تصويت الائتلاف ووجوب أن تكون المساحة مفتوحة للجميع
بهية مارديني / كاتبة سورية
انشغل البعض هذه الفترة بإصلاحات الائتلاف الوطني السوري المعارض ،وأعتقد أنّ هذه الفترة شهدت أكبر عدد للمكونات ممن طالها التغيير والتبديل .. تبريرات الائتلاف للإصلاح كثيرة؛ وأهمها: إنّ هذه الإجراءات وافقت عليها الهيئة العامة للائتلاف صاحبة الصلاحية وذلك عبر جمع التواقيع، أي جرى التصويت عليها بناءً على أسبابٍ قانونية، وعلى ما أعلنه مراراً رئيس الائتلاف الوطني سالم المسلط عن إصلاح الائتلاف وإعادة هيكلته ونوقشت قبل ذلك وكانت مطلب السوريين في إيجاد دماءٍ تجري وتعمل، وهي لا تصبّ إلا في مصلحة مؤسسة الائتلاف لإعادة تفعيله وضمان تجانسه ونشاطه ،كما يرى ذلك المسلط وأعضاء الائتلاف الذين قاموا بالتصويت .. رغم الإعلان عنها إلا أنها جاءت مفاجأة للبعض الذين لم يتخيّلوا تنفيذها واقعياً .. وأهم الأسباب التي أدّت إليها هي عدم الفاعلية و الغياب المتكرر، فهناك أعضاء لم يحضروا أي اجتماعٍ منذ ثلاث سنوات، لكنهم حضروا الاجتماع الأخير فقط لعلمهم بأنّ قراراتٍ جديدة ستُتخذ بحقهم ، وسيتمّ استبعادهم ، فضلاً عن غياب المكون والصفة التمثيلية للشخص وعدم وجود كتلة ينتمي إليها بسبب المتغيرات، وغيرها من المبررات التي تأخّر الائتلاف في التعامل معها حقيقةً، وكان يجب التصدي لها منذ وقتٍ طويل و بالنسبة لمَن جرى استبدالهم، فقد تمّ ذلك بطلبٍ من الكتل التي يمثلونها، ولم يعد بالإمكان تجاهل هذه المطالب. ادأما الحديث عن هذا الاسم أو ذاك فهو أمر جماعي وليس خاصاً بفردٍ.
وما جرى هو جزء من خطة إصلاحية شاملة أقرّها الائتلاف منذ ثمانية أشهر، وبدأت بلجنة إعادة صياغة النظام الداخلي وتقييم العضوية و ، هناك خطوات قادمة لكلّ مَن لا يفعّل دوره تشمل معالجة واقع أعضاء الكتل التي لم يعد لها وجود، مثل كتلة الحراك الثوري ،والكتلة الوطنية ،وكتلة المستقلين الكُرد على سبيل المثال ، بالإضافة إلى توسعة الائتلاف وزيادة تمثيل الداخل وإقرار خطةٍ سياسية واستراتيجية للمؤسسة. كما أنّ هذا الإجراء لا يستهدف المكون العلوي أو أيّ مكونٍ على الإطلاق بالعكس كما يؤكّد الائتلاف لأنه سوف يتمّ الترميم سريعاً.
ولعلّ اللقاءات الخاصة التي أجراها تلفزيون سوريا مع رئيس الائتلاف و الدكتور بدر جاموس أوضحت الكثير حول أنه لا استهداف لأحد بل أنها كانت عملية خضعت لتصويتٍ داخلي .. وسيتمّ تعويض العضو غير الفاعل بممثلين اثنين عن الطائفة العلوية، كما هو الحال بالنسبة للمكونات الأخرى. وبالنسبة لما أثير حول يحيى مكتبي ومحمد الدغيم عضوي الائتلاف الباقيين فهما مثّبتان منذ تمّ إنهاء كتلة المجلس الوطني التي كانا يمثّلانها ولأنهما لا يتبعان لأيّ جهةٍ سياسية فقد آثرا في وقتها أن يبقيا على انتمائهما الثوري مع الاستقلالية، فكان مكتبي و جمال الورد تحت بند (الحراك الثوري المستقل) بينما محمـد الدغيم دخل للائتلاف ضمن توسعة صيف ٢٠١٣ عن مقعدي المجلس الوطني في وقتها، وعملياً هما شخصيات مستقلة مثلهم مثل الكثير من الأعضاء، وعلى رأسهم هادي البحرة وأنس العبده و جميع السيدات في الائتلاف و حافظ قرقور، وتمّ تحويل الدكتور نصر الحريري وهشام مروة إلى شخصيات مستقلة و مع الأسف ياسر الفرحان لم يحصل على عدد الأصوات المطلوبة اثناء التصويت في الهيئة العامة، و أما جمّال الورد تمّت إقالته نتيجة عدم نشاطه وفعاليته و مشاركته بأيٍّ من نشاطات الائتلاف منذ أكثر من سنتين ..لكن يظلّ الائتلاف يعاني من التسريبات ومن تزوير أوراقه وهناك استهداف متعمد للمؤسسة وشخصياتها تكثر أسبابه وتتشابك.
وبكلّ الأحوال يبقى عليه، لتجاوز كلّ ذلك، النجاح في مهمةٍ أصعب وهي اختيار الاشخاص الكفؤين التي تعمل بجدٍّ للثورة دون تخوين مَن تركوا أو أقيلوا إلا في حال وجود دلائل دامغة . فوسط كلّ ما يجري وتعقيده، أخطر ما تمرّ به مؤسسات الثورة هي الاختراق والتسريب وفبركة الأخبار و التزوير، والفترة صعبة كسابقاتها فيما يزداد التشرذم .. و اليوم يعود الائتلاف ليتعرّض لهجمةٍ جديدة ،وهذه الهجمة أعتقد أنها ستمرّ في حالةٍ واحدة فقط لم يفت أوانها بعد ، وهي في حال استطاع اختيار من الساحة السورية المليئة بالعطاء والاستفادة من كلّ المكونات في مجموعاتٍ فاعلة وحقيقية، وأعضاء يعملون بتركيزٍ من أجل الثورة لنعود إلى وطننا إن جاز لنا أن نحلم.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد 297