آراء

رهانات ومقايضات لتمديد ولاية الرئيس البارزاني

شفان إبراهيم shivan46@gmail.com
لأول مرة تتفق أغلب الأطراف الكوردية في كوردستان العراق على النقطة الأكثر حساسية والأكثر مشغولية لبال وفكر تلك الأطراف, باستثناء الطرف المعني مباشرة بالموضوع, وقد لا يستغرب المتابع عن سبب الاتفاق هذا, أن علم أن الذهنية الكوردية مستعدة لتفريغ ذاكرتها المهترئة حين يكون الأمر متعلق بقضايا يُمكن لها أن تزعزع مكتسبات الشعب الكوردي.
البارتي أنتشل الاتحاد, والأخير يرد الدين مقلوباً
في الانتخابات التي جرت قبل حوالي خمسة أعوام, مُني الاتحاد الوطني بخسارة فادحة من منافسه المباشر (حركة غوران) ولم يحصل إلا على نسبة قليلة جداً من عدد مقاعد البرلمان والوزارات, لكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني أنتشل حليفه على الرغم من جراحه المثخنة, ومنحه عدد من المقاعد البرلمانية والوزارات من حصته الخاصة, واليوم يرد بعض قيادات ال(YNK) الدين عبر استعجال طرح قضية منصب رئاسة الإقليم, ومحاولة خلق البلبلة في الإقليم من جهة, ومن جهة ثانية محاولات الوقوف في وجه مشروع البارزاني القومي سواء في الإقليم أو في غرب كوردستان وتحديداً لأن البارزاني هو الحامل الاجتماعي, والسياسي, والديني لبلورة المشروع الكوردي, في تحقيق ما يصبوا إليه الشرفاء من الكورد
لكن ثمة سؤال كوردي قومي يزج بنفسه دوماً: لماذا غيرت نسبة كبيرة من قيادات الاتحاد الوطني مواقفها وأرائها عن الديمقراطي الكوردستاني, وعن شخصية السروك بارزاني تحديداً, ولعل ابرز الإجابات تكمن في التاريخ الكوردي وفي سعي البارزانية ومنذ عبد السلام البارزاني ومروراً بالمصطفى الخالد ووصولاً إلى تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني وأخيراً وليس أخراً مواقف وبطولة وشجاعة القائد مسعود البارزاني صاحب الكاريزمة الأكثر نفوذاً وقوة في الشرق الأوسط فيما يخص قضية حقوق الأقليات والشعوب المضطهدة, كل هذه العوامل بدلت مواقف وأراء قيادات الــ(YNK) إلى التشبث بالسروك ومن بينها تصريح آلاء طالباني رئيس الكتلة الخضراء في البرلمان الكوردستاني حول هذه القضية وأن السروك اكبر من المنصب …الخ. لكن الطرح الأخير للقسم الأخر من قيادات الـ(YNK) المطالبة بمقايضة رئاسة الوزراء برئاسة الإقليم, هو الأخر خرق للدستور والاتفاق المبرم بين الكتل السياسية, فرئاسة الوزراء هي من حصة الحزب الحائز على اكبر عدد من الأصوات في الانتخابات, ورئاسة الإقليم في هذه الفترة بالتحديد يلزمها شخصية مُتعمدة من قبل عواصم صناع القرار, علماً أنه لا يوجد أي شخصية سياسية في الـ(YNK) قادرة على تحمل ملفات ومسؤوليات وتناقضات وتحديدات منصب رئاسة الإقليم, وإلا ما لجئوا إلى المقايضات, ولو بادر الديمقراطي إلى التعامل بالمثل مع الـ(YNK) وطرح قضية رئاسة الإقليم في مقابل رئاسة العراق كيف سيكون ردة فعل الـ(YNK)
الأحزاب الإسلامية وحركة غوران
في توصيف هؤلاء للخدمات الكبيرة والكثيرة التي قدمتها حكومة الإقليم للكورد النازحين من غرب كوردستان, كانت حركة غوران تصف القضية على أنها بروباغندا إعلامية من قبل الديمقراطي وخاصة أن غوران وقتها كان يمثل جناح المعارضة, في الوقت الذي أوقفت إدارة محطة KNN تغطيتها الخاصة بغرب كوردستان وتحديداً الحراك الثوري والشبابي بعد انطلاقة المظاهرات في غرب كوردستان بفترة وجيزة, وفي الوقت الذي كان السروك شخصياً يحاول جاهداً تأمين الدعم والمساندة الدولية لغرب كوردستان وللكورد النازحين منها إلى الإقليم كانت غوران تقف بالضد من أية عملية مساعدة ولعل ما ذُكر أعلاه كافً للتدليل على ذلك
أما الأحزاب الإسلامية فلا تزال ذاكرتنا كشباب كوردي تتذكر تظاهراتها تأييدا لغزة ولفلسطين حتى قبل حوالي عام ونصف العام أي في الوقت الذي كان الشعب الكوردي في غرب كوردستان يتعرض إلى التهجير, القتل, الاعتقال, التجويع, واستمرار مسلسل تعريب المناطق الكوردستانية, كانت الأحزاب الإسلامية تتباكى على الفلسطينيين ومساندة لمرسي المقيل, ودفاعاً وتأثرا وتباكياً على شهداء مصر.
الأبعد من منصب الرئاسة
لا يمكن للعدو قبل الصديق أن يشكك في تاريخ وبطولة الرئيس البارزاني, وتفوق وطنيته وفكره القومي على مجرد منصب يصغره بكثير, ولعل البارزاني يعد من بين ابرز رواد الفكر القومي الكوردستاني, خاصة وأن جميع تعميماته وقراراته كانت ولا تزال تتمحور حول الأمن القومي الكوردي, وضرورة وحدة المصير الكوردي, ووحدة الخطاب الكوردي, ووحدة المصير والهدف الكوردي, واتفاق جميع الكتل الكوردية في الأجزاء الأربعة, ومنع رفع أي علم حزبي في جهات القتال باستثناء العلم الكوردي, وإرسال البشمركة إلى كوباني باسم بشمركة كوردستان, مع العلم أن وصول البشمركة إلى كوباني عبر كوردستان تركيا وانطلاقاً من كوردستان العراق, قد غير خارطة حقوق الأقليات التي كانت مقتصرة على قوات حفظ السلام, أو فض النزاعات, والقوات الدولية, إلا أن البارزاني أستطاع وعبر شبكة الحلفاء التي أسسها عبر الدبلوماسية الكوردية, استطاع أن يُغير قواعد اللعبة.
إن انتصار الدبلوماسية الكوردية عبر نزول طائرة فرانسوا هولاند في مطار اربيل الدولي, ووصل البشمركة إلى كوباني, والدعوات المتكررة من البيت الأبيض للرئيس البارزاني بشكل رسمي, ووقوف وتضامن البارزاني مع الثورة السورية بشكل عامل والقضية الكوردية في كوردستان سوريا بشكل خاص وغيرها من النجاحات الباهرة للدبلوماسية الكوردية قد ارق كاهل الدول الإقليمية ودول الجوار وهي التي تدفع بحلفائها من الأحزاب الكوردية إلى خلق القلاقل والمشاكل في أي مكان يكون للبارزاني مد وتأثير مباشر أو غير مباشر فيها.
فهل نشاهد اليوم إعادة أحياء فرسان الحميدية من جديد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى