واشنطن بوست: هذه ملامح اتفاق ترامب- بوتين حول سوريا
قدم المعلق المعروف ديفيد إغناطيوس بمقال له في صحيفة “واشنطن بوست” ملامح الخطة الأمريكية المتوقع مناقشتها في القمة الأمريكية- الروسية المرتقبة وفيها يتنازل الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن مطالبه بالتغيير السياسي في سوريا مقابل الحد من النشاطات الإيرانية هناك. وتساءل في هذا السياق إن كان الرئيس ترامب سيسلم سوريا إلى الرئيس فلاديمير بوتين. وقال إن الحرب الكارثية في سوريا تقترب من نهايتها لأن الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل تتعاون على تشكيل رؤية حل يعني بقاء الأسد في الحكم مقابل منع إيران من بناء جذور لها. ويقول إغناطيوس إن الحد من التأثير الإيراني في سوريا أصبح الهدف الرئيس لإدارة ترامب بعدما تم التخلص من تنظيم “الدولة”.
وعليه يبدو أن الرئيس الأمريكي مستعد لتبني خطة تبقي الأسد، الديكتاتور الذي ضرب شعبه بالغاز والتخلي عن المعارضة السورية التي دربتها ومولتها أمريكا. ويصف الكاتب سياسة الرئيس ترامب بأنها مثل كرة التنس التي ارتدت أماما وخلفا. إلا أن أهم ملمح فيها هي التراجع عن الإلتزامات العسكرية في الشرق الأوسط التي قام بها سلفاه جورج دبليو بوش وباراك أوباما. ويقوم بتفكيك هذه الإلتزامات خطوة بعد خطوة.
ويأتي النقاش بشأن سوريا في الوقت الذي يحضر فيه الرئيس ترامب لقمة في 16 يوليو/تموز مع بوتين. ولا يعرف المحللون والدبلوماسيون الأجانب عن أجندة القمة لكنهم متأكدون من أن الخطة السورية ستكون في مركز النقاش. ويرى الكاتب أن العنصر الأهم في صفقة سوريا هو التعاون بين روسيا وإسرائيل. وتركز الخطة الإسرائيلية بشكل ضيق على منع إيران من البقاء في سوريا وتوصلوا على ما يبدو أن الرئيس بوتين يعتبر حليفا يمكن الوثوق به. وتحدث المسؤولون الإسرائيليون والأوروبيون عن العناصر المحتملة في الصفقة فمقابل تراجع الولايات المتحدة عن مطالبها بالتحول السياسي في سوريا تقوم روسيا بدعم سلسلة من المعايير لاحتواء التأثير الإيراني. وتضم الخطة:
ابتعاد القوات الموالية لإيران عن الحدود الإسرائيلية في مرتفعات الجولان مسافة 80 كيلومترا. وتحصل إسرائيل على موافقة تكتيكية لضرب مواقع إيرانية طالما لم تتعرض القوات الروسية للخطر.
ومارست إسرائيل هذه الحرية عندما ضربت قواعد عسكرية سرية لإيران في داخل سوريا ومنعت جهود طهران فتح جبهة ثانية لدعم حزب الله.
وسيقوم جيش الأسد وبدعم من الطيران الروسي بتدعيم وجود الحكومة في مناطق الجنوب واستعادة مواقع قرب الحدود مع الأردن. وتفضل الأخيرة سيطرة النظام لأنه قد يفتح المعابر التي تستأنف منها حركة الشحن وتفعيل الإقتصاد الأردني. وسيترك المقاتلون في جنوب- غرب سوريا لمواجهة مصيرهم بدون دعم.
وستقوم الشرطة العسكرية الروسية بإدارة مناطق جنوب غرب سوريا ومناطق أخرى لتحقيق الاستقرار فيها. ولكن دبلوماسيا غربيا حذر من أن اي توقعات من تحقيق القوة الروسية الأمن تقوم على مجرد أوهام وليس الواقع. وفي الوقت نفسه ستحتفظ القوات الأمريكية بموقعها العسكري في التنف لمنع الإيرانيين والميليشيات التابعة لهم.
وسيمد النظام السوري والروس اليد للمقاتلين الأكراد في شمال – شرق سوريا التي تعاونوا فيها وبنجاح مع القوات الأمريكية الخاصة لهزيمة تنظيم الدولة والتعاون في مجال إعادة الاستقرار. ويأمل القادة العسكريون الأمريكيون بالبقاء في المنطقة لمدة 18 شهرا مع أن الرئيس عبر عن نفاذ صبره بالمهمة.
وعبر قادة المعارضة السورية عن خيبة أملهم من الصفقة وحذر أحدهم من أن “الخيانة” ستكون حاضنة لظهور حركات جهادية في المستقبل. وتشكك الدول الأوروبية التي كانت جزءا أساسيا من التحالف في سوريا في إمكانية نجاح الخطة المعادية لإيران.
وقال دبلوماسي للكاتب إن بريطانيا وفرنسا حذرتا الولايات المتحدة من أن روسيا ليست لديها القوة الكافية على الأرض لدفع الإيرانيين الخروج من المناطق التي يسيطرون عليها. ويرى الكاتب أن قادة البنتاغون يشعرون بالقلق من استعداد ترامب التخلي عن سوريا لروسيا والتنازل عن الإنجازات التي تم اكتسابها بصعوبة لكنهم يخسرون على ما يبدو الجدال.
وفي الوقت الذي يحضر فيه بوتين للقمة فمن الجدير بالملاحظة كيف لعب أوراقه بذكاء، فقد أصبحت روسيا الموازن الإقليمي وتلعب الدور الذي كانت تلعبه الولايات المتحدة. وتحتفظ روسيا بعلاقات جيدة مع كل من إيران وإسرائيل. ولديها علاقات متطورة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وتتحدث مع الأكراد السوريين وتركيا التي تعتبرهم إرهابيين. وعادة ما عبرت سياسة بوتين عن رؤيته كبلطجي سابق في كي جي بي إلا أن سياسته السورية تستحضر المدخل الصيني والتي تقوم على تحييد العدو بدون منازلته. واستطاع بوتين اتخاذ موقف حاسم في سوريا وبكلفة قليلة فيما سيقوم ترامب الآن بتأكيد انتصاره.
القدس العربي/ إبراهيم درويش