أسئلة… وأسئلة… وأسئلة
شاهين أحمد
قد يتفاجأ القارئ الكريم بهذا العنوان ، وكذلك بهذا النوع من الكتابة وجنس انتمائها ، لكن أملي أن يكمل قراءة المساهمة رغم أنها طويلة نسبياً بعكس السيستم الحالي للوجبات السريعة ، وكذلك المشاركة الفاعلة في المناقشة .
شدّد المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري في مقالٍ نُشر بمركز ويلسون للأبحاث في واشنطن حيث يشغل فيه جيفري حالياً رئيس برنامج غرب آسيا، أنّ على وحدات حماية الشعب أو قوات سوريا الديمقراطية ، وحتى تتمكّن من البقاء سياسياً على المدى الطويل ، أن ” تحافظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة ، وتتجنّب استفزاز تركيا ، وتحافظ على الاتصال مع حكومة الأسد أو روسيا دون الاستسلام لهما ، وتتجنّب قطع شحنات النفط عن دمشق ، وتعمل على فك ارتباطها مع حزب العمال الكُردستاني PKK ” . إذاً جيفري – وخلافاً لعادته وللمسؤولين الأمريكيين – كان واضحاً جداً هذه المرة في رسائله للجهات المعنية بها ، وخاصةً النظام والمعارضة وقسد ، ومقاصد تلك الرسائل ومعانيها للمعنيين !.
سورياً : المعارضة هي معارضات منقسمة أفقياً وعمودياً ، موزّعة على المانحين والداعمين ، خرجت من سكة الثورة ودخلت مستنقع العسكرة ، ركبت موجة الصراع الطائفي والمذهبي والقومي ، أرادت الوصول إلى الحكم ونسيت وتجاهلت أهداف الثورة بإزالة النظام بكافة شخوصه ورموزه ومرتكزاته ، غالبية المعارضين وخاصةً الوافدين من أجهزة أمن النظام لايختلفون عن النظام في كلّ مايتعلّق بطبيعة النظام وشكل الدولة وهويتها وحقوق المكوّنات ، غالبية المعارضين كانوا جزءاً من منظومة البعث الشوفيني حتى بعد قيام الثورة بأكثر من سنةٍ ونصف ، وساهمت بعض أطراف الأسلمة السياسية في دخول المتطرّفين على خط الثورة . وأخيراً وليس آخراً التخبّط والإرباك الطاغيين على أداء الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وخاصةً في السنين الأربع الأخيرة ، وما إصداره مؤخّراً بتاريخ الـ 19 من تشرين الثاني / نوفمبر 2020 القرار الإشكالي رقم ” 24 ” القاضي بإنشاء مفوضيةٍ عامة للانتخابات ، كخطوةٍ تمهيدية بقبول المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي سيجريها النظام في نيسان من العام الجاري ، هذا القرار الذي نبّه البعض أو انتبه لمخاطره وأدخل حاضنة المعارضة في حالةٍ من الاشتباك الداخلي سياسياً بين المسوّقين للقرار والرافضين له ممّا أدّى بأصحاب القرار المذكور إلى التراجع خطوةً واحدة من خلال تجميده لامتصاص فورة الرافضين له . والنقطة الأخرى التي لا تقلّ أهميةً عن القرار هي المتعلّقة بملخّص الورقة المسرّبة من مداخلات أعضاء اللجنة الدستورية المصغّرة التي عُقِدت في جنيف في الـ 11 من كانون الأول / ديسمبر 2020 ، تلك الورقة التي جاءت لتؤكّد من جديدٍ على القرار ( 24 ) المذكور من خلال القفز على القرار الأممي رقم 2254 الذي يشكّل الأساس للحلّ السياسي في سوريا ، تماشياً مع التصوّر الروسي للتسوية في سوريا ، وكذلك ماجاء في إحاطة المبعوث الدولي السيد بيدرسون أمام مجلس الأمن بتاريخ الـ 16 من كانون الأول / ديسمبر 2020 تلك الإحاطة التي بدّل فيها السيد بيدرسون – من خلال ورقة كتلة المجتمع المدني – العدالة الانتقالية بالعدالة التصالحية لإنقاذ المتورّطين في ارتكاب الجرائم من المحاكمة وهنا يجد المرء نفسه أمام جملة أسئلةٍ منها :
