لقاءات وحوارات

هوشنك أوسي ليكيتي ميديا :انسحاب “التقدّمي” من ENKS هو انتكاسة للحزب، قبل أن يكون انتكاسة للـ ENKS

اعداد وحوار باور ملا
بعد قرار انسحاب الذي نص عليه مؤتمر الرابع لحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا من المجلس الوطني الكردي, والذي اقيم في مدينة قامشلو, وحول ممارسات وقرارات PYD في المناطق الكردية ودعم القوة الدولية لقوات السورية الديمقراطية, كان ليكيتي ميديا حوار مع الكاتب والشاعر الكردي “هوشنك أوسي” وهذا هو نص الحوار.
– ما هي أسباب انسحاب الحزب الديمقراطي التقدمي من المجلس الوطني الكردي ببعديه القريب (العلاقة بين أحزاب المجلس)، والبعيد (السياسية الخارجية)؟
أولاً، انسحاب “التقدّمي” من المجلس الوطني هو انتكاسة للحزب، قبل أن يكون انتكاسة لـ”المجلس الوطني الكردي”. لأن الأخير، يعيش أفضل حالاته كتعبير كردي سوري معارض، لجهة النشاط والفعاليّة الاجتماعيّة – السياسيّة، الميدانيّة التي يبديها “المجلس”، على صعيد الاعتصامات والمظاهرات وارتفاع وتيرة الموقف المعارض لسياسات وممارسات سلطة (PYD _ PKK) في كردستان سورية، بعد أن كنّا نظنّ أن “المجلس” جثّة ميّتة، كما يروّج قادة “التقدّمي” الآن. ذلك أن حجم النشاطات والفعاليّات التي نظّمها “المجلس” داخل كردستان سورية، خلال فترة زمنيّة قصيرة، تشير إلى وجود نبض وحيويّة، يمكن البناء عليهما، في مسعى تطوير وتحسين أداء “المجلس”، لا أن يكون “التقدّمي” ضمنه حين كان في حالة الركود والسكون والخمول والجمود، وأن يغادره حين يبدأ “المجلس” وضع قطاره على السكّة الصحيحة وفي الاتجاه الصحيح، كقوة سياسيّة – اجتماعيّة كرديّة معارضة فاعلة على الارض لسياسات الاستبداد والاستفراد والهيمنة التي يمارسها حزب (PYD)!.
من جهة أخرى، مواقف “التقدّمي” السابقة الداعية لاسقاط النظام، والرافضة للحوار معه، ووجوده ضمن “المجلس الوطني” و”الائتلاف” أزالت عن “التقدّمي” الشبهات وحتى الاتهامات التي كانت تحوم حول طريقة تعاطيه مع النظام، بوصفها “مهادنة”، و”ليبرالية، لحدّ الميوعة السياسيّة”. وظهر التقدّمي، بعد الثورة السوريّة، كما ينبغي عليه أن يكون، كقوة سياسيّة – اجتماعيّة، معارضة للاستبداد، وداعية للتغيير الجذري في نظام الدولة السوريّة. وبالتالي، خروج “التقدّمي” من “المجلس الوطني” أقل ما يقال فيه بأنه “نكوص” سياسي، خاضع لاعتبارات عديدة، سآتي على ذكرها.
ثانياً: خروج “التقدمّي” من “المجلس الوطني” هو انتكاسة كبيرة ومهمّة للأخير أيضاً. وهذا ما يجب أن يعترف به “المجلس الوطني” ويراجع نفسه، محاولاً إزالة الأسباب والمبررات التي استند عليها “التقدّمي” في قرار انسحابه. ذلك أن هذا الانسحاب، بكل تأكيد، غير ناجم عن فراغ. بل هنالك أسباب حقيقيّة وجادّة، خلقت المناخ والأرضيّة كي يشرعن “التقدّمي” انسحابه من “المجلس”. وليس مقبولاً القول: حتى ولو لم تكن هذه الاسباب – الحجج موجودة، لكان “التقدّمي” قرر الانسحاب. لأن هذا القرار، في الأس والأساس والجذر، ليس قرار “التقدّمي” بل أملي عليه من قبل “الاتحاد الوطني الكردستاني”، بوصف الأخير حليف النظامين الإيراني والأسدي. هذا أيضاً، من صنف الهروب للإمام والتبريرات غير المقبولة.
واعتقد أن السبب الأبرز والرئيس، (وهو سبب وجيه ومنطقي ومعقول)، الذي استند عليه “التقدّمي” أو تحجج به، هو تعامل حزب (PDK_S) مع “المجلس الوطني” بنفس ذهنيّة وسلوك حزب (PYD) لجهة الاستفراد والاستحواذ والهيمنة، والاستقواء بجهة كردستانية عراقيّة (الديمقراطي الكردستاني) على الاحزاب المنضوية في “المجلس الوطني الكردي في سورية – ENKS”. وصحيح أن (PDK_S) لا تمتلك السلاح، ولكن يمكن اعتبار هذا الحزب بأنه (PYD) البرزانيّة. وأنه لو امتلك السلاح، مع وجود هكذا عقليّة استحواذيّة وانفراديّة واستقوائيّة، لربما فعل ما يفعله حزب (PYD) الآن بقوّة السلاح.
لذا، مطلوب من “المجلس الوطني” عدم الانزلاق لرّدات الفعل، بل السعي الدؤوب نحو اقناع الاطراف المنسحبة، بخاصّة “التقدّمي” و”الوحدة” وكل الاطراف الأخرى، بغية العودة لـ”المجلس”، بعد وضع حدّ لهيمنة (PDK_S) على “المجلس الوطني”. هذه الهيمنة التي لم تثمر إلا عن المشاكل والمنغصات والعراقيل والأخطاء والعيوب والانسحابات…، التي صبّت كلها في طاحونة سلطة (PYD) وباعتبارها البديل الناجع.
بمعنى، إدخال “المجلس” في معمعة الصراع مع “التقدّمي” بدلاً من اقناع الأخير واحتوائه وإرضائه، سيبدد جهود “المجلس الوطني” ويعيده إلى المربع الأوّل، وإن لم تكن إلى النقطة صفر.
طبعاً، أعتقد أنه من الأهميّة بمكان، عدم إغفال حقيقة أنه كانت هنالك مؤشرات حول نيّة “التقدّمي” الانسحاب من “المجلس الوطني” كدفعة أولى على حساب عودة زعيمه الاستاذ عبدالحميد درويش على كردستان سورية، والسماح للحزب بعقد مؤتمره، دون ان يكون قد حصل على ترخيص من سلطة (PYD). واعتقد أن الأستاذ درويش، وبحكم التقدّم في السنّ، كان يريد ان تكون الخاتمة على تراب كردستان سورية، بعد عمل طويل. لذا، وبحسب بعض التسريبات من أوساط مقرّبة من “الاتحاد الوطني الكردستاني” جناح (هيرو إبراهيم أحمد – ملا بختيار) أن “الاتحاد” كان يتفاوض مع النظام، بغية ترتيب عودة الاستاذ حميد إلى كردستان سورية والأكلاف السياسيّة التي على “التقدّمي” دفعها كي يسمح النظام له، (عبر سلطة PYD)، العودة إلى كردستان سورية. هذه المفاوضات، وبحسب تلك التسريبات، جرت مطلع العام الجاري. وبناءً عليها، أطلق السيد درويش تصريحاته المشهورة، والتي انتقد فيها نفسه والكرد على أنه كان عليهم القبول بالتفاوض مع النظام. في إشارة غير مباشرة منه، أن الفراغ الذي تركته الحركة الكردية السوريّة، ملأه “العمال الكردستاني” عبر فرعه السوري (PYD) وقطف الثمار التي بحوزته الآن. بعد تلك التصريحات قام درويش، بصحبة لاهور طالباني بزيارة جبال قنديل، واللقاء مع جميل بايك. بمعنى، كان هنالك مؤشرات عديدة تفضي إلى أن “التقدّمي” يحضّر نفسه، ويمهّد الأرضيّة لقرار الانسحاب من “المجلس الوطني”، متحججاً برزمة أسباب وجيهة وحقيقيّة، أتيت على ذكرها أعلاه. لكن هذه الأسباب، يمكن وصفها بـ”كلام حقّ” يراد به القفز رويداً وعلى مراحل، إلى سفينة (PYD) التي هي أيضاً، تعاني من نفس الأسباب – الأمراض، (وبل ربما أكثر)، من الأمراض الموجودة في “المجلس الوطني” والتي تحجج بها “التقدّمي” في تبرير قرار انسحابه. بمعنى، إن كان “التقدّمي” عاجزاً على إصلاح “المجلس الوطني” قراطاً، فهو بكل تأكيد، سيعجز عن إصلاح سلطة (PYD) 24 قراط.
وبحسب بعض التسريبات من داخل “التقدّمي” أن قواعده الشابة تشهد تململاً وبلبلة، حيال قرار الانسحاب من “المجلس الوطني” والافصاح عن النيّة أو الرغبة في الانضمام إلى سلطة (PYD). وربما يتفاقم هذا الوضع، ليصل إلى درجة تعرّض “التقدّمي” إلى انشقاقات جديدة، تضاف إلى الانشقاقات التي شهدها خلال السنوات الخمس الماضية.

– هل انسحاب التقدمي من المجلس سيكون له تأثيرات سلبية، وبشكل خاص في هذه المرحلة التي اصبح المجلس يتطلب منه تكثيف نشاطاته ضد قرارات وممارسات PYD؟

لا اعتقد ذلك. لأنه، أصلاً، قواعد “التقدّمي” لم تكن تشارك بشكل فاعل ونشط في تلك الاعتصامات والمظاهرات. وأصلاً أعلن “التقدّمي” عن تجميد عضويّته في “المجلس” لأنه كان يرى ويثق بأن “المجلس الوطني” يتّجه نحو التصعيد في مواجهة سلطة (PYD). لذا، قرار التجميد كان إشارة إلى النظام وإلى سلطة (PYD) على حد سواء، مفادها؛ أن “التقدّمي” غير معني باتخاذ “المجلس” قرار تصعيد حركة الاحتجاج المعارضة لسياسات وممارسات سلطة (PYD) وأنه لا يوافق على هذه المظاهرات، بالرغم أن قيادييه، ومن ضمنهم أحمد سليمان، أيّد حركة الاحتجاجات، باعتبارها حق مكفول قنوناً. وقيّدها بـ”لكن، ولكن، ولكن…”!.
– هل ترى أن انسحاب التقدمي، هو تقديم خطوة باتجاه TEV DEMوالانخراط في الادارة الذاتية المعلنة من قبل PYD؟
بكل تأكيد. وهم من أفصحوا عن ذلك. سواء عبر تصريحات أحمد سليمان لاذاعة “ارتا اف ام” أم عبر تصريحاتهم لجهات اعلاميّة أخرى.
– لازال حزب الاتحاد الديمقراطي يصدر القرارات المتتالية في كردستان سوريا اخرها المناهج المؤدلجة, والتي كان لها الدور الاكبر في الهجرة, وفي الوقت نفسه القوة الدولية تدعم قواتها المسلحة من اجل محاربة التنظيم, هل لك أن توضح ازدواجية المعايير التي تقوم بها تلك الدول صاحب القرار الدولي؟
الاولويّة الآن لدى الغرب، هو الهاجس الأمني والمخاطر التي يشكّلها تنظيم “داعش” الإرهابي. وأوروبا وأمريكا، لا يعنيها كثيراً رصد انتهاكات حقوق الانسان التي يرتكبها حزب (PYD) او التي يرتكبها النظام التركي أو أية جهة أخرى. المهم الآن، كيفيّة القضاء على “داعش”. وتقديم السلاح لـ(YPG) لا يعني الاعتراف السياسي بسلطة PYD. لأن الاعتراف السياسي له سياقاته وشروطه وتبعاته وترتيباته القانونيّة والدبلوماسيّة والاقتصاديّة. هنالك مصلحة أمنيّة – عسكريّة، يوفّرها حزب (PKK_PYD) للغرب، وتنتهي صلاحيّة العلاقة مع هذه الجهة، بانتهاء أسبابها، وهو التخلّص من “داعش”. هذا السلوك، مارسه نظام الأسد الأب مع PKK، كذلك مارسته إيران، اليونان، قبرص، أرمينيا وروسيا مع نفس الحزب.
حال توفّر شرط الاعتراف السياسي وما يترتّب عليه من إجراءات، يمكن القول أن الغرب بات ينظر إلى سلطة (PYD) على أنها شرعيّة، ويريد توثيق العلاقة مع هذه السلطة. من دون أن ننسى أنه في الأوقات العادية، إزدواجية المعايير لدى الغرب هو سلوك أصيل في السياسة الأمريكيّة – الأوروبيّة، طبقاً للعبة المصالح التي تطيح بالمبادئ. فما بالكم في فترة الأزمات الكبرى، والاختناقات الامنية والسياسيّة كالتي خلقها تنظيم “داعش”!.

– اكد” طلال سلو” أحد القادات العسكريين لقوات سورية الديمقراطية التي تم تشكيلها مؤخراً بانهم يحابون الارهاب من أجل توحيد كافة المكونات في الجمهورية العربية السورية, فما المقصود في تأكيده على اسم الجمهورية العربية السورية برأيك؟.

القصد واضح، ولا يحتاج إلى شرح. على كل حال، ما يسمّى بـ”قوات سورية الديمقراطيّة” أصدرت تصريح، تنصّلت فيه من أقوال طلال سلو هذه. لكن، حزب (PYD) ينتمي إلى تشكيل سوري “معارض” هي “هيئة التنسيق”. وهذه الأخيرة، ضمن ميثاقها، تعتبر سورية جزء من الوطن العربي. هذا الأمر، وقّع ووافق عليه حزب (PYD). طبعاً مفهوم الوطني العربي، هو من مفرزات الفكر القومي العربي بنسختيه البعثيّة والناصريّة. وفي الوقت عينه، يدعو حزب (PYD) إلى الديمقراطية والمشاريع والأفكار العابرة للقوميّات والمناهضة للموروث القومجي العفن؟!. هنا ثمّة تنقاض فاضح وصارخ. وإذا بقينا نسجّل الانتقادات والملاحظات على تناقضات حزب (PYD) فلن تنتهي القصّة عند هذا الحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى