سياسة الخصوصية الجديدة لتطبيق واتساب.. ما سر كل هذا الهلع؟
سياسة جديدة تتعلق بالخصوصية واستخدام البيانات أعلن عنها تطبيق واتساب للتراسل. لكن السياسة الجديدة لم تمر مرور الكرام وإنما قوبلت بعاصفة عالمية من الانتقادات الشديدة. فما أبرز ملامح تلك التغييرات؟ وما الذي قد يثير القلق؟
نقاش محتدم يدور بين خبراء التقنية وأمن المعلومات حول العالم وحتى بين المستخدمين العاديين حول سياسة الخصوصية الجديدة التي قرر تطبيق التراسل المجاني (واتساب) التابع لشركة (فيسبوك) اعتمادها، والتي تمنع قوانين حماية البيانات في تلك الدول من تطبيقها، لتتصاعد الدعوات لمغادرة التطبيق واللجوء إلى بدائل “أكثر أماناً”.
وبحسب شركة فيسبوك، فإن السياسة الجديدة تهدف إلى ربط تطبيق واتساب بخدمات موقع فيسبوك (مثل انستغرام وفيسبوك ماسنجر وغيرهما) ومشاركة بيانات مستخدمي التطبيق معه، بالإضافة إلى جهات أخرى.
والهدف بحسب الشركة هو “تشغيل وتحسين الخدمات وتجربة خدمات جديدة وتقديم اقتراحات للمستخدم (على سبيل المثال، عن أصدقاء، أو اتصالات جماعية، أو محتوى مثير للاهتمام)، وإظهار العروض والإعلانات ذات الصلة عبر منتجات فيسبوك، وربط تجارب المستخدم في واتساب بمنتجات فيسبوكالأخرى مثل السماح بربط حسابالخاص بالدفع على واتساب.
هذا الربط هو ما أطلق عليه مارك زوكيربيرغ المدير التنفيذي لشركة واتساب مصطلح أو التشغيل البيني، حسب ما كتب في منشور سابق قال فيه: “مع إمكانية التشغيل البيني، ستكون قادرًا على استخدام واتساب لتلقي الرسائل المرسلة إلى حسابك على فيسبوك دون مشاركة رقم هاتفك” ، وفي المعاملات التجارية لن يضطر المشتري إلى القلق بشأن ما إذا كنت تفضل أن يتم إرسال الرسائل على شبكة أو أخرى “.
ومن المقرر أن تطبق سياسة الخصوصية الجديدة في الثامن من فبراير/شباط 2021، وليس لدى المستخدم خيار سوى أن يقبل بها أو يتم إلغاء حسابه على تطبيق واتساب.
يعترض مستخدمون على كم البيانات الشخصية الهائل الذي تسمح السياسة الجديدة بالحصول عليه من الشخص، فمثلاً رغم بقاء الرسائل بين الأشخاص عبر التطبيق مشفرة، إلا أن التطبيق (وبالتالي باقي تطبيقات فيسبوك) سيعلم من الذي تتصل به وفي أي وقت وكم مرة يتم هذا الاتصال خلال اليوم.
كما أن كافة أرقام الهواتف المسجلة لدى المستخدم ستصبح لأطراف أخرى – بهدف تجاري وإعلاني حسب ما تقول الشركة – لاتقتصر فقط على فيسبوك.
لكن أكثر ما يخشاه المستخدمون في الحقيقة هو تتم مشاركة تلك البيانات بشكل غير رسمي مع أنظمة سلطوية وقمعية. في حين يخشى كثيرون من أن يتمكن المخترقون والمحتالون في وقت ما من سرقة تلك البيانات أو شرائها بطريقة ملتوية من شركة أخرى “وسيطة” مع فيسبوك لتتم مساومة العملاء على بياناتهم لاحقا.
هذا إلى جانب أن فكرة استغلال البيانات الشخصية لتوجيه الرأي العام من خلال حملات دعائية سياسية أدت في النهاية على سبيل المثال إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروربي، أو إغراق الولايات المتحدة بشائعات مغلوطة عن هيلاري كلينتون تسببت في خسارتها للانتخابات الرئاسية، هي وقائع مازالت ماثلة للعيان حتى اليوم وهو ما عرف لاحقاً بفضيحة “كامبريدج اناليتيكا”.
ولعل أبرز من ساورته تلك المخاوف هو الملياردير ايلون ماسك صاحب شركات تسلا وسبيس اكس، حتى أنه دعا علناً إلى استخدام تطبيق آمن مثل سيغنال.
فيما أكد تطبيق سيغنال على أن كافة بيانات مستخدميه في أمان وأنه “لن توجد به إعلانات أبداً لأن بيانات المستخدمين مملوكة لهم وليس للتطبيق”:
وبحسب ما نشر موقع مدى مصر، فإن منظمة “سمِكس”، المعنية بتعزيز الحقوق الرقمية، قامت بمقارنة على موقعها بين واتساب، وبدائله الأكثر أمنًا، تيليغرام وسيجنال وواير، لتوضيح المعلومات التي يسجلها كل تطبيق منهم. وبينما حظى واتساب على العلامة الكاملة في مراقبة كل شيء، لا يسجل سيغنال سوى رقم هاتف مستخدمه فقط:
تسبب ذلك في رفع عدد من حملوا التطبيق حول العالم بشكل كبير. فبحسب موقع (سي إن بي سي) الأمريكي نقلاً عن شركة سينسور تاور لتحليل البيانات، فإن تطبيق شهد ما يقرب من 7.5 مليون عملية تثبيت على مستوى العالم من خلال متجر تطبيقات ومتجر في الفترة من 6 إلى 10 يناير/كانون الثاني، وهذا الرقم يمثل 43 ضعف رقم التحميلات في الأسبوع الماضي.
وفي الوقت نفسه، شهد تطبيق تيليغرام نحو مليون عملية تنزيل على مستوى العالم من الأربعاء إلى الأحد 10 يناير/كانون الثاني.
لم تكن تلك هي الواقعة الاولى التي تتم فيها مهاجمة سياسات الخصوصية لشركات عملاقة مثل غوغل وفيسبوك وغيرها والتي تتعامل مع أو البيانات الكبيرة التي تجمعها من مستخدميها كأساس لوجودها وبقائها واستمرارعملها، ما صعد من فكرة الرفض لتربح الشركات من البياتات الشخصية.
ولهذا السبب ومنذ عدة سنوات انبرت مجموعة من خبراء التنقية والنشطاء والصحفيين بهدف إنتاج تطبيقات ذكية ومتصفحات للإنترنت للإفلات من التطبيقات والمتصفحات التي تجمع بيانات المستخدمين بكافة الأشكال والوسائل، إضافة إلى محاولة التخلص من رقابة الانظمة الديكتاتورية التي تطارد المعارضين عبر هواتفهم المحمولة وكذا للحفاظ على الخصوصية بشكل عام، فظهر تطبيق سيغنال Signal ومتصفح تور Tor Browser.
مع تصاعد الحملة ضد التطبيق والمطالبة بحذفه من الهواتف، كتب ويل كاثكارت الرئيس التنفيذي لواتساب عدة تغريدات متتابعة في حسابه على تويتر، قال فيها إن لدى الجميع حرية قبول أو رفض تلك التحديثات وأنه للمستخدم أن يقبل أو يرفض التواصل مع إحدى الشركات عبر التطبيق والتي حصلت على بياناته بهدف تقديم خدمات له.
وكالات