المؤونة المنزليّة.. موروث شعبي ومخزون لأيام الشتاء
مع حلول فصل الصيف تبدأ رحلة التحضير للمؤونة المنزلية «الشتوية» التي تعدّ امتداداً تراثياً مازالت عاداته وطقوسه متداولة عند شريحةٍ واسعة من العائلات
فعند حلول شهر آب يبدأ الأهالي بتأمين وإحضار حاجتهم من الخضار ، مثل البندورة والفليفلة الحمراء والملوخية والباذنجان لبيوتهم، وذلك حسب إمكانيات كلّ عائلة وقدرتها على الشراء بالأسعار المطروحة في الأسواق، التي تكون أسعارها أرخص من بقية الأشهر وذلك لتوافرها في المنطقة بكميات كبيرة.
إنّ وجود المؤونة في المنزل يحقّق نوعاً من الاكتفاء الغذائي لأهله، كما يساعد في تقليل المصروف حيث توفّر العائلة مبالغ إضافية أثناء شراء الخضار في موسمها وخاصةً عندما يكون عدد أفراد الأسرة كبيراً وبحاجة لكميات كبيرة لسد احتياجاتهم ، فيتمّ الاعتماد على أصناف الطعام المتوفّرة في المنزل والمعدة مسبقاً.
وعلى الرغم من توفر مختلف أنواع المؤونة البلدية في الأسواق إلا أنّ هناك عدداً كبيراً من الأسر مازالت تواظب على تحضير مؤونتها بنفسها لاعتبارات كثيرة، فتحضيرها المنزلي يضمن جودتها ونظافتها
حدّثتنا السيدة مريم ،وهي ربة منزل لموقعنا، عن انشغالها معظم أيام الصيف في إعداد وتجهيز المؤونة، حيث تبدأ بتجهيزها من شهر تموز وحتى شهر أيلول، وتعدّ خلال هذه الفترة البندورة المطبوخة، وتضعها في مطربانات مُحكَمة بعد تقطيعها ، كما تصنع دبس البندورة من عصيرها أيضاً ، وتعتمد على الفليفلة الحمراء في صناعة المكدوس بالإضافة الى المخللات والمربيات.
وفي حديثها تحدّثت السيدة مريم عن ذكريات الماضي أيام زمان حين كانت أجواء التحضير للمؤونة تحمل نكهةً خاصة ،هي نكهة الفطرة والحياة الطبيعية ،ربّات البيوت في القرى كنّ يدخلن في التنافس والتباهي بمهارتهن في طريقة تصنيع ألذّ واشهى المأكولات، وبعضهن يعمدن إلى التفنن في إعداد المؤونة كالمربيات مثلاً التي لم تعد تقتصر على التين والمشمش لتشمل مربى الباذنجان وغيرها الكثير من الأنواع.
إلا أنّ ارتفاع الأسعار حال دون قدرة العديد من الاسر على تموين الطعام؛ لتكتفي بأصناف محدودة حسب إمكاناتها المادية، بينما لجأ آخرون الى تقليل الكميات التي كان يتمّ تخزينها حيث أنّ الأسعار لا تتناسب مع رواتب الموظفين وأصحاب الدخل المحدود، مما يجعل الأُسرة مجبرة على التخلي عن الكثير من المأكولات التي طالما زيّنت موائدهم.
حيث تشهد أسواق مدن كُردستان سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المواد الغذائية والخضروات في ظل تدهور قيمة الليرة السورية، ويُعتبر الموظفون وأصحاب الدخل المحدود من أبرز الشرائح التي تضرّرت جراء ذلك الارتفاع الكبير الذي سبّب عجزاً بالقدرة الشرائية لبعض الأهالي حيث باتت المؤونة الشتوية همّاً يُثقل كاهل رب الاسرة بسبب الوضع المادي .
سيد خليل موظف صاحب دخل محدود تحدّث ليكيتي ميديا بأنه يعاني من عدم القدرة على تأمين كافة انواع المؤونة وذلك بسبب دخله المحدود ولا يستطيع الاعتماد على المواد المتوفرة في السوق وذلك بسبب أسعارها المرتفعة بالنسبة له .
أما السيدة عائشة ،موظفة متقاعدة، من مدينة عامودا تقول إنها تعتمد في موسم المؤونة على مساعدة أبنائها المقيمين في الدول الأوربية فهي لا تستطيع تموين ما يلزمها دون مساعدة أبنائها وهذا حال الكثير من الأسر.
وبحسب أحد أصحاب المحلات التجارية فإنّ الأسعار مرتفعة نوعاً ما مقارنةً مع السنوات السابقة ، فكيلو البندورة يباع ب800 ليرة سورية والخيار ب400 بالإضافة إلى إقبال شريحة من الأهالي على شراء كميات كبيرة من البندورة والخيار والبامية وغيرها لتمويمنها وذلك خوفاً من فقدانها وارتفاع أسعارها بسبب انحسار مياه العديد من الآبار في المنطقة .