ماذا نفهم من كلام السيد جيفري؟. هل يريد أن يلفت نظرنا بأنّ أمريكا حسمت أمرها فيما يتعلّق بإعادة تأهيل النظام ؟. وماذا يعني إعادة تأهيل النظام بالنسبة لأطياف المعارضة السورية بشكلٍ عام والرسمية المتمثّلة بالائتلاف الوطني بشكلٍ خاص ؟. هل سنشهد خلال 2021 إعادة استنساخ تجربة الائتلاف والمجلس الوطني السوري ، وذلك بتشكيل جسمٍ آخر وبمسمّى جديد كنوعٍ من دوام إدارة الأزمة السورية ؟ . أم أنّ هناك محاولات جدية لتأسيس إطارٍ جديد من كل مَن يؤمن بالمشروع الوطني السوري الجامع ، وإبعاد الراديكاليين الإسلاميين وكافة الأدوات الحاملة للمشاريع العابرة للحدود سواءً كانت قومية أو دينية أو مذهبية من هذا الجسد العتيد ؟. هل المعارضة بتركيبتها الحالية مؤهّلة وقادرة على تقديم بديلٍ مقبول وطنياً وإقليمياً ودولياً لنظام الأسد ؟. لماذا قامت الثورة السورية ؟. ولماذا حُرِفت عن مسارها؟ ، ومَن ساعد النظام في جرّها إلى مستنقع العسكرة؟ ، ومَن ألبسها ثوب الأسلمة الراديكالية ؟. وهل الظروف الذاتية والموضوعية كانت مهيّأة لكي تقوم هذه الثورة ؟. لماذا تأسّس المجلس الوطني السوري؟ ، مَن كان وراء تأسيسه ؟، ولماذا فشل ؟. لماذا تأسّس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ، ومن كان وراء تأسيسه ، ومن الذي أفشله ؟. هل نحن كسوريين نمتلك الحدّ الأدنى لإرادة القرارات الخاصة بمصيرنا ومستقبل وطننا ؟. لماذا اختفت كافة الفصائل العسكرية المعتدلة للجيش الحرّ وتحولت إلى راديكاليين إسلاميين تابعين فكراً وعقيدةً ومشروعاً لتنظيم القاعدة ؟. لماذا فشلت مختلف الأطر المعارِضة من المجلس الوطني إلى الائتلاف ومختلف المنصات في صياغة مشروعٍ وطني سوري واضح يأخذ بعين الاعتبار وجود وحقوق كافة مكوّنات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية ؟. المعارضة بمؤسساتها الرسمية المتمثّلة بالائتلاف الذي حظي بدعمٍ واعترافٍ دولي واسع في بداية انطلاقته ، هل تمكّنت من إقناع أصحاب القرار في المجتمع الدولي بأنها القادرة على إدارة سوريا بما يتوافق مع المصالح الدولية والجوار الاقليمي ؟. مَن كان وراء توريطها في الصراعات المذهبية والدينية والسياسية الاقليمية ؟. بعد كلّ هذا الفشل وعلى مدار عشر سنواتٍ ، هل وصلت النخب التي تتصدّر المشهد المعارض إلى قناعةٍ بأنهم فشلوا في قيادة الشعب ، وبالتالي ضرورة المراجعة ، والوقوف على الأسباب ، وتغيير الواجهات ، وصياغة مشروعٍ وطني حقيقي بعيد عن الأسلمة السياسية ومشروع البعث القوموي ؟. لماذا فشلت المعارضة السورية الرسمية في القيام بواجباتها تجاه ثورة الشعب السوري ؟. هل سنشهد خلال العام الجاري عودة الوافدين – الذين سبق أن تكلّمنا عنهم في مساهماتٍ سابقة الذين تمّ إرسالهم من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة لنظام البعث وتغلغلوا في صفوف المعارضة ومؤسسات الثورة – إلى مواقعهم السابقة في المؤسسات الأمنية المختلفة للنظام بعد أن أدّوا واجبهم في إفشال الثائرين ؟. هل مازالت الأطر الرسمية للمعارضة بدءاً بالمجلس الوطني السوري الذي تأسّس في الـ 2 من تشرين الأول 2011/ اكتوبر برئاسة الدكتور برهان غليون ، ومروراً بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي تأسّس في الـ 11 من تشرين الثاني / نوفمبر 2012 برئاسة الشيخ معاذ الخطيب ، وكذلك مؤتمرات رياض الأول والثاني ، والمنصات المختلفة صالحة للاستمرارية ، أم أنها بالأساس كانت عبارة عن أدوات وغطاء لإدارة الأزمة السورية من خلالها ؟. هل مازالت الأطراف المؤثّرة داخل المعارضة السورية الرسمية تعيش أوهام الخلط وسعيها للوصول إلى السلطة والحكم من خلال جعلها الثورة مطيةً وأداة ، وبين أهداف الثورة التي خرج من أجلها السوريون أملاً في التخلّص من الدكتاتورية بكلّ مرتكزاتها وشخوصها ورموزها والإتيان بالبديل الوطني الديمقراطي ؟.
