واشنطن بوست.. كيف عمق هجوم منبج القلق بشأن خطة ترامب للانسحاب؟
يكيتي ميديا
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا للصحافية ميسي ريان، تقول فيه إن مقتل أربعة أمريكيين في هجوم انتحاري في سوريا هذا الأسبوع زاد من قلق الجيش من قيام تنظيم داعش برفع وتيرة هجماته على القوات الأمريكية لتحقيق انتصار دعائي في الوقت الذي تنسحب فيه إدارة ترامب.
ويشير التقرير إلى أن المسؤولين العسكريين بدأوا تحقيقا في هجوم يوم الأربعاء، الذي وقع في مدينة منبج شمال سوريا، وتسبب بمقتل عسكريين وموظف مدني في وزارة الدفاع ومتعاقد أمريكي، بالإضافة إلى قتل خمسة سوريين عندما قام المهاجم بالتفجير في مطعم كان يجتمع فيه الأمريكيون بحلفائهم، بحسب ما قاله المسؤولون المحليون.
وتفيد ريان بأن المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين أعربوا عن قلقهم من احتمال أن يقوم المتطرفون بشن هجمات مشابهة في الوقت الذي تقوم فيه البنتاغون بتنفيذ أوامر الرئيس للمغادرة في الأشهر القادمة، مشيرة إلى قول المسؤولين العسكريين إنهم يعتقدون أن تنظيم الدولة يقف خلف الهجوم.
وتنقل الصحيفة عن أحد المسؤولين، قوله: “نحن ندرك بالتأكيد بأنه في الوقت الذي نقوم فيه بالحد من تنظيم داعش وتدمير ما تبقى منه فإنه ينتقل نحو التمرد.. ومع تنامي التمرد سنكون الهدف الرئيسي له في الوقت الذي ننسحب فيه، الكل مدرك لذلك، وهو جزء من خطتنا”، وتحدث المسؤول بشرط عدم ذكر اسمه ليفتح نافذة على عملية عسكرية لا تزال سرية.
ويلفت التقرير إلى أن هجوم يوم الأربعاء يعد أكبر هجوم قتالي في سوريا منذ أن وصلت إليها القوات الأمريكية في 2015، وجاء هذا الهجوم بعد حوالي شهر من إعلان الرئيس الانتصار على تنظيم داعش، وإعلانه بأن القوات الأمريكية البالغ عددها 2000 جندي سيقومون بالمغادرة بسرعة، مشيرا إلى أن ترامب قدم تعازيه لعائلات من قتل في منبج في أثناء حديثه في البنتاغون يوم الخميس، قائلا: “لن ننسى تضحيتهم النبيلة والخالدة”.
وتذكر الكاتبة أن أمر ترامب المفاجئ بالانسحاب قلب الخطط لعملية مستمرة في سوريا، واضطر الجيش للإسراع في وضع خطة إنهاء سريع للمهمة هناك، لافتة إلى أن المحللين قالوا إن تنظيم داعش، الذي طرد من معظم المناطق، وفقد المساحات الشائعة التي كان يسيطر عليها في أثناء ذروة تمدده في 2014، يبدو أنه شعر بوجود فرصة.
وتنوه الصحيفة إلى أن الطائرات الأمريكية لا تزال تقوم بغارات جوية دعما لقوات سوريا الديمقراطية التي تحارب ما تبقى من قوات المتطرفين في شرق سوريا، وهي معركة أخذت وقتا أطول مما توقع الكثير من المسؤولين، مشيرة إلى أن التنظيم يحتفظ أيضا بإمكانيات للقيام بهجمات في أنحاء سورية مستعينا بعدد من الخلايا النائمة.
وينقل التقرير عن تشارلز ليستر، وهو زميل في معهد الشرق الأوسط، قوله إن التنظيم الإرهابي تبنى تكتيكا استخدمه في السنوات السابقة، يقوم عدد من مقاتليه بإلقاء السلاح والعودة للحياة المدنية، مؤقتا على الأقل، وأضاف ليستر: “هذا النوع من الصمت تقريبا كان متوقعا.. والآن يرى التنظيم فرصة لإثبات أنه لا يزال موجودا ويهين أمريكا في الوقت الذي تنسحبفيه. سيكون هناك المزيد من التفجيرات مثل هذا لإرسال رسالة مفادها: أمريكا تقول بأنها هزمتنا لكننا لا نزال موجودين”.
وتورد ريان نقلا عن العالم في معهد بروكنغز كينيث بولوك، قوله إن المجموعة لديها “حافز استراتيجي” لإظهار تمكنها من ضرب أمريكا في هذا الوقت، وأضاف: “إن استطاعوا الادعاء بأنهم طردوا أمريكا من سوريا، أو سرعوا من خروجها، فإن ذلك سيساعدهم في عملية التجنيد والحصول على التأييد”.
