هل القضية الكُردية قضية وطنية للسوريين
مروان عيدي
لم تصبح سوريا (بلاد الشام) بحدودهاالطبيعيةالحالية إلا في أعقاب الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين وانتهاء الحرب العالمية الثانية في تشرين الأول من عام 1918 وطرد العثمانيين الذين دام حكمهم قرابة الأربعة قرون ابتداءً بانتصارهم على المماليك في معركة مرج دابق شمال حلب عام 1516.
وإستمرت حتى معاهدة سايكس بيكو بين فرنسا والمملكة المتحدة وموافقة كلٍّ من إيطاليا والإمبراطورية الروسية كحلفاء في الحرب العالمية الأولى وإقتسام منطقة الهلال الخصيب بين كلٍّ من فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كما أسلفت سابقاً كانت مسيطرةً على المنطقة لأربعة قرونٍ وتمّ بموجب هذه الاتفاقية إلحاق جزء من كُردستان بالدولة السورية.
وكان الكُرد في سوريا يشكّلون جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي و الاقتصادي وأيضاً السياسي وخاصةً الذين عاشوا في المدن الرئيسية كحلب وحماه ودمشق وهم من أصول وعشائر معروفة وذي مكانةٍ احتماعية وسياسبة و اقتصادية راقية وهي وإن كانت تنحدر من أصول كُردية إلا أنها لم تتبنَّ القومية الكُردية ولم تخدم قضية شعبها على الرغم من تبوّئ العديد منهم مناصب سيادية وعلى فترات زمنية متتالية ومن تلك الشخصيات محمد علي بيك العابد الذي حكم سوريا مدة أربع سنواتٍ وحسني الزعيم الذي حكم سوريا خمسة أشهر وفوزي سلو الذي حكم لمدة سنةٍ ولم تكن تلك الحقبة بأفضل حال من الفترة اللاحقة أبان حكم البعث الذي ما أن إستلم السلطة حتى قام بتطهير المؤسسات العسكرية والإدارية والقيادية من العنصر الكُردي بالرغم من أنّ تلك الشخصيات كانت في تلك الحقبة على درجةٍ عالية من العلم والمعرفة و الشهادات العلمية مما مكّنهم من تبوّئ المناصب العليا في الدولة العثمانية والدولة السورية. إلا أنّ حزب البعث اعتبر الكُرد مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة وحرمَ فيما بعد الكُرد من الجنسية وحاولَ تعريبهم بكلّ الوسائل المتاحة، فأقاموا مستوطنات للعرب الغمر في المناطق الكُردية لتغيير ديموغرافية كُردستان سوريا وإقصاء الكُرد من الحياة السياسية والاجتماعية والإقتصادية. ولم يعترفوا يوما بوجود الشعب الكُردي ولا بقضيته كونها قضية وطنية تخصّ السوريين وتحتاج إلى حلول جذرية ودستورية وبعد انطلاقة الثورة السورية وانخراط الشعب الكُردي وحركته السياسية فيها فاعتبرت ثورة الشعب السوري ثورة جميع أبنائها ومكوناتها واختارت المعارضة السلمية والوقوف بصفّها ضدّ نظام القمع والاستبداد ولم تنحز للنظام بالرغم من العديد من الدعوات والإغراءات لانعدام الثقة بنظامٍ تجبّر على شعبه الأعزل ومتأملاً بتغييرٍ ديمقراطي يستهدف بنية مجتمعٍ أنهكته ثقافة الإقصاء والاستبداد.
وبالرغم من انخراط الكُرد في أغلب هيكليات المعارضة من اللجنة الدستورية والهيئة العليا للمفاوضات والتوقيع على وثائق تنظّم العلاقة بين الكُرد كمكوّنٍ وباقي أطراف المعارضة إلا أنها خجولة ولا ترتقي إلى مستوى طموح شعبٍ دفع بالآلاف من أبنائه دفاعاً عن وجوده وحريته ولا زالوا يواجهون خطر استهداف وجودهم التاريخي من خلال عدم الإقرار بحقّهم في تقرير مصيرهم والإقرار بوجوب تغيير شكل الدولة من بسيطةٍ إلى دولةٍ مركّبةٍ الأمر الذي يضمن خصوصية باقي المكوّنات والشعوب التي تعيش في سوريا والحجّة القديمة الجديدة التخوّف والتخويف من النزعة الانفصالية لدى الكُرد دون اعتبارها قضيةً وطنية وتحتاج إلى حلّها بما يضمن خصوصية هذا الشعب الذي تمتدّ جذوره آلاف السنين