واشنطن: لا توجد خطة بديلة لآلية إيصال المساعدات إلى سوريا
أكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، على أن واشنطن “لن تستسلم حتى تحقق على الأقل إبقاء معبر واحد مفتوحاً لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا”، مشددة على أنه “إذا لم يتم تمديد التفويض فقد يفقد آلاف الأشخاص حياتهم”.
وفي تصريحات للصحفيين، عقب آخر جلسة يعقدها مجلس الأمن بشأن الأوضاع الإنسانية في سوريا قبل انتهاء تفويض الآلية الحالية لإيصال المساعدات من معبر باب الهوى على الحدود التركية في 10 من تموز المقبل، قالت السفيرة الأميركية إنه “لا توجد لدينا خطة بديلة، الخطة ب هي الاستمرار في الضغط من أجل تمديد التفويض، تلك الخطة تعني أننا قد فشلنا، ونأمل ألا نفشل”.
وأضافت غرينفيلد أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع روسيا من أجل المحافظة على معبر باب الهوى مفتوحاً بعد 10 من تموز، موضحة أن “هذه القضية تحظى باهتمام حكومة الولايات المتحدة على أعلى المستويات، لذا نحن مستمرون في إثارتها حيثما أتيحت لنا الفرصة، سواء مع زملائنا الروس هنا وكذلك في العواصم الأخرى”.
وأشارت إلى أن واشنطن “ستواصل الضغط، نحن ملتزمون بتقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري المحتاج، وسنعمل على القيام بذلك بغض النظر عما يحدث”.
“عواقب وخيمة”.. غوتيرش يحذّر
من جهة أخرى، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، من “عواقب وخيمة في حال فشل مجلس الأمن في التمديد لآلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود”.
وفي إفادة لممثلي أعضاء المجلس، قال غوتيريش، عبر دائرة تلفزيونية، قال غوتيرش إن “الفشل في تمديد هذا التفويض سيكون له عواقب وخيمة”، مناشداً الدول الأعضاء “بشدة للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن السماح بالعمليات العابرة للحدود، باعتبارها قناة حيوية للدعم، لسنة أخرى”.
وشدد على أن “الشعب السوري في أمسّ الحاجة لهذه الآلية، فالوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء الصراع”، واصفاً الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا بأنه “الأسوأ في البلاد، حيث أكثر من 70 % من سكان المنطقة بحاجة إلى المساعدات الإنسانية الأساسية للبقاء على قيد الحياة، ويوجد نحو 2.7 مليون نازح، ومن الضروري جداً الحفاظ على مستوى دعمنا وزيادته”.
وأوضح غوتيرش أن “13.4 مليون شخص يحتاجون للمساعدة الإنسانية، ويعاني 12.4 مليوناً من انعدام الأمن الغذائي، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي 60 % منذ العام 2011 وتفاقمت الأزمة الاقتصادية”.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن عملية الأمم المتحدة الإنسانية في سوريا هي الأكبر بالعالم، مضيفاً “أطلقنا نداءً إنسانياً لجمع 4.2 مليارات دولار لتخفيف محنة البلاد، و5.8 مليارات دولار لدعم اللاجئين بالمنطقة، ومع حلول يومنا هذا حصلنا على 636 مليون دولار للاستجابة السورية فقط، وأقل من 600 مليون دولار للاستجابة الإقليمية”.
روسيا تعتبر فتح المعابر “نفاقاً إجرامياً”
في مقابل ذلك، انتقد المندوب الروسي، السفير، فاسيلي نيبيزيا، مطالبات الأمين العام للأمم المتحدة وممثلي الدول الغربية بالمنظمة الأممية ضرورة تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا، وخاطب ممثلي الدول الغربية في المجلس بالقول “لدي انطباع بأن هذا الوضع الراهن في إدلب يناسب زملاءنا في مجلس الأمن ولا يزعجهم”.
واعتبر المندوب الروسي أنه “من الصعب تسمية هذا الموقف بأي شيءٍ آخر بخلاف النفاق الإجرامي”.
وأضاف أنه “لم أكن أقل دهشة عندما سمعت الأمين العام في بداية الجلسة يقول: إن عمليات التسليم عبر خطوط الاتصال لن تكون أبداً قادرة على استبدال آلية المساعدات عبر الحدود، فما معنى ذلك؟ هل يريد أن تبقى آليه المساعدات عبر الحدود إلى الأبد؟ لا أفهم كلمات الأمين العام بأي طريقة أخرى!”.
وقال السفير الروسي في إفادته “أريد أن أسال هنا، هل الكلام الذي نسمعه في هذه القاعة عن سيادة سوريا لا يعني شيئًا؟”، مضيفاً أنه “لا يمكن النظر في مسألة تمديد آلية المساعدات العابرة للحدود بمعزل عن الوضع في محافظة إدلب، التي تحولت منذ فترة طويلة إلى ملاذ آمن للإرهابيين في سوريا”.