كُردياً : عندما سُئل أحد المسؤولين الإيرانيين عن رأيه في كلٍّ من بايدن وترامب ، أجاب : الاثنان مثل البيبسي كولا والكوكا كولا، مضيفاً بأنّ السياسة الأمريكية تجاه إيران لن تتغيّر إلا في اسلوب المعالجة والمعاملة . وهنا نجد أنفسنا مجدّداً أمام جملة أسئلةٍ منها :
إلى أيّ حدٍّ يمكن إسقاط المقارنة المذكورة بين الرئيسين الأمريكيين المذكورين على الحالة الكُردية السورية فيما يتعلّق بالنظام والمعارضة في سوريا وموقفهما من قضية الشعب الكُردي وجوداً وحقوقاً؟ . أين الفرق بين النظام والمعارضة الرسمية وبمختلف منصاتها فيما يتعلّق بالموقف الرسمي من خلال الوثائق من وجود وحقوق الشعب الكُردي في سوريا ؟. لماذا تأسّس المجلس الوطني الكُردي في سوريا ENKS ؟. ولماذا لم ينضمّ حزب الاتحاد الديمقراطي pyd إلى المجلس بالرغم من حضوره لاجتماعات إجماع الحركة في بداية الأزمة السورية وكلّ المناقشات المتعلّقة بعقد المؤتمر الكُردي آنذاك ؟. لماذا كانت الاتفاقيات اللاحقة بين المجلس الوطني الكُردي و حزب الاتحاد الديمقراطي ” هولير 1 و 2 والهيئة العليا ودهوك وملحقاتها ؟. لماذا لم تنفّذ تلك الاتفاقيات ، ومن لم يلتزم بها ، ولماذا ؟. لماذا تمّ تسليم غالبية مناطق كُردستان سوريا إلى pyd ولم يتمّ تسليمها للحركة التحررية الكُردية ؟. لماذا لم تتجاوب الحركة التحررية الكُردية مع المبادرة التي أطلقها النظام من خلال دعوة الحركة إلى دمشق ولقاء رئيس النظام في بدايات الأزمة ؟. هل كان عدم التجاوب مع تلك المبادرة ، وعدم الذهاب إلى دمشق صحيحاً وخادماً لمصالح شعبنا ، وما الدليل على ذلك ؟ لماذا وضعنا كامل بيضنا في سلة المعارضة ، وماهي النتائج أو الثمار التي قطفناها من وراء ذلك ؟. ثم لماذا الحوارات الحالية التي بدأت منذ أكثر من ثمانية أشهر بين المجلس الوطني الكُردي وبين أحزاب الوحدة الوطنية الكُردية ( أكبرها pyd ) ، بالرغم من وجود تجارب سابقة مريرة و فشل ثلاث اتفاقيات سابقة بين الطرفين ؟. هل هناك إمكانية واقعية لنجاح وإنجاز عملية فكّ الارتباط بين pyd وpkk ؟. ألم تكن تجربة قرابة ثماني سنوات كافية كي يدرك pyd ومن خلفه pkk بأنّ طرفاً واحداً بمفرده مهما إمتلك من مقوماتٍ عسكرية ومالية غير قادر على إدارة مساحات ومناطق هامة وغنية بالثروات وعليها أعين العديد من الأطراف القوية والمؤثّرة ؟. ألم تكن تجارب عفرين وكري سبي / تل أبيض وسري كاني / رأس العين كافية كي يقوم pyd بمراجعة شاملة لتحالفاته وإرتباطاته ومواقفه ؟. هل تمكّن pyd وحلفاؤه من إنهاء