يوسف حمزة في ذكراه السابعة من رحيله
نجم الدين كياض
في ذكرى المرحوم يوسف حمزة ومناقبه . في عام١٩٨١ تعرّفت على الرفيق المرحوم *’يوسف حمزة”* من خلال عملنا السياسي داخل حزب اليسار الكُردي ، وكان يقود منظمة الحزب آنذاك كل من *”الشهيد عبدي نعسان قادر”* الذي اغتالته يد الغدر والخيانة والرفيق *”مصطفى بكر”* ومعهم بعض الرفاق الآخرين. وبعدها عملنا معاً في *”حزب الشغيلة الكُردية”* بعد تأسيسه عام *”١٩٨٢”* وبدأنا نضالنا سويةً دون كلل او ملل . وكنا معاً في مرحلة الثانوي من الدراسة . وبعد اغتيال *”الرفيق عبدي”* في عام ١٩٨٥ و ترك بعض الرفاق القياديين العمل التنظيمي عام ١٩٨٧ .أصبحنا في موقع المسؤولية من العمل السياسي والتنظيمي، برغم صغر سننا، ومعنا كان بعض الرفاق الآخرين. وبدأ الرفيق المرحوم *”يوسف حمزة”* يحمل على نفسه الكثير من المسؤوليات التنظيمية . لسد الفراغ وعدم إحساس القاعدة الحزبية بالفراغ التنظيمي نتيجة النكسة التي تلقاها الحزب آنذاك، وبدأنا معاً وهو يتنقّل في عمله السياسي والتنظيمي من رفيقٍ الى رفيق ومن بيت الى بيت ومن قرية الى قرية .للإشراف على الخلايا والفرق الحزبية بعد تبوؤه منصب عضو الهيئة القيادية . وكنا نعقد لكلّ خلية أو فرقة أو هيئة اجتماعين في كلّ شهر أحدهم للعمل التنظيمي والسياسي والثاني لتعليم المؤيّدين والمؤازرين اللغة الكُردية لغة الام . هذا كان من أساسيات البرنامج والنظام الداخلي للحزب . وفي كلّ خطوة كان يستشير المرحوم رفاقه في الهيئة كيف نستطيع تطوير الهيئات الحزبية وما الكتب التي نستفيد منها . لتخريج كوادر متقدمة لتحمل مسؤولياتهم في المستقبل . وكنا في بداية شبابنا وكانت المسؤولية أكبر من طاقاتنا لهذا بدأنا العمل معاً وأحياناً كنا ننام خارج البيت عدة أيام وبرغم أننا كنا نعاني من ضغوطات عائلية، لخوفهم من اعتقالنا من قبل أمن البعث. وهكذا كان عملنا إلى أن تشكّل حزب الوحدة من ثلاثة أحزاب ،وكنا أحد الأحزاب . عام ١٩٩٣ وبدأت الأمور تتغيّر بشكلٍ متسارع والمرحوم تبوّأ منصب عضو الهيئة القيادية في الوحدة الديمقراطي( يكيتي) وما أن تشكّل الوحدة حتى بدأت الخلافات بين هيئاته الحزبية نتيجة الاختلافات في البنية التنظيمية والرؤية الاستراتيجية. وبدأ الكثير من رفاق الهيئة القيادية الاستنكاف عن العمل التنظيمي . وهذا ما قد يؤدّي الى الخلل في القاعدة الحزبية . لكنّ المرحوم تطوّع بنفسه لتحمّل مسؤوليات المنظمة باكملها . لعدم إحساس القاعدة بخلافات القيادة. وبدأ ينتقّل مرة اخرى بين قرية وأخرى وبيت وآخر ومن مدينة لأخرى دون أن يكون مفرّغاً وكنت آنذاك قد سُرحت من الجيش . وذات مرة قلت له كيف تقوم بكلّ هذا لوحدك . فردّ : لا تسالني كيف . هذه مهمتي وأقلّ مايمكن أن اقدّم لهذا الشعب الذي عانى من الظلم منذ مئات السنين . *”ألا يستحقّ هذا الشعب أن نوفي له جزء من واجبنا الكردايتي”* . برغم أنّّ عائلته كانت تعاني من الفقر. لكنه كان يضع مصلحة القضية فوق كل الاعتبارات الأخرى وفوق مصلحته الشخصية .وذات مرة قال لي هل تعلم أن عملي الحزبي والتنظيمي يجعلني أنام خارج البيت أكثر من ما أنام في البيت . بسبب توسع هيئات المنظمة أي أنّ كلّ يوم كان لديه إشراف على هيئة حزبية وأحياناً هيئتين .إلا أن انعقد الكونفرانس الثاني ، أظنّه كان عام ١٩٩٥ وتمّ ترشيحنا للهيئة القيادية . أصبحنا معاً نتبادل الادوار دون أن يتقاضى أحد من الهيئة الرواتب ، والمرحوم كان دائماً يرفض النضال بالمقابل . وكانت إحدى ميزاته الشخصية برغم أنه كان يحتاج إلى المساعدة العينية. إلى أن استنكفنا معاً العمل التنظيمي في عام ١٩٩٦ وكنا مجموعة مؤلفة من خمسين شخصاً نتيجة الخلافات في المؤتمر الثاني للحزب آنذاك وانعكاساته على القاعدة. وشكّلنا لجنة من ثلاثة أشخاص كنا *”انا والمرحوم يوسف وويس شيخي”* من خلال هذه اللجنة يتمّ التواصل مع المجموعه من قيادة الحزب . إلا أنّ الحزب أصدر قراراً بعدم التعامل مع هؤلاء ومن يريد العودة يكون بشكل فردي. وفي الجزيرة بعض الرفاق استنكفوا عن العمل التنظيمي منهم الرفيق *”حسن صالح ومحمود عمو”*. وهكذا بقينا وحافظنا على المجموعه إلى أن تمّ الإعلان عن تأسيس *”حزب يكيتي الكُردي في عام 2000″* وبدأ الحزب بتواصل معنا بشكل مستقل وفي عام ٢٠٠٢ قررنا الانضمام الى حزب يكيتي والعودة الى الرفاق . وبدأ النضال معاً من جديد جنباً إلى جنب إلى أن وافته المنية في مدينة اورفا الكُردستانية اثر نوبة قلبية . أنهىت حياته النضالية التي كانت حافلة بالنضال والتضحية . ومن *”خصلاته الشخصية النزاهة والإخلاص في عمله السياسي والتنظيمي وذو عزة النفس”* . وعدم قبول أي مساعده عندما كان يحاول الحزب مساعدته. *”كان رافضاً العمل النضالي بالمقابل وكان يعتبره إرتزاقاً “*. كان يضع مصلحة القضية والحزب فوق مصلحته. كان دائماً يدعو إلى وحدة الصف والموقف . كان جندياً مجهولاً في عمله التنظيمي دون إبراز شخصيته وعدم حبه لظهور والشهرة .ومحارباً للتيار الانتهازي في الحركة الكُردية . وفي داخل الحزب كان منتقداً صلبًا مع من لا يقوم بواجباته التنظيمية في كلّ مراحل حياته النضالية وبدأ وفياً ومخلصاً لقضيته حتى اخر لحظة من عمره. بالرغم من المعاناة التي كان يعانيها في حياته من الفقر وتركه للدراسة في الثانوي بسبب الفقر وتزوّج في بداية التسعينات وهو أب لخمسة أولاد ،له ولدين وثلاثة بنات، وابنه البكر اسمه حمزة اعتقل من قبل ارهابيي داعش منذ أكثر من ثمانية سنوات . والمرحوم تعرّض عدة مرات لنوبات قلبية وبآخر نوبة وافته المنية.
هذا غيض من فيض من مسيرة نضاله الدؤوب . لو أكتب كيف كنا نتناوب في نقل البريد في بداية الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي برغم صغر سننا.قد نكتب مجلداً وقصصا من الرعب خوفا أن يتمّ اعتقالنا ونحن طلاب المرحلة الثانوية قد تنتهي بهاحياتنا الطلابيةوالدراسية.
لروحه الرحمة والسلام والطمأنينة.