آراء

واقع وتوصيات للموفد الأمريكي المستقبلي لشمال شرق سورية

أيمن عبد النور/مسؤول موقع كلنا شركاء

في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر أنهى السفير وليم روباك مهمته التي ابتدأها في يناير 2018 وعاد إلى واشنطن ليتقاعد.

يشغل السفير روباك رسمياً نائب الموفد الخاص للتحالف الدولي ضد داعش وتنقل بين واشنطن وشمال شرق سورية حيث كان يقضي ثلثي السنة في سورية زار خلالها الرقة ( منغ – الطبقة – منصورة ) ودير الزور ( كسرة – بصيرة – حجين – دشيشة ) و حقول النفط ومنها حقل العمر حيث كان يعيش اول الأمر بالقاعدة العسكرية في معمل اسمنت لافارج بجانب كوباني وبعد الانسحاب منها انتقل لقاعدة صغيرة في الشرق.

كان وقته ينشغل بالتواصل مع السوريين في الشمال الشرقي ومنهم قسد وحزب المستقبل . الوضع العام اختلف ما بين عامي 2018 والآن فداعش كانت اكبر حجماً وخطراً من الوقت الحالي ولكن بالمقابل الصراع حول مستقبل سورية بين اللاعبين الكبار ازداد واصبح اكبر , فبينما الحل السياسي يسير ببطئ ترتفع مشاكل النازحين والمصاعب التي يواجهها السوريون اللاجؤون بشكل كبير . بانتظار تعيين بديل له من قبل وزارة الخارجية من المفيد استعراض تعقيدات والمستويات المختلفة للصراع في تلك المنطقة والجو الذي سيعمل فيه الشخص الذي سيشغل هذا المنصب:

1- صراع كردي –كردي وله مستويين : الأول بين القيادة الكردية الحالية المسيطرة على الإدارة الذاتية والمنتمية لحزب العمال الماركسي في تركيا وبين الاكراد السوريون وطبيعة الخلاف حول توجهات المستقبل والتحالفات.

والثاني بين الاكراد السوريين في تنافسهم على السلطة حيث انقسم المجتمع إلى حوالي 80 منظمة مجتمع مدني وحقوقي و13 حزب سياسي وكان النظام السوري هو من دفع باتجاه التفريق والخلافات بينهم في الثمانيات بغية اضعاف الحركة الكردية الوطنية.

2- صراع كردي – عربي.

3- صراع عربي – عربي بين القبائل المختلفة.

4- صراع داخل كل القبيلة وله مستويين: الأول حول الإمارة والزعامة ومن يمثل القبيلة وخصوصا بعد وفاة الرعيل الكبير وتشتت الإرث على عدد كبير من الأولاد.

والثاني بين الموالين للنظام السوري والمعارضين له . الأمر الذي يجعل الخلافات مهما بدت صغيرة تأخذ طابعا إقليميا واحيانا دولياً هو ان الكثير من ابناء المنطقة لهم ارتباطات إقليمية كبيرة ويحملون جنسيات كثير من الدول كمثل:

1- يحمل معظم رؤساء القبائل والعشائر وعائلاتهم الجنسية السعودية ولهم اعطيات مالية في كل عيدي الأضحى والفطر كما ان اكثر ابناء شيوخ العشائر تم ايفادهم للدراسة باميركا وخصوصا العلوم السياسية بمنح سعودية حيث يحملون جوازات سفر سعودية ويقدر عدد من يحمل الجواز السعودي بحدود 10 الاف شخص ومنهم من له صلات قرابة مع آل سعود نتيجة المصاهرات.

2- بعدد اقل بكثير هناك بضع مئات ممن يحملون جوازات قطرية.

3- هناك من قبيلة العنزة 7 آلاف يعملون في جيش الدفاع البحريني ويحملون جنسيات بحرينية.

4- هناك مجموعات تحمل الجنسية العراقية ولها صلات كبيرة مع القيادات العراقية سواء السنية او الشيعية او الكردية وتمتد كثير من العشائر بين البلدين فترى اولاد العم يقطنون بالبلدين.

5- يحمل لا يقل عن 100 الف سرياني مسيحي جنسيات السوريد – المانيا – بلجيكا ولكن الكتلة الاكبر هي بالسويد ولديهم فريق كرة قدم بالدرجة الاولى وقناتي تلفزيون وقد هاجروا في بداية الثمانيات نتيجة وقوف نظام حافظ الاسد مع عبد الله اوجلان ومجموعته والتي لم تحترم خصوصيات المسيحيين في تلك المنطقة فوجدوا انفسهم ونتيجة الضائقة الاقتصادية الكبيرة يهاجرون إلى السويد التي كانت قد فتحت ابواب الهجرة.

6- بقيت مجموعات صغيرة من الأرمن فقط بعد ان كانت تزين فسيفساء المنطقة وهناك كثير من الشخصيات من القبائل العربية امهاتهم ارمنيات من فترة الهروب حيث استضافتهم القبائل وحمتهم .

إضافة لكل هذه التعقيدات فإن من سيشغل هذا المنصب سيجد ان إدارته في الخارجية تتعرض لنتائج عمل اللوبيات التالية بواشنطن : -اللوبي الكردي وهو الأنجح حتى الآن على صعيد كسب الـتأييد الإعلامي والحشد السياسي وتأمين التمويل وكسب التعاطف الشعبي الامريكي وخصوصا بتسويق نفسه انهم علمانيين ويدعمون الحريات الدينية.

– اللوبي التركي.

– اللوبي السوري الداعم لتركيا.

وأثناء عمله على الارض سيجد هذا الشخص ان كثير من الوعود التي سيتلقاها لن تصمد وكثير من الامور التي كان يتوقع حصولها لن تحصل او بالعكس فعمله يتعرض للتخريب من عدة جهات ومنها:

– روسيا التي تريد ازعاج اميركا ودفعها للانسحاب النهائي وليس الجزئي كما حصل منذ عام مما سيؤمن لها امكانية ملئ الفراغ والضغط على الاكراد لعقد صفقة مع دمشق والرضوخ للمطالب الروسية تحت طائلة التهديد بالانسحاب وتركهم لوحدهم امام هجوم تركي محتمل.

– ايران والتي تسعى للمحافظة على ميليشياتها وخلاياها السرية تعمل مع قواعد لها للامداد.

– النظام السوري والذي يسعى للتفريق بين كل الاطراف لاضعافهم جميعا والضغط على القبائل لسحب ابنائها من قسد التي يشكلون فيها حوالي 65 % وكذلك اثارة القلاقل في كل المدن مما يدفع بالناس للمطالبة والضغط على الإدارة الذاتية لعودة النظام في ظل انعدام الأمن والأمان.

– ومؤخرا بسبب الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي فهذا سيعقد الأمر بالشمال الشرقي كونه يمكن الإمارات من استخدام خوف الاكراد من قرار انسحاب مفاجئ لاميركا بالتنسيق والدعم بشكل اكبر مما يجري حالياً لتقويتهم ضد تركيا وكذلك دعم وتواجد اسرائيلي مباشر يمكنها من التواجد ولأول مرة على الأراضي السورية بشكل علني.

في ظل هذا المشهد المعقد جدا الذي لا اعتقد ان له مثيل باي بقعة جغرافية صغيرة بالعالم فإنه ينصح لمن سيشغل هذا المنصب:

– ان يكون يعرف عادات وتقاليد كثير من القبائل وسكان المنطقة -الحساسيات بينهم -استمرار ما بدأه السفير روباك بالتعاون مع المنظمات الامريكية على الارض من حوار كردي – كردي وحوار كردي – عربي .

– توحيد جهود ورؤية الديبلوماسيين والعسكر الامريكي كي لا يكون هناك مجال للمناورة امام الآخرين كما فعل السفير جيفري في زيارته قبل مدة عندما حضر معه قائد عسكري لارسال رسالة ان الفريقين متفقين.

– العمل للوصول الى اتفاق ثابت بين الاطراف يشمل الجانب الإداري –المدني ويرسل رسالة تطمين لتركيا و كذلك النفط ويصمد امام الانسحاب الامريكي ولا ينهار مباشرة .

 

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “280”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى