حوار مع المحامي إبراهيم أحمد بخصوص الوجه القانوني للاعتقال التعسفي وتجنيد القاصرين
Yekiti Media
مع مرور شهرين على اختطاف الشاب حميد عيدي من قبل مسلّحي حزب الاتحاد الديمقراطي في مدينة قامشلو، ارتفعت في الآونة الأخيرة حالات خطف القاصرات و القاصرين من قبل الشبيبة الثورية التابعة لحزب العمال الكُـردستاني، ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في كُـردستان سوريا، وشمال سوريا.
وبخصوص هذه الانتهاكات، كان ليكيتي ميديا لقاءٌ مع المحامي إبراهيم أحمد حول رؤية القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان لهذه الجرائم.
بخصوص تعرّض حميد عيدي للاغتيال، واعتقاله تعسفياً، واحتجازه قسرياً، قال المحامي إبراهيم أحمد : في ظلّ دولةٍ أو إدارةٍ شرعية، تحترم شرعة حقوق الإنسان، وتحترم قوانينها، ويسود فيها القانون ويفصل في نزاعات مواطنيها، قضاءٌ مستقل لا يمكن أن يكون هناك أيّ توقيفٍ أو حجزٍ لحرية الإنسان خارج ما رسمه القانون والأصول، فكلمة الاعتقال أو الاختطاف يُستدلّ منها على أنها أفعال خارجة عن القانون، والأصول المتّبعة، وبالتالي تستطيع القول بأنّ هذه الدولة أو تلك الإدارة، لا قانونية، لأنها لا تحترم قوانينها .
وأضاف: ولكن في وضعٍٍ كوضع سوريا، ووفقاً للمعايير الدولية، تستطيع القول بأنها وصلت إلى مستوى الدولة الفاشلة، وإصرار نظامها بعدم الإعلان عن فشلها في إدارة الدولة يجعلها مسؤولة دولياً وبالدرجة الأولى عن الانتهاكات والعنف الممارَس في أراضيها، ناهيك عن القتل والاعتقالات، كما أنّ الدول المحتلة والميليشيات التي تحتلّ جزءاً لا باس فيه من أراضي سوريا لا تعلن عن صفتها الاحتلالية، ولا تخضع نفسها للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعاهدات الناظمة لها، تهرباً من أية مساءلة قانونية عن التجاوزات والانتهاكات التي تُرتكب في أراضي سيطرتها.
وتابع: أمام هذه اللوحة القانونية والإنسانية القاتمة، لا يمكن للمرء الركون إلى جهاتٍ فرضت سيطرتها بقوة السلاح، وفاقدة للشرعية القانونية، وتفتقر أجهزتها القضائية والإدارية للمعايير الصحيحة والسليمة، أما بخصوص حميد عيدي، فكان الأجدر بقوى الأسايش، المناط بها حفظ حياة وممتلكات الناس أن تكشف عن الجناة الذين أطلقوا الرصاص الحيّ على سيارته، ومحاولة الشروع بقتله، وتقديمهم إلى قضاء يستوفي شروط محاكمة عادلة لهم، لا أن تعتقله وتترك الجناة، وتقديمه وهو المعتدى عليه إلى القضاء بتهم أقلّ ما يمكن أن يُقال عنها بأنها سياسية، فالناس لا يمكن أن تأمن على حياتها حين تتداخل جميع السلطات، وتفتقد كلٌّ منها استقلاليتها عن الأخرى، ولا تكون حياة الناس وحرياتها وكرامتها مُصانة ومحفوظة دون وجود قضاءٍ مستقل و يأتمر بتطبيق القانون الذي لا يمكن أن يكون بخلاف وبتضاد شرعة حقوق الإنسان التي باتت موادها أساسية في جميع دساتير العالم.
وزاد: وفي غياب ذلك ضمن الإطار الوطني يجعل المرء عاجزاً للوصول إلى العدالة، إلا أنه في الآونة الأخيرة لجأت بعض الدول الأوروبية ومن خلال محاكمها الوطنية ممارسة ولاية القضاء، بموجب القانون الدولي، على جرائم خطيرة تمسّ بمصالح المجتمع الدولي الأساسية ضدّ مرتكبي الجرائم الخطيرة حيث يسمح مبدأ الولاية القضائية العالمية لهيئات الادّعاء الوطنية بملاحقة مَن يُعتقد أنهم مسؤولون عن جرائم دولية خطيرة بعينها، مثل جرائم التعذيب.
وبشان اختطاف القاصرين، قال المحامي إبراهيم أحمد: بدايةً سنتطرّق إلى القوانين الوطنية المجرّمة لعمليات خطف القُصّر والتي تُعرّف القاصر بأنه كلّ شخصٍ لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره حيث نصّ المشرع الوطني في المادة /481/ من قانون العقوبات بـ :
1- مَن خطف أو أبعد قاصراً لم يكمل الثامنة عشرة من عمره ولو برضاه بقصد نزعه عن سلطة مَن له عليه الولاية أو الحراسة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة مائة ليرة.
2- وإذا لم يكن القاصر قد أتمّ الثانية عشرة من عمره، أو خطف أو أبعد بالحيلة، أو القوة كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة.
وأضاف: فأيّ نزعٍ لقاصر عن حضن والديه، أو عن سلطة مَن عليه الولاية والحراسة، ولو كان برضى القاصر نفسه يُعتبر جرماً يُعاقب عليه بالحبس مدةً لا تقلّ عن ستة أشهر، ولا تزيد عن ثلاثة سنوات – وهي عقوبة جنحية – أما إذا خُطف عنوةً أو أغري و احتيل عليه فتكون عقوبة الأشغال الشاقة المؤقّتة وهي عقوبة جنائية لا تقلّ عن ثلاثة سنوات ولا تزيد عن خمس عشرة سنة.
وأشار إلى أنه وفي نطاق القانون الدولي فهناك اتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكولين الملحقين بها، واتفاقية حقوق الطفل، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، تناولت حماية الأطفال من التجنيد والاشتراك في النزاعات المسلحة الدولية، وغير الدولية التي فشلت في رفع سن المانع من اشتراك الطفل في النزاعات المسلحة من الخامسة عشر إلى الثامنة عشر, إلا بعد سنين عديدة والتي تكلّلت تلك الجهود بالبروتوكول الاختياري باتفاقية حقوق الطفل حيث تناولت الفقرة الأولى من المادة الرابعة منه, موضوع الجماعات المسلحة، حيث نصّ على أنه لا يجوز لها تجنيد الأطفال إجبارياً أو طوعياً، بل، وعليها أن تمتنع عن إشراكهم في الإعمال العدائية سواءً بشكلٍ مباشر أو غير مباشر إذا كان سنّهم يقلّ عن الثامنة عشرة، وعلى ما تقدّم يُفهم بأنّ سن التجنيد الإلزامي، والاشتراك في الإعمال القتالية, بالنسبة للجماعات المسلحة يجب أن لا يكون أقل من الثامنة عشرة، إلا أنّ الواقع, يقول خلاف ذلك، حيث يتمّ تجنيد الأطفال من طرف الجماعات المسلحة، وزاد: ومع الأسف، بتخطيطٍ منهجي، ويكون بأغلب الحالات بالقوة فالاختطاف بالقوة, والنزع هما الوسيلتان اللتان تُستعملان بكثرة، حيث يتمّ انتزاعهم بفظاعةٍ من آبائهم، وإرسالهم إلى مراكز التدريب حيث يتمّ اختطافهم من الأسواق، وأماكن التجمعات، والاحتفالات، والمعاهد الدراسية.
وقال: أما واقع حالنا يكتنفه تناقض فاضح وصارخ لجهة وجود قانونٍ قد حدّد سنّ الثامنة عشر كسنّ التكليف للتجنيد الإجباري والإلزامي، وظهور جهةٍ أخرى خارجة عن الهيكلية الإدارية ولا تتبع لأية مؤسسةٍ رسمية, ولا ينالها أي قانون، ولا يلجمها أي رادع، حيث تُترك لها اليد الطولى في خطف الأطفال القُصّر، فالجهة التي اختصّت نفسها بتنظيم أمور التجنيد الإلزامي تقع عليها المسؤولية الأخلاقية إزاء ما تقوم به تلك الجهة الخارجة عن قانون تنظيم الخدمة الإلزامية وازدرائها بها وبسلطتها.
واختتم قائلاً: وديمومة هذا الصمت اتجاه ما تسلكه جماعات الخطف، وكشفهم وتقديمهم للمحاكم، تدخل الجهة الناظمة للتجنيد الإلزامي وحالة شراكة مع تلك الجماعات، الأمر الذي يدخل أهالي المخطوفين, رغم آلامهم الفظيعة في حيرةٍ من أمرهم لأية جهة يقصدون، ولأية جهة يشكون، لذا ترونهم مستنجدين بوسائل الإعلام ، ولكن هذا لا يمنع أن يلجؤوا إلى القضاء، متى عرفوا الخاطفين بالاسم .