تل أبيض مدينة كردستانية
برزان شيخموس
يوم أمس الأحد مع تقدم قوات غرفة عمليات بركان الفرات التي تشكل وحدات حماية الشعب “YPG” عمادها، نحو مدينة كري سبي التي تعرف باسم تل أبيض، كتب الأستاذ حسين جلبي المعروف بنقده اللاذع لكل ما يتعلق بالمنظومة الأبوجية، على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي تعليقاً على الحدث، جاء فيه ” تل أبيض بلدة عربية ومعظم سكانها من العرب، أنا استغرب تنطع القوات الابوجية لتحريرها من “داعش “وبذل الدماء الكردية رخيصةً في غير مكانها الصحيح”.
رغم اختلافي المضطرد مع طرح حزب الاتحاد الديمقراطي “PYD” ورؤيته السياسية قومياً ووطنياً، إضافة إلى اختلافي مع الوحدات العسكرية التابعة لها “فكراً وممارسة” من خلال ممارستها الإقصائية والتضييقية لباقي القوى السياسية الكردية، على حساب القوى التابعة للمكونات الأخرى في المنطقة، إلى جانب الحالة الممنهجة التي فرضتها علينا في المناطق الكردية من تجويع وقمع للحريات والتهجير الاجباري للشعب الكردي من خلال فرض قانون السفر برلك “التجنيد الاجباري” الذي افرغ المنطقة من الشباب الكردي، بالإضافة إلى التغيير الديمغرافي الذي ترعاه “PYD “من خلال الإخلال بالوجود الكردي على أرضه التاريخية، وتكريمه المستوطنين الغمر وغيرهم ، وذلك في علاقة جهرية مع النظام .
إلا أن كل هذا لا يبرر لأي كان تزوير الحقائق وتشويهها، ناعتاً منطقة استراتيجية كردستانية مثل تل ابيض بأنها عربية، منكراً كردستانيتها إلى جانب إنكار الوجود التاريخي للكرد على أرضهم التاريخية في تلل البقعة، فبهذه الاقوال والكتابات المستندة إلى ردود أفعال لا مبرر لها نكون مساعدين ومساهمين لكل من نظام البعث الدكتاتوري وتنظيم “داعش” ومن لف لفهما، اللذان سعياً بكل قِواهم إلى اضطهاد الشعب الكردي هناك وتهجيره بغية تغير ديمغرافية المنطقة الاستراتيجية.
بحسب دراسة للأستاذ حسن صالح بعد أن أجرى مسحاً لتلك المنطقة والبحث في تاريخها واللقاءات التي أجراها مع سكانها الطاعنين في السن يسرد قائلاً “إن مدينة كركي غزالا التي تعرض سكانها الكرد إلى الاضطهاد عندما كانت السلطات تعمل على تعريبها فكان يمنع على الكردي تسجيل منزله باسمه فيضطر إلى تسجيله باسم شخص عربي، مما جعل عدد العرب يزداد على حساب السكان الأصلين ومع ذلك فإنّ الكرد يشكلون حوالي 40% من سكان المدينة كما توجد 82 قرية كردية في الغرب والجنوب (قبل دخول تنظيم الدولة الإسلامية إليها)، وقد قامت سلطات البعث بمصادرة أراضي الكثير من القرى الكردية وسلمتها لمواطنين عرب.
من جهتهم قام مجموعة من النشطاء الكرد في بداية العام الجاري بأطلاق “حملة تأكيد الهوية الكردستانية لكري سبي (تل أبيض)” حيث استندوا الى تقديم الأدلة والوثائق التي تؤكد كردستانية المدنية من جهة، إلى جانب توثيق الانتهاكات التي طالت المدنيين العزل من قتل ونهب وتشريد والتي كانت في جوهرها حملة تهجير جماعي للمكون الكردي قامت به فصائل مختلفة من الجيش السوري الحرّ وكذلك حركة أحرار الشام الإسلامية وتنظيمي جبهة النصرة والدولة الإسلاميتين، بالإضافة إلى توثيق أسماء أبناء العشائر العربية في تلك المناطق والتي بايعت تنظيم الدولة وشاركت في قتل المدنيين الكُرد ومصادرة ممتلكاتهم في تلك المناطق”.
كما نشروا دراسة للمهندس ابراهيم مسلم يبين فيها ما يلي” إن مساحة مدينة كري سبي تبلغ (509.222) هكتار أي ما يعادل (5.092) كم مربع، وتجدر الإشارة إلى أن مدينة كري سبي يعيش فيها إلى جانب الكُرد، العرب والأرمن والتركمان، ويتجاوز عدد سكانها أكثر من 300 ألف نسمة يشكل الكرد أكثر من نصف سكان المدينة تقريباً.
كما تتوزع القرى الكردية من مركز المدينة باتجاه الغرب حتى الحدود الإدارية لمحافظة حلب، ويبلغ عددها أكثر من 100 قرية إضافة لقرى أخرى تقع جنوب الطريق الدولي حلب – الحسكة، معظمها متواصلة جغرافياً باستثناء بعضها، حيث تم استحداثها من قبل النظام السوري بعد ما يسمى بثورة الثامن من آذار عام 1963.
هنا يجدر القول أنه اي كانت هوية القوى التي ستدخل المدينة ستكون وبكل تأكيد افضل واحسن من تنظيم “داعش” الذي هجر الكرد وباتوا لاجئين في الخيم يقتادون الذل على ايدي ناقصي ذمم في غربة موحشة، على الاقل سيرجع الكرد الى ديارهم وسيعود العرب ايضاً، وسيكون بإمكاننا الدفاع عن كل المكونات الاصلية في المنطقة – اضعف الايمان بالكتابة- في حال اضطهادهم ، لكن لا يجب ان نكون عروبياً اكثر من العرب ذاتهم، حيث ان ما لا شك فيه ان العرب سيحترموننا عندما نعتز بكرديتنا اكثر من ان نكون منسلخين من ذواتنا في ردود افعال لا مبرر لها.