«طلاق الكبار» في سوريا يتصاعد مع مجتمع الحرب والكساد الاقتصادي
Yekiti Media
تحدثت مصادر قانونية في دمشق عن ازدياد عدد حالات طلاق كبار السن في المجتمع السوري، ووصفت انتشار الظاهرة بأنه «أشبه بالكارثة»، بينما ترتفع نسب العنوسة بين النساء إلى نحو 70 في المائة.
وقال المستشار في شؤون الأسرة، المحامي فهد سعد الدين، في حوار مع إذاعة محلية، معلّقاً على الظاهرة، إن بعض حالات الطلاق تمت بعد زيجة استمرت لنحو نصف قرن. وأعاد المستشار سعد الدين أسباب طلاق الكبار إلى «تراجع القيم الاجتماعية، كالتمسُّك بالأسرة، وتقدير عشرة العمر، والإحساس بالمسؤولية تجاه الحفاظ عليها»، مشيراً إلى أن أغلب حالات طلاق الكبار، تأتي نتيجة استقواء أحد الطرفين بالأولاد، وتصفية الحسابات وإهمال الزوجين لبعضهما.
إلا أن طبيب أمراض نفسية بدمشق (تحفظ على نشر اسمه) أرجع أسباب الطلاق لدى هذه الفئة العمرية إلى الضغوط المعيشية المترافقة مع ضغوط هجرة الأبناء بسبب الحرب والطلب إلى الخدمة العسكرية، وقال الطبيب: «كثير من الأزواج، لا سيما النساء، يجبرون أنفسهم على الاستمرار في الزواج من أجل الأولاد ولحماية الأسرة، ولكن ما يحصل بسبب الحرب أن الأولاد يهاجرون وتتفكك الأسرة، وتزول أسباب الاستمرار والصبر، فتزيد المشكلات والصراعات التي تصل إلى حد تحطيم كل منهما للآخر»، وأشار الطبيب إلى ازدياد كبير في أعداد مرضى الاكتئاب من الأزواج: «تبدأ حالة الاكتئاب لدى أحدهما، ومع مرور الوقت، ومحاولة الآخر مراعاة الشريك المكتئب، تنتقل الحالة إلى الطرف الثاني، وتتحول الحياة بينهما إلى جحيم».
وبحسب أرقام وزارة الشؤون الاجتماعية، هناك أكثر من 3 ملايين فتاة عزباء تجاوزت أعمارهن الثلاثين عاماً، ونسب «العنوسة» في سوريا باتت بحدود 70 في المائة، وفقاً للمعايير الاجتماعية المحلية، في مؤشر على تغيّر كبير في بنية المجتمع السوري بعد حرب عشر سنوات، حيث أصبحت نسبة الإناث مقابل الذكور في سوريا متفاوتة بشكل حاد؛ فكل 25 امرأة قابلة للزواج، يقابلهن رجل واحد فقط، وهو ما يُعدّ من أبرز أسباب العنوسة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ، وعدم القدرة على تحمل نفقات الزواج وتأسيس أسرة، وتغير الهدف من الزواج من الاستقرار إلى وسيلة للخلاص من الوضع المعيشي المتردي؛ فالفتاة تحلم بزواج يحسن وضعها المادي أو يسمح بفرصة للهجرة. وكذلك الشاب الذي يفضل الاقتران بفتاة تحمل جنسية أجنبية تساعده على الهروب من البلاد.
وقد سبق أن أشارت تقارير سورية إلى انتشار ظاهرة الزواج بثانية، بنسبة 40 في المائة، رغم وضع شروط قانونية تقييدية على زواج الرجل بامرأة ثانية، حيث ارتفعت نسب تعدد الزوجات خلال الحرب بسبب الظروف الاقتصادية، وبات الزواج حكراً على المقتدرين مالياً، وفي الغالب هي حالات اقتران رجال كبار في السن بنساء صغيرات وحتى قاصرات بداعي الإعالة والستر، في مواجهة انتشار العلاقات غير الشرعية وارتفاع معدلات الحمل غير الشرعي.
وبحسب مصادر طبية بدمشق، فإن نسبة عمليات إجهاض الحمل غير الشرعي ازدادت في العقد الأخير، بنسبة ألف في المائة. ومردّ ذلك نشوء مجتمع «حرب» أُشيع فيه التحلُّل الأخلاقي الناجم عن التفكُّك الأسري والفقر، وانتشار حمل السلاح والعنف والاغتصاب، وازدهار تجارة وتعاطي المخدرات التي أدَّت بمجملها إلى ارتفاع نسب الجرائم وحالات الانتحار.
aawsat