أخبار - سوريا

تسارع التطبيع الاقتصادي بين الأردن وسورية: تعويم لنظام الأسد

تتسارع الخطوات الأردنية للانفتاح الاقتصادي على النظام السوري، وسط العديد من علامات الاستفهام بشأن سر هذا التسارع، وما الذي حدث بين ليلة وضحاها حتى يصبح الأردن داعما كبيرا لإعادة تأهيل بشار الأسد ونظامه؟


وحسب مراقبين، يتزايد دور الأردن “في تعويم النظام السوري” بعد ما كشفته وسائل إعلامية، السبت الماضي، عمّا سمّته “وثيقة سرية” مقترحة من الأردن تعطي مقاربة جديدة للتعامل مع دمشق، عنوانها الرئيس “تغيير متدرج لسلوك النظام”، وهو ما أعلنه ملك الأردن عبد الله الثاني، خلال زيارته لواشنطن في يوليو/ تموز الماضي.

ويرى الاقتصادي السوري وعضو غرفة تجارة إدلب السابق نبيه السيد علي أن “العلاقات بين الأردن ونظام بشار الأسد مستمرة بأشكال متعددة منذ ثلاث سنوات”. لكن العلاقات، بحسب علي، لم تأخذ الشكل العلني إلا بعد طرح ملف نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسورية.


ويرجّح الاقتصادي السوري، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أنّ “ضوءاً من واشنطن تم إعطاؤه للأردن ليقود عملية تعويم النظام تجلى بوضوح خلال استثناء الأردن من عقوبات قيصر المفروضة على نظام بشار، وترحيب وزارة الخارجية الأميركية باستئناف الرحلات الجوية والتجارية بين عمّان ودمشق”.

وأسفرت نتائج الاجتماعات الوزارية الأردنية السورية، الأسبوع الماضي، عن وضع “تصور لرفع مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين ومعالجة أي صعوبات تواجه حركة التبادل التجاري والنقل” وتعزيز الشراكة بمجالات الطاقة والمياه والزراعة.


ونقلت مصادر إعلامية خبر توقيع الجانبين على 10 اتفاقات بقطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والمياه والنقل والطاقة.


ويقول الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح: “لا يمكن اعتبار ما حدث بين الجانبين اتفاقات اقتصادية فقط لأنها جاءت بخطوط عريضة وكلام عام والرسالة كانت عودة العلاقات السياسية بين البلدين”.

ويضيف متحدثاً لـ”العربي الجديد”: “لا يمكن إغفال السياسة والدور الأردني بتعويم نظام الأسد، لكن بالوقت نفسه، لا بد من الاعتراف بأن الأردن الذي يعتمد على المساعدات وتجارة الترانزيت، قد تأذى من إغلاق حدوده مع نظام الأسد”.

الصعوبات الاقتصادية التي أخذ الأردن يعانيها، منذ مطلع العام الماضي، نتيجة رفضه لصفقة القرن وما تلاها من ضغوطات اقتصادية، استخدمت من أجل إجباره على القبول بصفقة التطبيع الاقتصادي مع النظام السوري، خصوصاً ما يتعلق بنقل الغاز المصري إلى لبنان.


في هذا الإطار، يقول الصحافي والمحلل السياسي عمار أحمد العمر، لـ”العربي الجديد”، إن الأردن يتطلع من خلال فتح الحدود البرية مع سورية إلى تعويض جزء كبير من خسائره الاقتصادية التي تراكمت عبر السنوات السابقة، أو تلك التي حصلت بفعل موقفه الرافض لصفقة القرن، أو التي أوقفتها بعض دول الخليج.
وأشار إلى أن السوق السورية كانت على الدوام بمثابة “مفتاح الفرج” للسوق الأردنية، حيث تعيش من عمليات التبادل التجاري بين البلدين آلاف الأسر في الجانبين، ولا سيما أن المسافة بين معبر الرمثا من الطرف الأردني والجمرك القديم في درعا البلد لا تتجاوز 5 كيلومترات، ويمكن قطعها في اليوم عشرات المرات من قبل السيارات التي يطلق عليها اسم “البحارة”.

وأعلنت وزيرة الصناعة والتجارة الأردنية، مها علي، أخيرا، وبالتزامن مع زيارة الوفد الوزاري السوري إلى عمان، أن حجم التبادل بين سورية والأردن يصل إلى 100 مليون دينار أردني (150 مليون دولار)، واصفة إياه بالحدود الدنيا.
وقالت الوزيرة عقب الاجتماعات الوزارية الأردنية السورية، التي جرت في عمان يوم الاثنين الماضي، إن بلادها تتطلع لتطوير هذا التبادل، عبر تفعيل المنطقة الحرة السورية ـ الأردنية المشتركة.


وفي سياق متصل، رأى المحلل الاقتصادي أحمد المسالمة، من درعا، أن الحديث عن تطوير التبادل التجاري بين سورية والأردن لا معنى له بمعزل عن السعودية وباقي دول الخليج، كون البضائع السورية لا تتطلع إلى السوق الأردنية سوى بوصفها أرض عبور إلى أسواق الدول الأخرى، وعلى رأسها السوق السعودية، مبينا بهذا الخصوص، أن الرياض وضعت في الأشهر السابقة العديد من الشروط، التي يمكن وصفها بالتعجيزية، في ما يتعلق بالمواصفات والمعايير، للبضائع التي ستدخل إلى أراضيها.

وعبر المسالمة، في تصريح لـ”العربي الجديد”، عن اعتقاده بأن هذه الشروط السعودية الجديدة، بالإضافة إلى عمليات التدقيق في البضائع القادمة عبر الحدود الأردنية، يمكن اعتبارها خطوة استباقية ضد أي محاولة تطوير للعلاقات الاقتصادية بين الأردن والنظام السوري.

وحسب مراقبين، هناك ما يتعلق بالشق الذي أعقب زيارة الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة، وما قيل في حينه إنه طلب إذنا خلال لقائه الرئيس جو بايدن بالسماح بإعادة تشغيل خط الغاز العربي، عبر استثنائه من عقوبات قانون قيصر، بهدف تزويد لبنان بالغاز، وبحجة إبعاده عن إيران.
وحسب الصحافي والمحلل السياسي السوري محمد الغالب، المقيم في باريس، فإن قرار فتح الحدود البرية والجوية بين الأردن وسورية، بالإضافة إلى ملف الطاقة، مر على جثث السوريين، في إشارة إلى أحداث درعا الأخيرة، التي قام النظام من خلالها، بشكل مفاجئ ومخالف لاتفاقيات التسوية في عام 2018، بفرض شروط جديدة على أهالي درعا البلد والمنطقة الغربية.
ولم يخفِ الغالب، في تصريح لـ”العربي الجديد”، خشيته من أن تكون المبررات الاقتصادية التي يسردها الأردن لإعادة انفتاحه على النظام السوري مجرد مقدمة لدفع العديد من الدول الأخرى للقيام بمثل هذه الخطوات.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى