وكالات :دراسة تحليلية للضربات الأمريكية على سوريا والعراق مقارنة مع حملات عسكرية سابقة
مع زيارة الرئيس باراك أوباما للبنتاغون لتقييم أداء عمل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية والذي بدأ منذ عام تقريبا، لا بد لنا من تحليل إحدى الانتقادات المهمة الموجهة لتلك الحرب الجوية:
– القنابل التي ألقيت في هذه الحرب ليست كافية. يعزو سياسيون، وعسكريون متقاعدون ونقّاد انخفاض عدد الضربات الجوية لعدة أسباب؛ يدّعي البعض أن قواعد الاشتباك التي وضعتها واشنطن تؤدي إلى حظر فئات بعينها من الأهداف (لا سيما قوافل النفط المتوجهة إلى تركيا)، كما يجري محامون عسكريون تقديرات للأضرار الجانبية ويحظرون بناءً عليها الضربات التي قد تسبب أذىً غير مرغوب فيه، أو أنه لا توجد معلومات كافية على الأرض للحصول على ضربات دقيقة.
– يحاجج بعض النقاد أن هذا القلق المبالغ فيه على سقوط ضحايا مدنيين يسمح للدولة الإسلامية بالبقاء والنماء في أجزاء من سوريا والعراق. يأتي هذا على الرغم من إحصائية قدمتها وزارة الدفاع الأمريكية تفيد بمقتل 12500 مقاتل من الدولة الإسلامية وتدمير 7500 قطعة من المعدات والبنية التحتية. تجدر الإشارة إلى تقديرات الاستخبارات الأمريكية الأخيرة عن عدد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والذي بلغ حوالي 20000 إلى 31500 مقاتل، ما يعني أنه على الرغم من مقتل 12500 من أنصار التنظيم، إلّا أن عددا مماثلا من المقاتلين من السكان المحليين أو الأجانب قد حلوا محلهم بالفعل. هذا نموذج آخر من المجموعات غير التابعة لدولة ما والتي لن تكون الولايات المتحدة قادرة على القضاء عليها بالقنابل وحدها.
– إن الصعوبة الكامنة في تحديد سبب قلة الضربات الجوية نسبيا هو أن قواعد الاشتباك وطرق إحصاء الأضرار الجانبية للغارات، سريّة. علاوة على ذلك لا يعرف العامّة العملية التي يتم من خلالها اختيار الأهداف، فحصها ومن ثم اعتمادها من قبل غرفة عمليات مشتركة تقوم بإدارة الحملة الجوية. وقد أشار وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أن الغارات الجوية في سوريا تتم على “أهداف تحدّدها قوات محلية ثم نقوم بالتحقق من صحّة تلك الأهداف”. ووفقًا لأي مخطط حملات جوية تحدثت إليه، فإنه إذا كانت الولايات المتحدة هي التي تحدد بنك الأهداف فإن عدد تلك الأهداف سيكون أكثر مما هو عليه الآن، لكن ليس أكثر بكثير.
وقد ذكر رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، خلال جلسة استماع أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب في 17 حزيران، يونيو، ذكر السبب الرئيسي لمحدودية الضربات وقال:
إن مُحدِّدات القوّة الجوية لا علاقة لها بالفريق المختص بتحديد بنك الأهداف أو بتقدّم رجال ونساء الخدمات العسكرية. لكن الأمر يتعلّق بتداخل عدد كبير من المجوعات مع بعضها البعض.
حتى هذه اللحظة ما زال الجيش الأمريكي يدّعي وبشكل قاطع أنه لم يُقتل أي مدني حتى الآن. حيث صرّح الجنرال جون دبليو هيسترمان، قائد القوات المشتركة بسلاح الجو:
لا يوجد أي دليل على سقوط ضحايا مدنيين حتّى الآن، ولكننا سنبحث في الموضوع بما تمليه علينا ضمائرنا، كما نفعل في أي ادّعاء آخر.
وفي وقت سابق، اعترفت القيادة المركزية الأمريكية أنه كان “من المرجح” مقتل طفلين في غارة جوية على سورا في شهر نوفمبر الماضي. وهناك أيضا خمسة تحقيقات تجري حاليا في مزاعم لسقوط ضحايا من المدنيين، وفقا للجنرال وايدلي، رئيس هيئة الأركان لقوة المهام المشتركة في عملية العزم المتأصل. في الوقت نفسه، قدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مصدر يستشهد به السياسيون والنقّاد عندما يتوافق مع حججهم، قدّر الضحايا المدنيين من ضربات التحالف بـ 162 شخصا مدنيا، من بينهم 51 طفلا و35 امرأة.
أخيرا، نبين أنه على الرغم من وجود قيود عدّة كتلك التي وضعتها الحكومة التركية فيما يخص قاعدة انجرليك الجوية، فإن هناك أمورا لا قيود عليها كعدد الطيارات المشاركة. بحسب الجنرال ديمبسي فقد شاركت “397 طيارة مقاتلة و 1600 طيّار … يقومون بأداء مهامهم فوق كل من العراق وسوريا.” وهذا رقم قوي نسبيا، يفوق العدد الذي استخدم في حرب السبعة عشر يوما في البوسنة عام 1995، أو في حملة تغيير النظام الليبي عام 2011. إضافة لذلك، فقد واجه طيّارو التحالف حتى الآن نظام دفاع جوي ضعيف نسبيا على الرغم من إسقاط مقاتلة درون فوق سوريا في 17 آذار مارس الفائت وأخرى تحطمت في العراق في الثاني والعشرين من حزيران المفائت، على أن سبب ذلك يبقى غامضًا.
ولعمل مقارنة بين عملية العزم المتأصل وعمليات أخرى لحملات عسكرية قادتها الولايات المتحدة، انظر الجدول أدناه. آخذا بعين الاعتبار أن كلّا من هذه الحملات هي حملة تتميز عن الأخريات بأهدافها، ومجموعة الشركاء في التحالف، وقواعد الاشتباك، والتحدي القائم لتجميع تلك البيانات. ومع ذلك، يمكن أن نقول أنّ عدد القنابل التي أُسقطت كل يوم والكافية للقضاء على جيش من المتشددين متناثر وكبير بالشكل الذي هو عليه في تنظيم الدولة الإسلامية محدود نسبيا، على الرغم من القلق المفهوم من إصابة مزيد من المدنيين.