردية منها بشكلٍ خاص ومن ثم تكاملها أو تقاطعها مع بنى أخرى ارتكازاً على ذات الأسس التي ترسّخت _ جدلاً _ ومن على أرضيتها تراكمت _ ومن جديد _ قواعد رئيسة إن لوعي منتج أو ركائز لمفاهيم تصقّلت بالممارسة ! هذه الكلمات رغم معدوديتها إلا أنها حفزت ولاتزال تحفّز لأمور كثيرة! ٠

ومن جديد في تجاوز لكلاسيكيات _ معرفية _ سواءً للفهم التاريخي من جهة أو الإنتماء المعرفي ومن جديد المكاني فيه _ وهنا أعني تحديداً فيه العمق الرافدي كمصطلح خاصوي من ثقافة بلاد مابين النهرين ( دجلة والفرات) والتي تتشابك هنا أيضاً بمعطيات معرفية ومفاهيم ثانية من جديد، واكتسبت حياتياً سمات وكأنماط وقيم بصفات أفرزتها هذه البيئة كجغرافية مكانية، وعليها تراكبت ونمت أنماطاً إنتاجية بكامل موصوفاتها المناخية ومن جديد تقسيماً في إعادة _ مواءمة المنتج الذهني بما يتواءم مع البنية الهرمية وكحصيلة لتلاقح معرفي حقيقي للمنتج بضم الميم والناتج، وفي الخاصية الكُردية وعلى مد البصر وفي جردة علمية و : / كبادرة تقصٍّ شبه بحثي تخصصي منها أو حتى تعريفي مبسط أزعم!

وهنا وفي عرض انتقادي فظيع جداً في إهمال هذه الحالة التي تتوجّب أن تكون كبنك معلوماتي يتوجّب أن تستهدف أقله في تدوين الموروث الشفاهي وإعادة ترتيب لا بل إجراء تقاصات تكون أشبه بإعادة تعمير معرفي لا تدويني فقط .. نعم.. هنا _ وكوجهة نظر _ سأعيد التذكير بأمور كنت أكتبها وأعبّر عنها متوجساً منذ أكثر من نصف قرن!.. وفي هذا الجانب سأقرّ ! نعم كنت ولازلت ذاته الفتى الذي كان يقف في أية مناسبة مجتمعية أتساءل ! لمَ عادة _ زيو _ مثلاً تبدو لي رغم جهد شيوخ الدين مثلاً في إلباسها الطابع الديني! ومن ثم التركيز على أن تكون عند مقابر منسوبة _ لأولياء _ مجهولين _ ولمَ يصعد العريس مثلاً بصحبة البعض سطحاً وبيده جرة فخار ملأى بحبات قمح أو عدس وو فيرميها أمام قدمي العروس قبل دخولها الدار ..

وإن تعمّقنا أكثر في العشرات لابل الآلاف من الأمثال كما الحزازير وقصص العجائز منهن الصالحات ومنهن _ بيري أو بيرا مروڤ خور _ وماشابه ذلك والأهم فيها هنا ظلّت ثقافة أو جدلية العلاقة بين الخصوبة البيئية ومن جديد كإنعكاس لثقافة الموه / الماء وآلهة سومر وآبسو وتامات و چن _ چين ولما مم ومن جديد ژين ؟! وناهيك عن الجذر الثقافي! نعم الركيزة الأساس التي عليها استقرّت بنى الوعي الثقافي للمجتمع الكُردستاني كجزء مركزي مازال يختزن وبوعي منتج كثير من ركائز تشكل الوعي الرافدي، لابل وأسّس تراكبياتها؟ ومن ثم المتواليات اللاحقة في تقلبات البنى المجتمعية وثانيةً متحولاتها المتتالية لتتواءم مع نمطي الإنتاج من جهة وبنية المجتمع كإنعكاس لها ، هذه الظاهرة هي التي تعيد إلى ذاكرتي مجدداً وخاصةً في مرحلة التزام بعض من أحزابنا الكُردية بالماركسية اللينينية، وتبرؤ بعض من الرفاق من ماديتها الديالكتيكية على قاعدة التمسك بماديتها التاريخية _!! _