المجلس الوطني الكُردي بالرغم من الممارسات الإقصائية والفردية ضده طوال الفترة الماضية ؟. وهل تمكّن المجلس الوطني الكُردي من إزالة pyd وإدارته من الميدان بالرغم من خسارة الأخير لمساحاتٍ واسعة من نفوذه ؟. هل هناك طرف ثالث واقعياً في الحالة الكُردية في سوريا ؟. لماذا لم ينضمّ حزبا الوحدة والتقدمي إلى طرفي الحوار الكُردي ، وخاصةً أنّ التقدمي كان جزءاً من المجلس حتى وقتٍ قريب ، والراحل عبد الحميد درويش كان أحد الموقّعين على وثيقة انضمام المجلس الوطني الكُردي إلى الائتلاف الوطني في 2013، وشارك في خندق المعارضة أحد مؤتمرات جنيف ؟. طالما أنّ حزب الوحدة ( قيادة السيد محي الدين شيخ آلي ) عضو في مجلس سوريا الديمقراطي ومؤسسات الإدارة ، لماذا لم ينضمّ إلى أحزاب الكتلة الوطنية مثل غيره من الأحزاب التي كانت معه في التحالف ومسد ؟. ماهي المصلحة الأمريكية في تحقيق وحدة الصفّ الكُردي ، ولماذا هذه الرغبة الأمريكية في إتمام هذه المفاوضات ؟ . أين الحركة التحررية الكُردية بشكلٌ عام ، والمجلس الوطني الكَردي ENKS بصورةٍ خاصة من كلّ مايجري ، وما المطلوب فعله ؟. إلى متى ستستمرّ مهزلة تفريخ الأحزاب ، وكيف يمكننا قطع الطريق على محاولات التوالد المستمر لأحزابٍ مجهرية ، وقبولها لاحقاً في قوائم وهمية وقوائم أخرى موازية ؟. طالما أنّ المجلس الوطني الكُردي في سوريا ENKS عبارة عن اتحادٍ سياسي من خلال برنامج واضح ورؤية متفق عليها بين الجميع لماذا لايتحوّل المجلس إلى حزبٍ موحّد؟ ، ماهي العوائق والعراقيل الموضوعية التي تقف أمام إنجاز ذلك ؟. وكذلك أحزاب الوحدة الوطنية PYNK لماذا لاتنجز الوحدة التنظيمية طالما أنها متفقة سياسياً وإدارياً وأمنياً وعسكرياً ؟.
دولياً : هل كان المجتمع الدولي صادقاً مع طموحات الشعب السوري؟. لماذا لم يتحرّك المجتمع الدولي لوضع حدٍّ للكارثة السورية ؟. لماذا سمح اللاعبون الكبار بتحويل سوريا إلى مكبٍّ للنفايات البشرية من خلال عملية فلترة للمجتمعات الغربية ، وإرسال الحثالات من الإرهابيين والمتطرّفين إلى سوريا ، وتقديم كافة التسهيلات اللوجستية والمالية لهؤلاء المتطرّفين للسيطرة على المجتمع السوري ؟. هل هناك توافق دولي على جعل سوريا محرقة للراديكاليين والإرهابيين ؟. إذا كان هناك توافق دولي على جعل سوريا فرناً لصهر تلك النفايات البشرية ، لماذا لم يتمّ إنصاف الشعب السوري ، ونقل من يريد إلى أماكن بعيدة وتقديم مستلزمات العيش الكريم كنوعٍ من التعويض له بعد أن تمّ تهجيره من أرضه ؟…. وللموضوع بقية .