آراء

هكذا نحن يا مجلس الأمن

الشاعر والكاتب تورجين رشواني

إلى معشر الخليقة..

إليكم أيها العالم المتمدّن أتباهى أن أكون كُردياً سورياً وأحبّ سوريا لأنّ سوريا أنا وأنا سوريا، ولأنها وطني

فلم أكن يوماً خائناً لها، ولم أسمح لأحد أن يتعدّى على ترابها أو مائها أو سمائها ، ولم أكن يوماً ما داعياً انفصالياً ،كما يكذبون ويتشدّقون ، وكما للوطن حقوق قانونية و أخلاقية عليّ و بالتاكيد للوطن واجبات باتجاهي ، و للعلم أنا لست حزبياً ولا صوفياً متزمتاً و لا كتويا مغلقا فأنا أؤمن بالعيش المشترك والقبول بالآخر مهما كان جنسه وعرقه و لونه ومذهبه ودينه.

أنا الكُردي الذي يحترم المرأة كلّ الاحترام ،

وأقدّسها ، وأحبّ جيراني، وأمدّ يدي إلى كلّ مَن ينتمي إلى الإنسانية لفعل الخير، وأعشق الربيع والمطر لأنهما رمزا الخلق والولادة الجديدة، ولأنها ولدت أسطورة نوروز المجيدة، و أكره الظلم والعبودية و لا أقبل الذلّ والهوان . لهذا السبب أقول لكم ،و ندائي إلى أصحاب القيم والمثل العليا التي تلبس قميص الإنسان والانسانية والذين يختبئون خلف القيم نفاقاً، والذين يتزنّرون بمبادئ الأخلاق، أقول لكم إن كنتم لم تدروا . لكن متاكد أنا أنكم تدرون ، وبصورةٍ خاصة عندما تعرّضت الإنسانية على يد سلاطين آل عثمان و (هيرتزوك ) و… (الذين قدموا من الصحراء ) فقد قاموا بأبشع المجازر ضد الإنسانية (جينو سايد) تطهير عرقي و مذابح (سيفو)ضد الأرمن و السريان والآشوريين .. مليون ونصف شهيد ، من الشعب الأرمني و مشانق الإعدامات التي حصلت عام 1916 ضد الأخوة العرب الأحرار لأنهم طالبوا بحقوقهم و من قاموا بمجزرة حلبجة وضد المسلمين الذين ينتمون الى بعض المذاهب الأخرى مثل (العلويين) ( الدروز ) واليزيديين الأبرياء و الآن يمارسون نفس القذارة ضد الشعب ( الكُردي) لكن للأسف العالم ظلّ كما كان من قبل لم يتغيّر، بل يتفرّج كأنه مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي درامي، يسهرون و يقضون بها أوقاتهم، لذلك أوجّه كلامي إلى العالم الذي يتباهى بالتمدن، والذين يتشدّقون بأفكار الديمقراطية وحقوق الإنسان وخاصةً مجلس (الغنم) عفواً مجلس الأمم .

رسالتي لكم كالآتي :

لقد حارب الكُرد الفكر الظلامي عوضاً عن كلّ العالم، بينما كان العالم مستغرقاً في نومٍ عميق وكل منهم بين فراشه مع زوجته ليلاً و في النهار يستمعون الى الموسيقى الهادئة و الأغاني الشجية و يرقصون مع كؤوس النبيذ والخمر، و نحن نقدّم فواتير من الدماء شباباً ورجالاً ونساءً وكبار السن والأطفال قرابيناً ،واحداً تلو الاخر، وشهيداً وراء شهيد على بوابة مذابح القيم والأخلاق المتآكلة . والنتيجة

تأكّدنا أنّ ما قرأناه كانت جمل إنشائية و إبر لتخدير العقول و مسامير لترسّخ أفكارهم في عقولنا البسبطة، لكن بعد حين أدركنا الحقيقة و عرفنا وتأكّدنا، لقد غدر بنا الزمن والتاريخ والجغرافيا بمعية العالم المتمدن الذي كان يتستّر ،تحت عباءة القيم و الأخلاق الميتافيزيقي، فهل سيخجل ميزان العدالة وهل تستحي حروف و جمل المثل العيا والقيم والأخلاق من نفسها للأسف كانت النتيجة لا لن تستحي مع ذلك وكوننا كنا نعلم علم اليقين ،أنّ لا أصدقاء للاكراد سوى الجبال و كنا نعلم أن لا أخلاق في السياسة والاقتصاد، وحتى الثقافة المصطنعة، لذلك تعلّمنا من الحياة والتجارب التاريخية أنّ لا أصدقاء لنا سوى الريح والجبال ، لكن قلنا ربما تحسّنت الآن صورة الإنسانية في زمن الحضارة والتطور الفكري، ربما يلتفتوا إلى مآسي الشعوب المهضومة حقوقها، بالأخص الشعب الكُردي والأمآزيغي والفلسطيني ، لكن للأسف حتى الجبال وبرتقالات يافا ورمال المحيط خذلتهم، وخذلت الكُرد والآمازيغ والفلسطينيين، لذلك نقول اليوم: يقينا لا أصدقاء لنا سوى الريح و الشمس والقدر .فألف طوبى لك أيها الكُردي، يا فارس الشرق ،

ويا أيها الآمازيغي، يا ذهب الصحراء، و يا أحباب محمود درويش سيأتي يوماً ليستيقظ ضمير العالم بأن يغسلوا خجلهم بمآثركم لذلك اقول لأوروبا وأمريكا ولكل دول العالم: كُردي سوري أنا وأمآزيغي أنا منقوش من الرمل وفلسطيني أنا من بذور البرتقال نرفع رؤوسنا ؛ لأننا نطرق بأيادٍ مجبولة بالدمع والدم على باب الحرية والخلاص .

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “331”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى