آراء

هل الثورة أنصفت المرأة السورية؟

صباح الكردي

في بداية الحراك الثوري السلمي شاركت المرأة السورية يداً بيدٍ مع الرجل، وكانت تهتف وتعبّر عن رأيها في التظاهر والهتاف ثم تخندقت مع المشافي الميدانية في الريف والمدينة …وعملت مع التنسيقيات وكثيرات انتقلن من مدينة لمدينة للمشاركة في المظاهرات والتعبير عن رأيهن في مناهضة النظام القمعي المستبد …كان لهنّ نشاط فعال في نقل الحقيقة رغم إمكانياتهن القليلة ربما الجوال المحمول والقليل من الصور في تغطية جانب مما يجري على الأرض عبر تواصلهن مع القنوات الأخبارية لنقل مايجري على الأرض من قتل ممنهج لكلّ مواطن يشارك في المظاهرات المناهضة لنظام الحكم

طبعاً الكثيرات استشهدن والكثيرات اعتقلن وعذبن ودفعن أثمان باهظة تكلفة اعتقالهن…ومَن لها الحظ في الخروج من المعتقل كان مصيرها ينتظرها من قبل الأهل أو الزوج

إما القتل وغسل العار وإما الطلاق !!!

هنا دخلت المرأة السورية في نفق مظلم

ومما زاد الطين بلة

عسكرة الثورة وأسلمتها

“وداعش”

كلّ هذه المصيدة كانت كافية لأن تحشر المرأة السورية في الزاوية وتصبح بحكم الوئد كبيرة كانت أوصغيرة

الوئد المنزلي ثم الوئد الجسدي ثم الوئد الفكري وهو الأدهى والأمرّ ..دخلت المرأة السورية في سجون متعددة الأبواب أغلقت عليها كلّ منافذ الحرية ؛ لأنّ هؤلاء فهموا الحرية انسلاخ عن الأخلاق للأسف…

المرأة السورية رغم أنها ضحية لكلّ ماذكر …ولكن لم تقف المأساة هنا وإنما مأساتها أكبر بكثير من ذلك …قدمنَّ فلذات أكبادهن وأزواجهن وأخواتهن وأبائهن قرابين على مذابح الحرية ..ولم يكتفين بذلك، الكثيرات حرمنّ من متابعة التحصيل الجامعي ..والكثيرات خسرن وظائفهن…

وأصبحت المرأة السورية تشعر بأنها عالة على المجتمع والأهل والأسرة

منهن مَن عمدن الى الهروب من الواقع المخيف ف اضطررن إلى ركوب البحر وخسرن أرواحهن وربما عوائلهن…معاناة من نوع آخر ..كثيرات يحملن شهادات جامعية اعتمدن على أنفسهن في العمل ليغطين نفقة أسرهن ولكن قوبلن بأصحاب النفوس الضعيفة من خلال الوظيفة مقابل الشرف!!!

إنها قصص لم تكن من الخيال وإنما رواها لي أناس عاشوا المعاناة…هذه زوجة الشهيد أو أخت الشهيد أو ابنة الشهيد، الذين قدّموا أرواحهم ودماءهم للوطن …

هذا غيض من فيض

لم أتطرّق الى معاناة المعتقلات في سجون الأسد؛ لأنّ الكلّ يعلم هذا النظام الفاقد للشرعية والأخلاق كيف يعامل نزلاء السجون ..

كيف نبني أمة والمرأة في مجتمعنا إما مهمّشة وإما مستباحة وإما عورة…ألم يقل سقراط

“إن علّمت رجل فأنت تعلّم فرد…ولكن عندما تعلّم المرأة فأنت تعلّم أمة بأكملها. ألم تكفِ هذه المقولة لتكون منهاجاً دراسياً يتلى في مدارسنا…

مَن قال إنّ الأنثى أضعف من الرجال

اليد التي تهزّ المهد…قادرة على هزّ العالم ” هكذا قال نابليون ”

ذات مرة يصف فيها قوة المرأة

وقال حكيم إغريقي : ابتسامة المرأة تبني حضارة ! فكيف بعد كلّ هذا نقول إنّ المرأة كائن ضعيف

هناك نساء صنعن التاريخ…والحضارة..

والرجال

وهناك أنثى وحيدة تسير على الطريق لا نعرف من تكون لكنها لن تختلف…كثيراً عن “زنوبيا”

ولا عن “كليوباترا”

ولا عن “أليسار” “ملكة الفينيق”

فكلهنّ في النهاية أنثى واحدة

كتلك التي تسير على الطريق

كلهنّ يصنعن حضارة…ومجداً لا ينسى

الكتابة عن الأنثى ليست تعاطفاً مع كائن منسي

ولادفاعاً عنها في مجتمع فقد الذاكرة!!

بل طمعاً في أن تستيقظ “زنوبيا” أخرى في داخلها

لتبني لنا أكثر من قصة… وأكثر من تاريخ!!

كلّ امرأة ملكة وإن غابت مملكتها ،ولن تكون كائناً ضعيفاً ويدها تهزّ المهد

فمن تصنع الأطفال ليست ضعيفة ،ومن تجعلهم رجالاً…هي أقوى من كلّ شهادات الرجال ,,

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “306”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى