آراء

هيفي

محمد رمضان
فتاة كردية من ‘‘كوباني‘‘ المعربة إلى ‘‘عين العرب ‘‘ في شمال سوريا نازحة تسكن في أحدى مخيمات اللاجئين بمدنية سروج التركية هيفي تعني بالكردية ‘أمل‘‘ ذو عينين سوداوين ترسم لوحة جمال عرق آري ، والساحرتين بنكهتها الكردية الرائعة .ووجها يشبه بدراً أما بشرتها تميل إلى بياض وذات ثلاثة عشر ربيعاً ويخيم عليه الحزن والأسى وتحملها مشاقة الحياة ترنو من عينيها الحزينتين قصة العودة إلى مدينتها التي أصبحت ركاماً . أملاً بأن منزلهم لا يزال صامداَ في وجه الإرهاب . بدأت معاناة ‘‘هيفي‘‘ عندما تعرضت مدنية كوباني للهجوم الشرس من قبل مقاتلي تنظم الدولة الإسلامية ‘‘داعش‘‘ مع نزوح أهالي كوباني من المدينة باتجاه الحدود التركية كانت هيفي واقفه أمام باب بيتها تنظر إلى جموع النازحين المتدفقين من كافة القرى وضواحي المدينة وهي تنظر إلى عائلتها والدموع تسكب من عينيها الساحرتين وإلى والدها الكفيف ووالدتها المصابه بسرطان الثدي وإلى أخيها الأصغر ودخلت هيفي إلى غرفتها لجلب دواء أمها وعكازة أبيها وحاجتها الأساسية لكي تلتحق مع عائلتها بسراب النزوح القصري إلى المجهول وخطفت نظرات عينيها صورة أخيها المعلقة على حائط الغرفة الذي كان يعمل عامل بناء في بيروت العاصمة اللبنانية مات أثر سقوطه من فوق احد الأبنية في الضاحية الجنوبية لبيروت فحدقت هيفي بصورة أخيها وصرخت يا أخي وين بدنا نروح .وصاح والدها أين أنتي يا هيفي وقالت جاي يا أبي قال الأب ماذا يجري يا بنتي ما هذه الأصوات يا هيفي . يا أبي خربانه الدنيا ما تم حدا في الحارة ليش وين راحت الناس على تركيا يا أبي وهي تبكي . ماذا يجري يا بنتي يا أبي وصلت داعش على عين البط وتل حاجب عم يقصفوا شيران يا ابي ورد الأب حسبنا الله ونعم الوكيل لا تبكي يا بنتي الله ما بينسى عبده . قالت هيفي يا أمي تناولي دوائكي هيا نمشي و نسكر أبوابنا قالت هيفي أي بابا هي عكازتك بدنا نمشي لوين يا بنتي على تركيا يا أبي وقال الأب مالنا غيرك يا الله وقامت هيفي بقفل الأبواب ومسكت بيد والدها واتبعت السراب الممتد مع الأفق المجهول .. وتابعت هيفي بخطواتها تلتفت إلي الوراء بإلقاء نظرات أخيرة على بيتها وعلى شارع 48 والدموع لا تفارق عينها إلى إن وصلت إلى أطراف المدينة وقالت تمهل يا أبي قد وصلنا إلى سكة القطار و طال الانتظار عدة ساعات إلى إن فتحت الحدود أمام جموع النازحين لدخول الأراضي التركية . ومع دخول الأراضي التركية بدأت تتفاقم معاناة هيفي بعد مضي يومين في العراء بجانب احد البيوت المهجورة في بلدة سروج إلى أن سكنت مع أهالها في خيمة من مخيمات اللاجئين رقم الخيمة 9ومع فصل شتاء بارد كانت هيفي تقف في طابور إغاثة لجلب لقمة لسد رمق الجوع لها ولعائلتها في ليالي الشتاء كانت هيفي تشعر بمعاناة والدتها التي تعاني الألم ,وأخيها الأصغر الذي يشد البكاء وعند بزوغ الفجر والدها يناديها ويقول يا هيفي ما اجيت سيارة إغاثة تجلبي لنا شوربة العدس وردت هيفي لا يا بابا بكير وعند تحرير مدينة كوباني من مقاتلي داعش كانت فرحة هيفي لا توصف ظناً بمجيء الفرج ووضعه حداَ لمعاناتها في المخيم وكانت هيفي تدعي بان يكون منزلهم لا يزال صامداَ في وجه الإرهاب ,ومر أسبوع وتشتد هيفي رحالها إلي مدينة ركام وكادت أن تطير من الفرحة ونسيت كل معاناتها ولمت الأشياء التي جمعتها من الإغاثة لتبدأ الرحيل إلى كوباني رويدا رويدا كلما اقتربت من مدينتها كانت فرحة ونشوة العودة تدخل قلبها وقفت خلف طابور العودة وهي تقول يا رب أن يكون بيتنا لم يصب بأي أذى وعندما عبرت مدخل مرشد بيكار وخطف أنظارها الدمار والخراب الذي حل بالمدنية . وهنا قالت يا ربي اشفي أمي لن اطلب شيئاَ أخر وعندما اجتازت شارع المحطة وتوجهت نحو شارع 48 وخطف نظرها مدرستها التي حل عليه الخراب وعندما وصلت شارع 48 وقال الأب ياهيفي لم نصل بعد لا يا أبي نحن بأول الشارع لندخل حارتنا وعندما وصلت إلى أول شارع بيتها فوجدت الخراب والدمار الذي حل ببيتهم وصرخت ببكاء عالي يا بابا بيتنا مدمر لم يبقى سوا طرف الدكان الذي كان مورد رزقهم الوحيد وهنا بدأت هيفي تفتش عن أساس بيتها لم تجد سوا برواز صورة أخيها الذي مات في لبنان فهل من أحداً يضع حداَ لمعاناة هيفي في مدينة ركام وفي تاريخ 25/6/2015أثر المجزرة التي حلت بالمدينة وراح ضحيتها أبرياء من نساء وأطفال وتم نحر هيفي وعائلتها وهنا انتهت قصة هيفي على يد الإرهاب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى