تربه سبي … العلاج بالأعشاب وانتشاره كمهنةٍ.. ما بين العلاج والتراث
Yekiti Media
كانت النباتات أساساً للمعالجة الطبية منذ فجر التاريخ، وما زال التداوي بالأعشاب أو ما يسمّى ب “طبّ الأعشاب” يُمارس على نطاقٍ واسع حتى اليوم، فالطبّ البديل يعني علاج الأمراض بعيداً عن الأدوية التقليدية بالتركيب الكيماوي ، ويستخدم الأعشاب كموادٍ ووسائل مختلفة للعلاج من الأمراض.
بالصدد قام مراسل موقع يكيتي ميديا بتسليط الضوء على هذه المهنة خلال لقاءٍ مع السيد محمد حسين العليوي “أبو حسين” من سكان بلدة تربه سبي، والذي يمارس هذه المهنة عن دراسة ومعرفة جيدة منذ سنوات.
تحدّث عليوي عن بداية ممارسته للمهنة: “بدأت منذ عام 2002/2000 بدراسة مهنة التداوي والعلاج بالأعشاب مع الدكتور “يوسف الشرفاء” خبير الأعشاب الصينية، كنت أتلقّى التدريب والتعليم عن بعد “اون لاين” لمدة 4 سنوات لحين اكتسبت الخبرة الجيدة في علم الأعشاب الطبية والزيوت، كما وخضعت ل 7 دورات عشبية وتمرّنت وتدرّبت على يد الدكتور باسم الجارحي بمركز البيان في جمهورية مصر العربية عن طريق الانترنيت، ودرست كتب عديدة لاكتساب المزيد من المعلومات والخبرة ، منها “كتاب قانون الطب لابن سينا، الرازي، ابن الحاوي”، وأيضاً قمت بزيارة العديد من الأشخاص الذين يمارسون الطبّ البدوي في منطقتنا لاكتساب معلومات أضافية ومعرفة النباتات الموجودة بالمنطقة، وقمت بتدوين المعلومات التي اكتسبتها لأطوّر من خبرتي بشكلٍ أفضل، وأيضًا انتقلت للحجامة وعالمها وتعليمها جيداً حتى أصبحت متمكّناً فيها وبانتظار الحصول على شهادة إتمام التدريب“.
وأضاف :”ولأنها مهنة إنسانية وفيها منفعة للبشر، فطوّرت من خبرتي ومعرفة كلّ ما يتعلّق بالأعشاب وخواصها وكيفية تركيبها كدواءٍ بالأوزان الدقيقة والممارسة المستمرّة في هذا العلم ، لأستطيع علاج الكثير من الحالات المرضية، فعلم الأعشاب علم واسع ويجب على مَن يمارسها أن يتقن المهنة جيداً ، ويكتسب الكثير من الخبرة والمعرفة لكي يستطيع أن يشخّص الحالات بشكلٍ دقيق من خلال الأعراض وعمر المريض وحالته المرضية ومعرفة السبب الرئيسي للمرض ومعالجته ووصف الدواء المناسب للمريض“.
وأشار محمد إلى آلية عمله ومراجعة المواطنين له لطلب العلاج “أقوم باستقبال جميع الحالات المرضية ولكن الأكثر مراجعةً هي حالات عظمية لمشاكل فقرات العمود الفقري والرقبة وحالات العقم، قريباً وخلال سنة سأقوم بإصدار كتابٍ خاص بالأعشاب الموجودة بالمنطقة وجمعها والتداوي بها للحالات المرضية، والهدف من إصدار هذا الكتاب الاعتناء بالأعشاب الموجودة وكيفية تكاثرها للاستغناء عن الأعشاب المستوردة والتي تكلّف مبالغ باهظة للحصول عليها“.
ونوّه أبو حسين خلال حديثه عن الصعوبات التي يواجهها: “غالباً ما نضطرّ لطلب بعض الأعشاب المفقودة في المنطقة من محافظتي دمشق وحلب أو من إقليم كُردستان العراق مما يؤدّي إلى تأخير تركيب الدواء وزيادة في التكاليف، كما أنّ بعض المواطنين لا يقتنعون بالعلاج والتداوي بالأعشاب، ونعاني في بعض الأحيان بسبب قلة المراجعين، وعدم توفر الأجهزة المناسبة لتحضير وتجهيز التراكيب الدوائية“.
ختم عليوي حديثه: “يجب على كلّ مَن يمارس هذه المهنة النبيلة أن يكتسب الخبرة الجيدة والممارسة المستمرّة في المطالعة ومعرفة واكتشاف الأعشاب واستثمارها لعلاج المرضى، وأهدف إلى تطوير عملي وجلب أجهزة جديدة بدقةٍ عالية وآلات عصر الزيوت وأجهزة التنشيف والتخمير، وأطمح لتطوير وتوسيع عملي في هذا المجال لمساعدة الجميع وعلاج الحالات المرضية بكلّ أنواعها وتقديم الخدمات لكلّ محتاجٍ بحسب قدرتي“.
ومن جانبها ذكرت السيدة مها: “إنها تستعمل ومنذ زمنٍ مشروب الزهورات، والذي يتألّف من أعشاب طبيعية ومنها (أزهار الختمية و البابونج والزيزفون وورد الجوري وأنواع أخرى من الأزهار)، تنبت جميعها في فصل الربيع و تستخدم خاصةً في فصل الشتاء، لما لها من فائدةٍ كبيرة وقد توارثتها عن الأباء والأجداد“.
جديرٌ بالذكر أنّ العلاج بالأعشاب تعود جذوره إلى العصر الحجري القديم منذ آلاف السنين ، وكانت أول الأدلة المكتوبة عن العلاج بالأعشاب تعود إلى أكثر من 5000 عام وتعود إلى حضارة السومريين، وتداوله البشر وانتشر بشكلٍ كبير وأصبح شائعاً للآن، ومن أهم الأعشاب الطبية الموجودة في مناطق كُردستان سوريا “الخردل، الحرمل، شوك الجمل، شقائق النعمان، نفل، قيصون، حبة البركة، الكمون، اليانسون، الشمرة“.