عقاب جماعي لملايين العزّل
وخلال جلسة مجلس الأمن أمس، أعلنت إيرلندا اعتزامها العمل مع النرويج لتقديم مشروع قرار في هذا الشأن، وقالت مندوبة إيرلندا، مني جول، إنه “في 10 من تموز المقبل ستنتهي آلية توصيل المساعدات الإنسانية بموجب القرار 2533، وفي الأسبوعين المقبلين، ستعمل إيرلندا والنرويج مع جميع أعضاء هذا المجلس لتجديد هذا القرار الإنساني”.
وأضافت جول أن “مشروع القرار الذي نعتزم توزيعه عليكم سيجدد ويوسع آلية إيصال المساعدات الإنسانية استجابة للاحتياجات الإنسانية الملحة”، محذّرة من أن “الفشل في تجديد القرار سيزيد من معاناة المدنيين في شمال غربي سوريا إلى مستويات غير مسبوقة خلال عقد من الصراع”.
ومن جانبه، حذّر ممثل تركيا الدائم لدى مجلس الأمن، سينيرلي أوغلو، من عواقب إغلاق معبر باب الهوى بين سوريا وتركيا، مؤكداً أن هذه الخطوة ستهدد حياة 4 ملايين شخص شمال غربي سوريا، يعيشون على المساعدات الأممية التي تدخل من المعبر المذكور.
ودعا سينيرلي أمين عام الأمم المتحدة ومسؤولين كباراً آخرين إلى “ضرورة الإصغاء إلى التحذير من أن الفشل في تمديد آلية الأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية عبر الحدود في سوريا سيكون ضاراً جداً”.
وشدد السفير التركي على “ضرورة عدم نسيان الظروف التي دفعت مجلس الأمن الدولي إلى السماح بعمليات المساعدات الإنسانية الأممية العابرة للحدود منذ عام 2014″، مضيفاً أن “آلية مجلس الأمن الدولي العابرة للحدود ضد نظام الأسد الذي قتل شعبه بوحشية واستهدف البنى التحتية الإنسانية الحيوية، جاءت لإيصال المساعدات الإنسانية التي أمنت للنازحين في سوريا حياة آمنة”.
وأشار سينيرلي أوغلو إلى أن نظام الأسد وداعميه ارتكبوا العديد من جرائم الحرب ضد الإنسانية، مضيفاً أن “اليوم، لا يزال ملايين الأشخاص العزل في شمال غربي سوريا يواجهون عقاباً جماعياً، إنهم يكافحون من أجل البقاء في منطقة حرب نشطة، أملهم الوحيد في البقاء هو المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة”.
وشدد المندوب التركي على أنه دون آلية المساعدات العابرة للحدود، لن يتمكن السوريون من تلقي اللقاحات المضادة لفيروس “كورونا”، ولن تكون وكالات الأمم المتحدة موجودة على الأرض، ولن يكون لديها السلطة لمساعدة المنظمات غير الحكومية مالياً.
وفي تموز من العام الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي، قرارا قدمته ألمانيا وبلجيكا، تم بموجبه تمديد آلية المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر باب الهوى، وذلك بعد نقض روسيا مرتين إرسال تلك المساعدات عبر أكثر من معبر.
وتجري حالياً مفاوضات في مجلس الأمن بشأن تمديد وصول المساعدات عبر الحدود إلى مناطق في شمال غربي سوريا. إلا أنّ روسيا أشارت في شهر شباط الماضي إلى نيتها إغلاق المعبر الأخير المتبقي عبر باب الهوى، عندما يحين موعد التصويت في المجلس قبل انتهاء المدة في 10 من تموز.
ويتطلب صدور قرارات مجلس الأمن، موافقة 9 دول على الأقل من أعضائه، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ويسعى المجتمع الدولي إلى إعادة السماح بوصول الأمم المتحدة إلى معبر باب الهوى، وإعادة فتح المعابر الحدودية الأخرى قبل انتهاء التفويض الحالي في 10 من تموز المقبل.
ويعتمد معظم سكان شمال غربي سوريا البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة، بمن فيهم ما لا يقل عن 2.6 مليون مهجر، على المساعدات الإنسانية.
وفي كانون الثاني 2020، ألغى مجلس الأمن التفويض الممنوح للأمم المتحدة باستخدام معبر اليعربية الحدودي بين العراق وشمال شرقي سوريا، بعد أن اعترضت موسكو على التجديد واستخدمت الفيتو، وقلل هذا من قدرة منظمات الإغاثة على دعم نظام الرعاية الصحية المتعثر هناك والتصدي لجائحة كورونا.