واشنطن بوست: بتمويل شركات غربيّة.. المؤثرون يبيضون جرائم الأسد
نشرت صحيفة (واشنطن بوست) مقالاً للباحثة في العلوم السياسيّة وحقوق الإنسان، صوفي فوللرتون، قالت فيه “إنّ المؤثرين (إنفلونسرز) يقومون بتبييض جرائم النظام السوري، بتمويل من داعميهم الغربيين”.
وجاء في المقال: “في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وفي نفس الوقت الذي كانت فيه مدونة الفيديو (فلوغر) جانيت نيوهام تصور نفسها وهي تتمشى في شوارع دمشق وحلب، قُتلت عائلة بمن فيها ثلاثة أطفال بغارة روسيّة في شمال غرب سوريا، لكن لم يعرف أي من المشاركين في قناة نيوهام وعددهم 170 ألف متابع، أنّ سوريا لا تعيش حرباً”.
وعلى مدى عدة أعوام، عمل النظام بجهد لتجنيد المؤثرين كي يقوموا بتحسين صورته. وكانت الفكرة بارعة؛ لأن المؤثرين السياح لا مواقف سياسيّة لهم، واهتمام المتابعين متركز على الصوت والرائحة والطعام. فالنبرة الواردة في الفيديوهات مرحة وبدون أي مجال للتذكير بالمأساة التي تعرض لها البلد. ورغم صور الدمار التي احتوت عليها الفيديوهات، إلا أنّ البيوت المهدمة باتت جزءاً من جماليّة الصورة.
ويدخل المؤثرون إلى سوريا من خلال تأشيرات يحصلون عليها فقط عندما يرتبون مكان إقامة من خلال وكالات السياحة المرتبطة بالنظام. ويقوم النظام بالنظر في كل التأشيرات من أجل التخلص من الصحافيين والناشطين. وعندما يصل المؤثرون إلى سوريا، يتم تعيين مرافقين لهم، تحت غطاء مترجمين، بحسب الصحيفة الأمريكيّة.
وتعلق نيوهام، المؤثرة الأيرلندية: “لم أقصد أن يكون أي من الأفلام سياسياً”. وتقول في فيديو لاحق: “إنّ الدمار الذي لحق بمدينة حمص، العاصمة الأولى للثورة، بأن كان على يد (قوى من خارج سوريا)”، حسب زعمها.
ويلقي المؤثر على تيك توك، داوود أخوندزاده، مسؤوليّة الدمار في البلد على “الجيش السوري الحر”، لأنّه حمل السلاح ضد النظام، و”نتيجة لهذا، هذا ما بقي” مشير إلى حي سُويّ بالتراب.
وتعلق الكاتبة، أنّ هؤلاء المؤثرين يدعمون أجندة النظام من خلال تقديم انطباع زائف عن البلد ومشاكله. فلا يزال معظم السوريين يعانون في مخيمات اللجوء بالخارج، فيما اختفى أكثر من 100 ألف شخص في سجون النظام وأقبية التعذيب.
وتضيف “أنّ سياحة كهذه هي غير أخلاقيّة؛ لأنها تخفي في إطارها البريء الرعب. فنيوهام مثلاً، تتحدث بحماس عن زيارتها إلى باب توما، ولكنها غير واعية بأنها ليست بعيدة عن فرع المخابرات الجويّة الذي تقول هيومان رايتس ووتش، إنّه واحد من أهم منشآت التعذيب في البلد”.
ورغم ما تقدمه السياحة هذه من قيمة للنظام، إلّا أّن المثير للقلق هي أنّ معظم المنشورات على منصات التواصل مدعومة من شركات غربيّة. فقد مولت شركات مثل دولنغو وسيرفشارك، وسكيلشير، فيديوهات أثناء “رحلات السفاري الوحشيّة”، واستطاع مدونو الفيديو تحويل الرحلات هذه إلى مال.
وفي بيان، قال المتحدث باسم غوغل -شركة يوتيوب- إنّها تطلب من المنتجين والمعلنين الالتزام بالعقوبات المفروضة، وعدم الاستفادة مالياً من المحتوى الذي ينتهك هذه السياسات بدون الإشارة للفيديوهات حول سوريا. وفي واحد منها، استخدم مدون الفيديو البريطاني بنجامين ريتش، بيوتاً مهجورة كخلفيّة لبيع اشتراكات لشركة “سيرفشارك” وقالت الشركة للصحيفة إنها ستحقق في الموضوع.
واعترفت نيوهام بنوع من التحفظ في الفيديوهات التي صورتها. عندما تم التواصل معها، رفضت التعليق. ومن الواضح أنّ هؤلاء المؤثرين لا يريدون التعامل مع التداعيات السياسيّة والأخلاقيّة الناجمة عن رحلاتهم إلى سوريا، و”نحن لا نستطيع مراقبة ضمير الناس، لكننا نستطيع مساءلة إن كانت الشركات التي تدعم سياحة كهذه تقوم بخرق العقوبات المفروضة على النظام بسبب انتهاكات حقوق الإنسان”.