أمن إقليم كوردستان في خطر
عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي
الأمن مطلب كل الإحياء وحاجة بشرية لا يمكن الاستغناء عنه, الجميع يحاول أن يكون حياته أمنه ومستقرة وإن كان بأساليب وطرق مختلفة باختلاف الأزمان والأماكن والقدرة ومصادر الخطورة والتهديد الموجه إلى أمنه.
قد يثير العنوان عجب القارئ الكريم بأن الخطورة على أمن الإقليم كان مستمراً وعلى الدوام ولم يأتي الكاتب بشي جديد وهذا ما اتفق معه ولكن خطورة موضوع مقالنا ليست مثل الخطورات السابقة لأن الشعب الكوردستاني بكل أطيافه وتنوعه وأحزابه وتنظيماته وإعلامه لعبوا دوراً مهماً في حفظ امن الإقليم على مر السنوات السابقة واجتازوا مراحل صعبة ليكون هذا الأمن محل افتخار حكومة الإقليم وقيادته السياسية قبل أبناء شعبه ونقطة تحول في استقطاب الاستثمار الأجنبي إليه ومنطقة تسعى الدول إلى إقامة ممثلياتها الدبلوماسية طمعاً في لعب دور في بناء هذه التجربة الديمقراطية الفريدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط برمتها .
امن البلدان موضوع متفق عليه من قبل جميع المؤسسات والأحزاب سواء كانت في السلطة ام في المعارضة وهو من القضايا الإستراتيجية التي تؤكد عليه وتعمل من اجل توطيدها ولا يمكن المساومة عليه مهما كانت الظروف والاختلاف في الرؤى والتوجهات ويمكننا أن نقول بان الأمن نقطة الالتقاء و الاجتماع للمجتمعات وفي أكثر الأحوال فان ميثاقاً وطنياً أو وثيقة شرف يتفق عليه جميع القوى السياسية بضرورة حفظ امن البلد وعدم السماح للأجندات الخارجية والداخلية للنيل منه ناهيك عما هو موجود في الصدور ومن حب الوطن والولاء له والاستعداد للتضحية من اجل حمايته وعدم العبث به ونتيجة لأهمية الأمن للبلدان فان أية محاولة لزعزعتها سيقابل عقوبات قاسية من اجل ردع الفاعل وكل من تسول له نفسه.
الخطورة التي نحن بصددها هي اختلاف الأحزاب السياسية الكوردستانية وبجميع توجهاتها القومية والدينية والأممية في تعريفها للأمن وتحديد مصادر الخطورة والتهديد الموجه إليه وإن كان هناك اتفاق بينهم على عدد من هذه المصادر كالإرهاب مثلاً.
بكل وضوح، إن الاختلاف في تحديد مصادر الخطر سيولد الاختلاف في وسائل المواجهة، فإن رؤية حزب معين لمصدر معين على انه يمثل خطراً على امن الإقليم يتطلب منه اتخاذ الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة لإزالة هذا التهديد والخطر في حين لا يرى حزب أخر هذا الخطر خطراً على أمن الإقليم وهذا يقلل من شأن أمن الإقليم وهيبته ويزيد في مستوى زعزعته ويلعب به الدول الإقليمية والعراق بالتحديد في سبيل فرض أجنداتها وسياساتها وان الأخطر في ذلك هو تضيق دائرة امن الإقليم إلى دائرة أمن الأحزاب السياسية، وبذلك فان ما يراه هذا الحزب خطراً على امن الإقليم قد يكون محل دعم من الأخر واستنكار من الثالث و يقف المواطن المستقل عن التوجهات الحزبية وان قل عددهم حيراناً مذهولاً مندهشاً وسط هذا التشتت الحزبي والتمزيق الفكري له وربما يكون له توجهاً أخرى ويقول كلمته إذا تطلب الأمر .
في هذه الأحيان، فإن امن إقليم يحتاج إلى خيمة جامعة مانعة لكل الأحزاب السياسية الكوردستانية بحيث لا يمكن الخروج منه وإذا ما خرج منه يكون مذموماً مطروداً من حب المواطن له وعلى قدر دفاع أي حزب عن امن الإقليم يكون ثقله الوطني وهنا لابد من القول بان كتابة دستور للإقليم و وضع الخطوط العريضة للقضايا الإستراتيجية ومنها حماية أمنه يمثل ضرورة وحاجة وان الأوضاع السياسية والقانونية ربما يكون ملائماً بجهود الخيرين من أبناء الشعب وما أكثرهم لأنه سيكون الحاكم والقول الفصل في القضايا المختلف عليه ومن حق الإقليم ان يكون له دستوراً يحدد شكل الحكم فيه ونظامه السياسي واليات حماية أمنه وتهيب بالجهات ذات العلاقة في البرلمان والحكومة على العمل من اجل صياغة دستور يضمن الحقوق و يحدد الواجبات وإلا سيكون الأتي من الأيام مرّة ومرّة.