يكيتي ميديا تستطلع آراء عدد من السياسيين حول مؤشرات إعادة تأهيل النظام
لوحظ في الفترة الأخيرة تراجع لهجة المجتمع الدولي حول تنفيذ القرارات الأمميّة بخصوص سوريا، وكذلك اللجنة الدستوريّة، في وقتٍ يتمّ التحضير فيه لإعادة تأهيل النظام السوري وهناك مؤشرات صريحة بهذا الاتجاه (فتح المعابر مع الأردن – تفعيل خط الغاز العربي عبر سوريا – تصريحات قادة عرب كالإمارات والسعوديّة ومصر..) ويتوقّع المراقبون عودة النظام للجامعة العربيّة، وكذلك تفعيل دور سوريا في الانتربول الدولي.. كلّ هذا يحدث في ظلّ قانون قيصر، بمعنى ضوء أخضر أمريكي.
وجه موقع يكيتي ميديا السؤال التالي لعددٍ من السياسيين السوريين: في ظلّ هذه اللوحة والمعطيات أيّ مستقبلٍ ينتظره السوريون؟
الدكتورة سميرة مبيض عضو اللجنة الدستوريّة عن قائمة المجتمع المدني: أعتقد أنّ دور السوريين اليوم يكمن في التمسك بالمبادئ المحقّة لثورة الشعب السوري، وتحقيق التغيير عبر السبل الصلبة والمؤثّرة والتوجّه بخطابٍ واضح لجامعة الدول العربيّة والمجتمع الدولي.
قالت الدكتورة سميرة مبيض عضو اللجنة الدستوريّة السوريّة في جوابٍ عن استطلاع يكيتي ميديا “قد تكون هناك مؤشرات تدلّ على دفع بعض أنظمة الحكم العربيّة في المنطقة نحو إعادة تأهيل النظام، ويدخل ذلك في إطار حفاظ هذه النظم على الشكل السابق للمنطقة ومواقعها ضمنها لأنّ التغيير في سوريا هو تغيير في عموم الحالة السائدة سياسياً واجتماعياً في منطقة الشرق الأوسط لذلك تحاول بعض النظم منع هذا التغيير أو الحدّ منه”.
كما أضافت “أعتقد أنّ هذه المحاولات تتغافل عن أنّ حركة التغيير بدأت ولن تتوقف وذلك لا يتعلّق في سوريا وحسب بل من عدة نقاط حيويّة في المنطقة ويعبّر تجاهل هذه الديناميكيّة عن نقص بصيرة وسيكون له مرتدات سلبيّة”.
وتابعت “بما يتعلّق بالجامعة العربيّة فقد تقاعست عن أداء أي دورٍ إيجابي تجاه شعوب المنطقة وعوضاً عن أن تؤطّر حركات التغيير نحو تطورٍ فعلي وانفتاح وتقويم لكافة المفاهيم والممارسات المغلوطة فقد لبثت بمواقف متذبذبة تسيّرها توجهات ايديولوجيّة ومفاهيم سلطويّة بعيداً عن مصالح الشعوب فالتغيير القائم اليوم ليس بالنظم وحسب بل بمجمل ما ساد من حالة تقهقر في المنطقة على كافة الصعد الإنسانيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والتعليميّة وسواها”.
واختتمت عضو اللجنة الدستوريّة بالقول “أعتقد أنّ دور السوريين اليوم يكمن في التمسك بالمبادئ المحقّة لثورة الشعب السوري وتحقيق التغيير عبر السبل الصلبة والمؤثرة والتوجه بخطابٍ واضح لجامعة الدول العربيّة والمجتمع الدولي بأنّ مَن يتحمّل تبعات وجود حكم قمعي شمولي ارتكب جرائم حرب وانتهاكات إنسانيّة هم السوريون أنفسهم وليس أي جهة أخرى لذلك فلهم يعود القرار برسم مستقبلٍ يحقّق كرامتهم الإنسانيّة واستقرار وأمن الأجيال السوريّة القادمة”.
عبد الله كدو (عضو الهيئة السياسيّة للائتلاف المعارض، وعضو اللجنة السياسيّة لحزب يكيتي الكُردستاني – سوريا): أعتقد بأنّ المسألة السوريّة تبقى تنتظر تشبّث الشعب السوري بثورته، متواصلاً مع أصدقاء الشعب السوري الإقليميين والدوليين
من جانبه قال عضو الهيئة السياسيّة للائتلاف المعارض وعضو اللجنة السياسيّة لحزب يكيتي الكُردستاني – سوريا, عبد الله كدو “الصراع الذي بدأ في سوريا منذ بدء الثورة السوريّة، بين الشعب السوري ونظام الحكم، مرّ بتعرجات كثيرة، لما لموقع سوريا الجيوسياسي من أهميّة، وكذلك لصعوبة تلبية القائمين على الثورة السوريّة شروط القوى الدولية المتنفذة، منها محاربة داعش قبل النظام، إضافةً لتبدل الإدارة الأمريكيّة ذات المناهج المختلفة خلال هذه الـ 11 السنة الفائتة من عمر الثورة”.
كما أضاف “الشعب السوري الذي كان محروماً من حقّ ممارسة العمل السياسي دفع ثمناً باهظاً، حيث عرف حاجته الماسة لاستعادة حريته، لكنه لم يكن يمتلك الأدوات السياسيّة ولا الخبرة اللازمة لذلك، ففي الوقت الذي انطلق المحلّلون السياسيون من رصد العامل الذاتي، حيث معظم الشعب السوري يتبنّى الثورة، تبيّن بأنّ سوريا مرهونة للسلطة الإيرانيّة قبل بدء الثورة”.
وتابع “بعد أنّ تمّ استقطاب القوى السياسيّة والاجتماعيّة السوريّة، كانت الغلبة للتيار الديني الإسلامي الذي يؤكّد على الوسطيّة والاعتدال ويرفض منهج التيارات الجهاديّة التكفيريّة (داعش والنصرة ومثيلاتها) علناً، ذلك في ظلّ عدم توافر غير الثقافة الدينيّة في مجتمعٍ متدين، حيث مُنع من ممارسة السياسة لأكثر من نصف قرنٍ، وبالتالي غياب الثقافة السياسيّة، وضعف قيم الديمقراطيّة والمساواة بين الرجل والمرأة والحريات وحقوق الإنسان”.
وأردف كدو بالقول “هنا، كما يقول السفير الأمريكي الأسبق في سوريا، روبرت فورد، بدأ تراجع الاهتمام الغربي وخاصةً الأمريكي بالحلّ في سوريا، وراحت الدول الكبرى تمارس سياسة ترحيل المشكلة السوريّة، لتكتفي بطرح حلّ نظري غامض ممثلاً بمؤتمر جنيف في حزيران عام 2012 ثم قراري 2118 و2254 دون أن تهتمّ بوضع التفاصيل، لتسوّقها روسيا، التي تدخلت رسمياً عسكرياً إلى جانب النظام، وإيران مع النظام بطريقة تحتفظ بالسيادة والشرعيّة للنظام، مختلفة تماماً عن الطريقة التي تفهمها وتسوّقها قوى الثورة والمعارضة السوريّة”.
وأشار كدو إلى أنّه “تمّ عملياً، ربط القضيّة السوريّة بحاجات السياسة الخارجيّة للولايات المتحدة الأمريكيّة، لتصبح رهينة أسلوب الإدارات الأمريكيّة المتناوبة ما بين (الديمقراطيين) الذين يتجنّبون الصدام بالسلطة الإيرانيّة، بخلاف (الجمهوريين) الذين يرون في إيران خصماً لدوداً في الشرق الأوسط، و عليه أعتقد بأنّ إدارة الرئيس بايدن لا تولي القضيّة السوريّة الأهميّة الكافية، ليس فقط لانشغالها بالصراع مع الصين، حيث أنّ سلطة الأسد تعتبر إحدى ركائز الجمهوريّة الصينيّة التي تقف مع روسيا في محورٍ واحد، بقدر ما أنّ المسألة مرتبطة بمنهج الديمقراطيين الذين غضّوا النظر عن استخدام النظام للأسلحة الكيماويّة المحرّمة دولياً”.
وأكّد كدو أنّ “وثائق (سيزر) التي بلغت 55000 صورة لنحو 11000 سجين قُتل تحت التعذيب، كانت تكفي لجرّ رأس النظام ومساعديه المسؤولين إلى المحاكم الدوليّة وبالتالي إخراجهم من الحكم بسهولة، أو اللجوء إلى التدخل الإنساني في سوريا، بدلاً من المساعدات الإنسانيّة، وفق المسوّغات المشروعة الممنوحة لذلك بما لا يصطدم مع (الفيتو) الروسي المسلّط على رقاب الشعب السوري”.
واختتم القيادي في حزب يكيتي جوابه بالقول “كنتيجة أعتقد بأنّ المسألة السوريّة تبقى تنتظر تشبث الشعب السوري بثورته، متواصلاً مع أصدقاء الشعب السوري الإقليميين والدوليين، وخاصةً مختلف القوى المتفاعلة والبرلمانات والحكومات الغربيّة الفاعلة في صناعة القرار”.
فدوى العجيلي عضو هيئة التفاوض السوريّة / واشنطن: لا أرى تعويم للأسد بل أرى المرحلة الحاليّة إنقاذ لسوريا وشعبها إلى حين انتهاء الحلّ السياسي وانتهاء عمل اللجنة الدستوريّة.
عضو هيئة التفاوض السوريّة فدوى العجيلي قالت في جوابها عن استطلاع يكيتي ميديا “اجتماعات الجمعيّة العموميّة امتدّت خمسة أيامٍ طغى فيها الملف الإنساني على السياسي بشكلٍ عام، الملف السياسي كان خجولاً ومختصراً، حيث أكّدت الدول على استمرار الضغط والعقوبات على النظام السوري ورفض إعادة الاعمار لم يكن اجتماعنا مع الجامعة العربيّة أفضل حيث قالوا: استمرّوا بالحوار مع الدول العربيّة (بالوقت الذي كنا نشاهد دعم بعض الدول العربيّة للنظام السوري)، فرنسا عبّرت عن إخلاصها للحليف قسد وعدم التخلي عنهم”.
وأوضحت أنّ “اجتماعات واشنطن دامت لثلاثة أيامٍ مع مجلس الشيوخ والنواب والخارجيّة الأمريكيّة”، مشيرةً إلى أنّ “نشطاء الجالية السوريّة أكّدوا على عدم نيّتهم بالخروج من المنطقة الشرقيّة ودعم المنطقة كما هي عليه، واعترفوا ببعض التجاوزات ولكن وعدوا بالإصلاح، كذلك العمل على ملف معتقلي قسد”.
كما أضافت “حذّرنا من نشوب حرب أهليّة، إن لم يكن هناك مشاركة حقيقيّة لأبناء المنطقة بإدارة البلد، أمام الإصرار من الأمريكان على استمرار العقوبات على النظام السوري ولا مكان للأسد في سوريا”، متابعة “بمناسبة ملف المعتقلين تحدّثنا به بكلّ اللقاءات”.
واختتمت العجيلي بالقول “لا أريد أن أسمّي الحالة السوريّة بمرحلة اليأس ، كما لا أرى تعويماً للأسد بل أرى المرحلة الحاليّة إنقاذاً لسوريا وشعبها إلى حين انتهاء الحلّ السياسي وانتهاء عمل اللجنة الدستوريّة والذي سيكون أحد بنوده قائماً على انتخاباتٍ نزيهة وسيطيح بالنظام عاجلاً أم آجلاً، نحتاج الصبر فقط”.