وهنا اختصاراً وفي عودة حقيقية إلى الموضوع الأساس وفي خاصية وواقع الموروث الثقافي لأية شعب _ أرى _ أنه من البداهة ألا ننصدم من حجم التقاطعات لابل وتراكب العشرات من القصص والملاحم والتي هي من جديد ذاتها المقاربات من جهة وكذلك التقاطعات! لابل ومن جديد هي ذاتها عصارة حقيقية للتأثر والتأثير وعمق المنتج الذاتوي بخاصيته، ومن ثم كعلاقة خض معرفي حقيقي وفق أصول التبادل المعرفي كما وتشابكها مع ثقافات شعوب عدة، وإن هيمن على اغلبها، أو تطبّعت بلبوس حملات عسكرية، أو لربما تبادلات معرفية فرضتها على الأغلب حركات التنقل بطابعيها الحربي منه والسلمي العابر…

وهنا وفي هذه المناسبة وهذا السرد وكنقد ذاتي كبير منه أو جمعي حتى _ لا أقول _ ولربما كممارسة فوقية وكنتاج لجهل / تجاهل باطني كبير لأمر في غاية الأهمية والتي على أسسها تمّ بناء علم مجتمعي ظلّ يرتكز على قاعدة ما قاله الناقد البلغاري الأشهر ايفريم كارانفيلوف في كتابه الجذور والعجلات ، وإن كنّ العجائز الكُرديات قد رسخنها قبله بآلاف السنين هي ذاتها الأمثولة الرائعة عالمياً بمختلف لغاتها _ من لا أول له لا آخر له _ والأول هنا هي الركيزة / الأساس التي / الذي ينمو ويتصاعد عليه وعي وآفاق أي مجتمع من المجتمعات..

وهنا وبعيداً عن الاستئثار والاستفاضة اللغوية وفي عودة فعلية إلى مفهوم الشهقات الأولى سواءً منها العضوية _ الحياتية كما شهقة الولادة ومن خلالها إلى الآفاق الأكبر وصولاً إلى لامتناهيات العقل والمنطق وبالتالي تلك القاعدة او الركيزة التي كما المشيمة ترافق الحياة البشرية إلى لحظة انتفاء الحاجة لها وهكذا أنماط معيشة التجمعات البشرية ومن ثم طرحها لمنتوجها الثقافي والمعرفي، وهكذا مساعيها إن في تنميتها وإغنائها ومن ثم تجديدها، وعليه وفي الخاصية الكُردية ،وعلى الرغم من استهداف كُردستان وعبر التاريخ لغزوات تعدّدت طابعها عسكرياً أو وفق معايير أخرى، وإن طغ عليها الجانب العسكري ولكنها؟ : مع ذلك استطاعت وضمن سياقية الأسس الثقافية المتداولة شفاهياً تمكّنت أن تتحدّى أزمنة عسفية من أقوام وشعوب عدة تناوبت إن غزواً أو حروباً على أن تفرض سيطرتها ولكنها لم تتمكّن بالمطلق أن تسبر في أعماق الانتماء الخاصوي كجغرافية بشرية، وإن تلاقحت معرفياً كما المجاميع البشرية جمعاء.

وفي العودة إلى الجذر الثقافي الكُردي ومن ثم آفاق التحولات المعرفية بتفرعاتها انسجاماً مع النمط الإنتاجي وتقسيماته سواءً منها المديني أو القروي كإستقرار أو المتنقل _ كوجر _ أو شبه المستقر أو مايعرف بالموسمي ( باجاري.. كوجر ) فقد ظلّت الأسس / الركائز الفصلية بتقلباتها المناخية هي القاعدة الأساس التي ارتكزت عليها التجمعات المجتمعية، وإن أضفت عليها بعضاً من خصائصها كسمات، ولكنها ظلّت في الأساس / الجذر موائمة وإن انحازت حتى في بعض الأحيان، ولكنها بقيت ضمن سياقات الجذر الرئيس لمرتكزات الوعي الفولكلوري، والتي تعدّدت فيها ومنها المشارب كما نلاحظها في بقايا كثير من الملاحم الكُردية الكبرى والتي وبالرغم من المتحورات الكبرى التي مسّتها بإخراجها من هالات قصص الآلهة قبل قدوم الديانات التوحيدية والتي أدّت بعدها إلى لبوس آخر استهدفت انسنة غالبية أبطال تلك القصص.

