إدارة بايدن عائدة إلى اتفاق 2015 والخلافات الأخرى مع إيران مؤجلة
حسم اليوم المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الموضوع، ونقله من مجال التكهنات والتلميحات إلى اليقين، فقال دون لبس: “نحن على ثقة بأن العودة إلى اتفاق 2015 تضعنا في موقع أفضل للتعامل مع القضايا الأخرى”، مثل البرنامج الصاروخي والدور الإيراني في المنطقة.
وعندما سئل عما إذا كانت الإدارة قد حصلت على ضمانات إيرانية للتفاوض في هذه القضايا لاحقاً، اكتفى بالقول إن الرجوع إلى الاتفاق “ضروري، ولو أنه لا يكفي. إذ إنه يمكّننا من التعاطي مع البنود الأخرى من موقع القوة”، متحاشياً سيرة الضمانات، إما لأنها غير متوافرة، وإما لأنها أعطيت بصورة سرية، كمخرج يحفظ ماء الوجه للفريقين.
وبدا من كلام برايس عن المفاوضات التي حظيت بأكثر من نصف المؤتمر الصحافي اليومي، وكأن إطار التوافق قد حُدِّد، وربما كانت عودة الوفود إلى بلدانها لغرض وضع اللمسات الأخيرة على الإخراج قبل رجوعها “إلى فيينا في الأيام القليلة القادمة”. وعلى الأغلب أواخر الأسبوع، حسب التقديرات.
وتجاهل برايس ما قاله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن أن “المواضيع الأخرى، الصواريخ والقوى التي تدعمها طهران في المنطقة، غير قابلة للتفاوض”، مكرراً ما ذكره أمس مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان بأن انتخاب الرئيس الإيراني المتشدد لا يؤثر ما دام “القرار الأخير بيد المرشد الأعلى”. وكأن الأمور بلغت خواتيمها أو باتت قاب قوسين منها.
وثمّة من وضع تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت أمس في خانة المؤشرات على نضج الصفقة، عندما دعا “العالم إلى الاستيقاظ والوقوف ضد التفاوض النووي مع إيران”.
وفي معرض رده على اعتراض نتنياهو على التزام حكومة بينت عدم اللجوء إلى “مفاجآت بخصوص النووي الإيراني”، رد برايس بما يفيد بأن إدارة بايدن لا تأخذ دعوة بينت إلى مشاكسة المفاوضات على محمل الجد. “لدينا علاقات قريبة مع إسرائيل ونشاركها الهموم الأمنية كما نعمل على تعميق الروابط وسنجدّد القبة الحديدية المضادة للصواريخ” بعد أن استنزفت قسماً منها في حرب غزة. وكان وزير الدفاع لويد أوستن قد شرح الأسبوع الماضي أمام الجهات المعنية في الكونغرس، حجم التعويض وكلفته في هذا الخصوص، للموافقة على المخصصات المطلوبة.
وبذلك فإن العملية قد دخلت طور التسويق “مع شركائنا في المنطقة”، على أساس حيثيتين رئيسيتين: الأولى أنه “ليس هناك طريق غير الدبلوماسية” لمعالجة الملف النووي الإيراني، والتوصل بشأنه إلى اتفاق مُحكم يضمن “التأكد” من التزام شروطه، وضمان منع إيران من امتلاك السلاح النووي يحتل الأولوية “الأعظم لدينا” بتعبير سوليفان. أما الثانية، فإنه دون حل للنووي، يصبح أي تحدٍّ نواجهه مع إيران أكثر صعوبة”.
مثل هذا التسويغ له مقبولية واسعة في الكونغرس. حتى في صفوف الجمهوريين. فالتشدد في صفوفهم محصور بالعقوبات والدفع باتجاه التمسك بمعظمها. لكن الإدارة لا تخفي أنها باتت موافقة على تلك التي فرضها الرئيس ترامب تحت ستار أنها “غير مرتبطة باتفاق 2015”. ولا يوجد اعتراض صاخب على ذلك. أما في صفوف الحزب الديمقراطي في الكونغرس، فيتمتع الرئيس بايدن بدعم واسع للعودة إلى الاتفاق.
ومن المتوقع أن تقوم بعض النخب من صقور المحافظين مثل إليوت أبرامز وجون بولتون و”مركز الدفاع عن الديمقراطيات” في واشنطن وبعض المفاتيح الإسرائيلية، بتجديد حملتها على الاتفاق، من خلال تسليط الأضواء على الرئيس الجديد المتشدد إبراهيم رئيسي. لكن ليس من المتوقع أن تتمدد مثل هذه الحملة إلى خارج دوائر هذا التيار.
المشاغل الداخلية الكبيرة، التي تدور حولها خلافات أكبر، تسيطر الآن على المشهد. يضاف إلى ذلك أن قرار الانسحاب من أفغانستان، ولو مع تحفظات عسكرية، أعطى بايدن بعض التفويض من قِبل الرأي العام الأميركي، على الصعيد الخارجي.