هجرة الشباب…أسبابها وتداعياتها
د. محمد جمعان
لهذه الظاهرة القديمة – الجديدة أسبابها الكثيرة و المتعددة الجوانب.
قبل بدء الحرب الداخلية في سوريا كنا نفهم أنّ الشباب يهرب من بطش النظام و المخابرات، من العنصرية و الشوفينية ، أما أثناء الحرب و في هذه الفترة الأخيرة كان الكُردي يأمل أنه بنى إدارةً ستحميه و ستبني له مستقبلاً مشرفاً ، رغم الدعم لها بسبب محاربة داعش ، لكن عندما تتحوّل تلك الإدارة إلى أداةٍ لقمعه و اضطهاده و حرمانه ، و
عندما ينعدم الأمن و الأمان ، و كلّ شيءٍ حوله يسبّب له خطراً، فإنه يبحث عن مكان آمن.
أما السبب الآخر هو فشل هذه الإدارة بنظامها الدراسي ، نظراً لأدلجته. الإدارة ، حاولت طبع نسخة من النظام البعثي ،و لكنها فشلت ونسيت أنه كُردي من نوعٍ غريب و أنّ نظريته غريبة و بعيدة عن واقعنا الكَردي و محاط بجميع مَن يكرهونه ، شكلاً ونظاماً و سياسةً و أيدولوجية.
أما السبب الآخر الذي جعل الشباب يهرب من منطقة هذه الإدارة فهو الغلاء الفاحش ، وكذلك فقدان المواد الضرورية للعيش .
الفساد المستشري وانتشار روح الواسطة السورية بشكلٍ يشعر الكُردي المضحّي بأنه لم يعد هو المرغوب ،بل الفاسد و الغني بطرقٍ غير مشروعة ، هو صاحب البلد و الأرض و العزة و الكرامة.
أما وجود أيادٍ خفيّة من وراء كلّ مسؤول في تلك الإدارة وهم ” الكادرو” أناس لا نعرف عنهم إلا الظلم و البطش و الإرهاب ، هذه الظاهرة الغريبة و النادرة ابتكرتها ب ك ك و قادتها في قنديل ، هؤلاء محترفون بالقتل و الإجرام ودخلاء على الشعب والقضية.
ألا تكفي تلك الأسباب بأن يغادر الكُردي من مناطقه والتي قدّم أغلى ما عنده من أجل الدفاع عنها ؟ و الآن يهرب منها هروباً ويغامر بحياته على حدود بلاد العالم و لا يأبه ،إن كان ستقبله دول العالم أم لا؟ والأهم له الآن هو الخروج من هذا السجن الكبير ، الذي هو مَن بناه مع أبناء جلدته.
الشباب يهجر تلك الإدارة التي لا تقبل رأيه ،و لا تريد أن تغيّر من منطقها وأعلامها و شعاراتها، ولا تقبل بفشلها، و النتيجة الكارثية إفراغ المناطق الكُردية من أصحابها الذين أبوا تركها ،و لكن يبدو أنّ أدوات النظام أقوى من النظام نفسه ، حيث كانوا قد وعدوا النظام بهجرة الكُرد، و الآن ينفّذون وعودهم.
إذاً: ماالحلُّ يا أصحاب الإدارة؟ وهل ستديرون المنطقة دون شعبها ؟