بالفيديو “سفاحو العراق”.. وثائقي أمريكي يكشف جرائم الميليشيات الموالية لإيران
سلط فيلم وثائقي بثته شبكة أمريكيّة، الضوء على تنامي نفوذ الميليشيات الموالية لطهران في العراق، وكيف أنّها باتت تسيطر على السلطة في البلاد، وتهدد وتقتل منتقديها من دون أن يتجرأ أحد على محاسبتها أو حتى ردعها.
حمل الوثائقي عنوان “سفّاحو العراق Iraq’s Assassins” وأعدته الصحفيّة البريطانيّة من أصول إيرانيّة راميتا نافاي مع زميلتها ميس البياع وهي صحفيّة بريطانيّة من أصول عراقيّة، وتم عرضه على شبكة “بي بي أس” الأمريكيّة الثلاثاء ضمن برنامج فرونت لاين.
التقت نافاي خلال زيارتها للعراق في سبتمبر/أيلول الماضي بالعديد من الناشطين والسياسيين الذين تم تهديهم من قبل ميليشيات طهران، بالإضافة إلى مقابلتها مسؤولين عراقيين تحدثوا بشكل صريح عن الجهات التي تقف خلف سلسلة عمليات الاغتيال التي جرت مؤخراً في العراق.
من بين هذه العمليات، تلك التي طالت الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي في يونيو/حزيران الماضي، الذي كان يتحدث علناً عن دور الميليشيات الشيعيّة في زعزعة أمن العراق وصلاتها بإيران، وبالأخص كتائب حزب الله.
ينقل الوثائقي عن ضابط في الاستخبارات العراقيّة مطلع على سير التحقيق قوله “إنّ الأجهزة الأمنيّة توصلت إلى أنّ هذه الميليشا (كتائب حزب الله) هي المسؤولة عن اغتيال الهاشمي بواسطة مرتزقة استأجرتهم لتنفيذ العمليّة”.
ويضيف الضابط، الذي طلب عدم إظهار شكله أمام الكاميرا وتغيير صوته “إنّ كتائب حزب الله كانت غاضبة من التصريحات التي يدلي بها الهاشمي لوسائل الإعلام المختلفة بشأن قادتها وكشف هوياتهم وأدوارهم”.
وعندما سألته الصحفيّة عن إمكانيّة ملاحقة القتلة في حال كانت هناك أدلة قاطعة، أجاب الضابط “لا أعتقد ذلك، بالنظر إلى نفوذ كتائب حزب الله في العراق وخطف أو ملاحقة أي شخص يعارضها”.
وقُتل الهاشمي، وهو محلل معروف قدم المشورة للحكومة بشأن هزيمة مقاتلي تنظيم داعش وكبح نفوذ الفصائل المسلحة الشيعيّة الموالية لإيران، برصاص مسلحين اثنين على دراجة ناريّة أمام منزل أُسرته في بغداد.
كما استهدفت عمليات الاغتيال ناشطين عراقيين بالتزامن مع موجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، ومن أبرز مطالبها إنهاء نفوذ الجماعات المسلحة الموالية لطهران.
والتقت الصحفية بناشطين من البصرة فروا لإقليم كُردستان بعد تلقيهم تهديدات بالتصفية، وصدور قوائم اغتيال تضمنت أسماء لعشرات الأشخاص.
وفقاً لما جاء في الفيلم الوثائقي فـ “إنّ مصدراً مقرباّ من الفصائل الموالية لطهران أرسل لهم وثيقة تؤكد أنّ هذه القوائم صدرت من قبل ميليشيا كتائب حزب الله”.
من ضمن من وردت أسماؤهم في القائمة، الناشط تحسين أسامة، الذي اغتيل في أغسطس/آب الماضي، وزميله عباس صبحي، الذي نجا من محاولة اغتيال بعدها بعدة أيام.
تحقيق الوثائقي لم يقتصر على جرائم استهداف الناشطين وحسب، بل تضمن أيضاً الانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات في المناطق السنيّة بعد تحريرها من تنظيم داعش وسيطرة الجماعات الموالية لطهران عليها.
ودخلت الصحفية راميتا نافاي وفريقها إحدى تلك المناطق بعد أن وافق أحد عناصر الميليشيات على مرافقتها بشكل سري للتجول في المنطقة.
يعرض الفيلم لقطات لمسجد سوي بالأرض بالكامل، فيما قالت الصحفيّة إنّها شاهدت أيضاً، خلال تجوالها في المنطقة، خمسة مساجد أخرى تم التعامل معها بذات الطريقة.
أخبرها هذا العنصر “أنّ مقاتلي الميليشيات الموالية لطهران قاموا بالانتقام من السكان المحليين، وأنه لم يعد يحتمل هذه الأعمال الوحشيّة التي يقومون بها”.
وخلال الأشهر الماضية شنّت الميليشيات الموالية لطهران العديد من الهجمات ضد مصالح أمريكيّة في العراق، حيث يرى المسؤولون العسكريون الأمريكيون أنّ المجموعات المسلحة الموالية لإيران باتت تشكل خطراً أكبر من تنظيم داعش.
وازدادت هذه الهجمات بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس في ضربة أمريكيّة قرب مطار بغداد العام الماضي.
تقول الصحفيّة إنه كان صعباً جداً أن تجد مسؤولاً عراقياً يتحدث بأريحيّة عن الدور الذي تلعبه الميليشيات الموالية لطهران في العراق، والتهديدات التي تطلقها حتى ضد المسؤولين والسياسيين.
لكنها ومع ذلك، تمكنت من لقاء النائب السني فيصل العيساوي الذي أخبرها أنّ المكتب السياسي لميليشيا كتائب حزب الله هدد النواب بشكل علني عبر رسائل نصيّة بقتلهم وعائلاتهم في حال صوتوا بالضد من قرار إخراج القوات الأمريكيّة من العراق.
ودأبت كتائب حزب الله على تهديد جميع منتقديها أو مخالفيها في الرأي، بما في ذلك رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي هدد المسؤول الأمني في كتائب حزب الله أبو علي العسكري الكاظمي بـ “قطع أذنيه مثل العنز”، وقال “إنّ الاطلاعات الإيرانيّة والمخابرات الأمريكيّة لن تحمي الكاظمي”.
وتتلقى ميليشيا كتائب حزب الله في العراق الدعم من إيران، وهي تدافع دائماً عن مواقف إيران في المنطقة، ويتهمها العراقيون بالتورط في عمليات قتل واغتيال وخطف ونشاطات غير مشروعة في البلاد، كما شاركت في القتال إلى جانب قوات نظام الأسد وميلشيات أخرى في سوريا.