ازدياد ظاهرة عمالة الأطفال في مدينة الحسكة
في ظل ازدياد هجرة الشباب من مدن وبلدات كُردستان سوريا نتيجة الظروف المعيشيّة والاقتصاديّة الصعبة والقرارات الصادرة من قبل إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي وفي مقدمتها التجنيد الإجباري، تتزايد نسبة عمالة الأطفال وتشغيلهم في مدينة الحسكة ولأسباب متعدّدة.
ويعمل مئات الأطفال في مهن متعددة بدءاً بأعمال البناء الصعبة إلى ورشات الخياطة وميكانيك السيارات، وصولاً إلى المخابز ومحلات بيع المواد الغذائيّة والأسواق الشعبيّة، إلى جانب غيرها من المهن التي تتطلب جهداً عضلياً لا يتناسب مع طاقتهم وقدراتهم الجسديّة.
وقال الطفل (ل.ح – 14 عاماً) ليكيتي ميديا إنّه “أرغم على العمل لإعالة والدته وشقيقه الصغير والوحيد بعد مقتل والده برصاصة طائشة منذ سنتين”.
كما أضاف “أجرتي زهيدة، لكنها تساعد في إعالة أسرتي التي أصبحت مسؤولاً عنها بعد رحيل والدي”، وقال “إنّ عملي في ورشة للخياطة قد يساعدني مستقبلاً في إيجاد فرصة عمل أفضل في ورشات الخياطة”.
وتابع الطفل الذي فضّل عدم ذكر اسمه أنّه قد حرص على أن يستكمل شقيقه دراسته أملاً في حصوله على فرصة عمل أفضل قد تساهم لاحقاً في تغيير واقع حياتهم بشكل كامل.
من جانبه قال الطفل محمد (16 عاماً) لموقعنا “أنا الأكبر بين أخوتي، وتوفي والدي منذ عامين، واضطررت لترك الدراسة والعمل لإعالة أمي المريضة وأخوتي الأربعة”.
كما أضاف “توفي والدي بمرض السرطان، المرض الذي أنهك جسد والدي وأنهكنا معه، حيث قمنا ببيع منزلنا من أجل العلاج، والآن نحن في منزل أجرة تبلغ أجرته خمسون دولاراً أمريكياً”.
واختتم محمد حديثه بالقول “أعمل في محل ميكانيك سيارات بصناعة الحسكة، والعمل ثقيل جداً علي، وكثيراً من الأحيان تؤلمني مفاصل يدي، وظهري، ولكنني مضطر للاستمرار في العمل”.
يضطرّ أصحاب المحال إلى تشغيل الأطفال بسبب قلّة الشباب الراغبين في العمل.
يقول علي محمود صاحب محل في سوق الحسكة: “في السنوات الأخيرة هاجر الغالبيّة الساحقة من فئة الشباب من الحسكة، وما تزال هذه الهجرة مستمرة وبوتيرة أقوى في الأشهر القليلة الماضية”.
وأوضح محمود “انّ فراغ المدينة من فئة الشباب الراغبين بالعمل يدفعنا ويجبرنا لتشغيل الأطفال دون الثامنة عشرة”.
وتتفاقم هذه الظاهرة في مختلف مناطق كُردستان سوريا، بالتزامن مع غياب الرقابة من إدارة PYD, والمؤسسات والمنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الطفل، وباتت هذه الظاهرة تهدد بضياع جيل كامل من الأطفال بعد توقفهم عن التعليم ليصبح الشارع هو منزلهم ومدرستهم.
بحسب إحصائيات منظمة العمل الدوليّة التابعة للأمم المتحدة، يعمل أكثر 160 مليون طفل في جميع أنحاء العالم، أي طفل واحد من بين كلّ عشرة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 17 عاماً منخرطين في عمالة الأطفال، وتشير التقديرات إلى أنّه بدون استراتيجيات للتدخل، يمكن أن يرتفع عدد الأطفال العاملين بمقدار 8.9 مليون بحلول نهاية عام 2022 بسبب ارتفاع الفقر وزيادة الضعف.