وتبين الصحيفة أن المهمة البرية الأمريكية في سوريا تميزت بأنها صغيرة وقليلة الإصابات، وهو ما يشير إلى طبيعة المهمة بأنها بشكل كبير دعم للقوات المحلية، في الوقت الذي تقوم به تلك القوات بالمهمات القتالية على الجبهة، لافتة إلى أنه قبل هجوم يوم الأربعاء قتل جنديان بسبب هجمات في سوريا منذ عام 2015.
ويفيد التقرير بأن مهمة إعادة الاستقرار إلى منبج بعد طرد تنظيم داعش من هناك عام 2016 كانت هادئة نسبيا، فيما سمحت الحالة الأمنية الجيدة في المدينة، التي تعد نقطة احتكاك بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا والقوات التركية الحليفة للناتو، للقوات الأمريكية بالتحرك بحرية أكبر وبشكل مكشوف أكثر مما يفعلون في أماكن أخرى.
وتنقل الكاتبة عن المسؤولين العسكريين، قولهم بأن ضيق الوقت للخروج سيتطلب من القوة الصغيرة نسبيا أن تركز بشكل رئيسي على الانسحاب وحماية تلك القوة، وهو ما يعني أن تلك القوات لن تستطيع إلا تقديم دعم بسيط للقوات السورية التي تحارب تنظيم داعش.
وتشير الصحيفة إلى أن المسؤولين أعربوا سرا عن قلقهم من خطة البيت الأبيض لتسليم هذه المعركة ضد المتطرفين للقوات التي تدعمها تركيا في سوريا، حيث يعتقد أولئك المسؤولون بأن تلك القوات غير فعالة ولا يمكن الاعتماد عليها، لافتة إلى أن البنتاغون بدأت بنقل بعض المعدات من مجموعة القواعد الموجودة في سوريا، إلا أنه لم يغادر أي من الجنود، وما يشير إلى أن الانسحاب في بداياته فالمعدات نقلت من خلال رحلات جوية وبرية كانت مبرمجة أصلا، ولم يتم إغلاق أي قواعد.
ويجد التقرير أنه بعد أسابيع من إعلان ترامب فإنه لا تزال هناك ضبابية حول كيف ستسير الإدارة في خطتها للانسحاب، مشيرا إلى أن كبار المسؤولين في الإدارة، بمن فيهم مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية، سوقوا لخطة البقاء في سوريا حتى تغادر القوات التي تدعمها إيران، حيث تعد إيران وروسيا الداعمين الرئيسيين لرئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وتلفت ريان إلى أن هؤلاء المسؤولين بقوا داعمين للرئيس، لكنهم اقترحوا أحيانا تغيير قرار المغادرة أو إبطاءه، لإنهاء المعركة في شرق سوريا، كما اقترح نائب الرئيس مايك بنس يوم الخميس.
وتنقل الصحيفة عن بنس، قوله في فعالية تتعلق بالدفاع الصاروخي في البنتاغون: “يجب أن تعلم عائلاتهم وقواتنا المسلحة بأن تضحياتهم ستقوي من تصميمنا بأنه في الوقت الذي بدأنا فيه بجلب قواتنا للوطن، سنفعل ذلك بطريقة تضمن بأن بقايا تنظيم داعش لن تستطيع إقامة دولته الشريرة الدموية”.
وينوه التقرير إلى أن أعضاء الكونغرس من الحزبين ربطوا سفك الدماء في منبج بتشككهم حول رغبة ترامب بإنهاء المهمة في سوريا، وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائب إليوت إنجل: “هذا الهجوم الرهيب يذكرنا بأن تنظيم داعش لم يهزم، وأنا قلق جدا من أن إعلان الإدارة عن الانسحاب سيشجع ما تبقى من تلك المنظمة الخطيرة”.
وتقول الكاتبة إن خمسة من السكان المحليين قتلوا، بحسب قوات سوريا الديمقراطية، وهي القوات التي في غالبها من وحدات حماية الشعب، والتي كانت الشريك المحلي الأساسي ضد تنظيم داعش.
وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالإشارة إلى قول قوات سوريا الديمقراطية في بيان: “يحاول تنظيم داعش، الذي تلقى ضربات قوية، وهو على وشك خسارة الأراضي التي يحتلها، وبمساعدة بعض الأطراف التي تهدف إلى الإخلال بالسلام والاستقرار في المنطقة، نشر الفوضى والخوف في المناطق التي قامت قواتنا بتحريرها”.
واشنطن بوست.. ترجمة التقرير عربي21