هذه الظاهرة وفي قراءات مقاربة لثقافات شعوب كثيرة ومقارنتها بذات سياق المؤثرات ستؤدّي بأبسط قارئ أو مستمع لها في الوصول إلى استنتاجات عملية وحقيقية تتمثّل في مدى تقاطع القصّ الشعبي، لابل وبعبارة أدق : كيف تمكّن الكُرد من الحفاظ على كثير من ملاحمهم، ومن ثم وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي صرفت لإعادة صياغتها بانسنتها ولكنهم : اضطروا جبراً في الإبقاء على جذوة تلك الحميمية، حتى وان كانت مخيالاً مثل : ملحمة سيامند سليڤي وخجي كقصة عشق ملحمي وصداقة سيامند وقره كيتران و تناوب بروزها وإظهارها مثلاً أو وبعبارة أدق إقحامها في ملحمة مم و ژين وهنا تستوجب علينا سواءً في التأويل الموجب.

لذلك او كرؤية نقدية قد لاتتواءم قياساً على السرد المتناقل شعبياً بقدر ماهي مدلولات كما التقاطعات المفصلية في ماهيات الغالبية العظمى لذلك الإرث سواءً كانت تدور في صياغاتها حول نشأة الحياة وارتقائها ، أو في مديح أي ظل عال والتي ستقودنا هنا : إليك مرسيا إلياد وثقافة الموه كما ننتي التي هي تعني حواء بالعبرية وحياة بالعربية وبكُرديتنا چين ومن جديد اليهم الآلهة الآباء حسب الأساطير السومرية والتي قالت منذ أقدم العصور : حينما في الأعالي / لم يكن هناك… / وما معناه / في السماء سوى آبسو وتامات!.. هذا المقطع الذي دفعني دائماً من بدأت في قراءة هكذا ملاحم وآلية صعود الآلهة حسب الأساطير القديمة إلى تلك العبارة الكُردية والتي ظلّت متشبثة وبصلابة محوريتها ولم تستطع امهر راوية أو راو للقص الشعبي الكُردي من شطبها أو استبدالها وهي ( dema bi bani ve Co).. نعم هي ذاتها آليات الصعود عالياً لابل وحتى استحضار المخيلة البشرية في ارتقاء الأعالي وقطع البحار الكبيرة ( البحار السبعة) وابتكار المخيلة البشرية للطائر العملاق _ سيمخور / سيخور.

ومن يدري لربما تكون هي في الواقع موجودة لكثرة تداولها في ثقافات شعوب عديدة وطائر الفينيق انموذج آخر ، ولن أسترسل أكثر ولكن سأضيف شذرات من ملحمة ممي آلان الشفاهية غناءا وكأداء طقسي يوحي بكثير من المدلولات من جهة والترابط عشقاً في رمزية تتكرّر بشجونها ومآسيها! : نعم برتراند راسل نتألم كثيراً لبلبك وتفانيه في جعل الوردة تحمرّ بدمائه ولكن : سيبقى صدى أنين ممي آلان تردّدها سهول وجبال كما بحور وأنهار كُردستان بينابيعها تردّد آهات ممي آلان وجروح سيامند وهو يسعى لتقديم _ بظ كيفي _ لها خجي قرباناً ودعوني لأسترسل رغم مقص صديقي ( فؤاد عليكو) آهات وتأوهات ذاته الاب الذي نذر أن يقدّم في حفل عرس ولده _ بظ كيڤي _ ولم يدرِ بأنّ ابنه الوحيد والعريس سيامند كان قد تنكر بجلد ذكر بظ كيڤي وليتداول الكُردستانيون مرثية سيدكي من إلى الأزل.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “330”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى