التوزيع الإداري للمناطق الكوردية في سوريا
إعداد: علي عبدالله كولو
يعتبر الكُورد أحد شعوب غرب قارة آسيا وقد اتخذ من الجبال الواقعة شرقي تركيا وغربي ايران وشمالي العراق وسوريا موطنا له من القدم ومع وجود صيغ عديدة للفظة الكورد بما تدل على معاني مختلفة ومنذ العصور القديمة كان هناك شعب تميز بكل المميزات القومية .
وتقع أرض الكورد في منطقة تتميز بطابعها الجبلي واشتهرت مقاطعاتها في التاريخ القديم بأسماء عديدة مثل ( سوبير – سوبارتو – كوتيوم – زاموا – كوهستان – بلاد الجبل ) ولا تؤلف كوردستان اليوم أرضا ذات حدود سياسة معينة معترف بها وإنما تشكل جزءا من أراضي دول ( تركيا – ايران – العراق – سوريا ( .
أما اسلاف الكورد فهم : ( اللولو – الكوتيون – الحوريون – الميتانيون – الكاشيون – الميديون – المانيون – الكاردوخيون )
وهناك في منطقة الجزيرة العليا ( السورية ) تلال اثرية ( تل موزان – أوركيش – تل ليلان – شاغر بازار – واشوكاني )
أما أوركيش فقد كانت مركز المملكة الحورية في أواخر الألف الثالث ق.م كما كانت مدينة دينية مهمة ومركز ا لعبادة الإله ( كوماربي ) الإله الأساسي في الأساطير الحورية وامتد نطاقها من مثلث الخابور حتى نهر ديالى وشملت شمالي بلاد آشور والمناطق الجبلية جنوبي بحيرة وان واستطاع ( سوشتتر ) توحيد مملكة ميتاني ومناطق نفوذه امتدت من جبال زاغروس وحتى البحر المتوسط وكانت عاصمة ( سوشتتر ) هي مدينة ( واشوكاني ) رأس العين الحالية في محافظة الحسكة .
أما أهم الحكومات الكوردية في العهد الإسلامي فهي ( الروادية – السالارية – الحسنوية – الشدادية – الدوستكية – المروانية – اللرية – الايوبية – الاردلانية …….)
أما الدولة الدوستكية الكوردية تأسست عام (982 )م ومؤسسها ( بادين دوستك ) وشمل حكم الدولة الدوستكية كافة الأراضي الواقعة في ولاية آمد ( دياربكر) ماردين – سيرت – بدليس وقسما من ولاية موش وقضاء إرديش وأجزاء من الزاك والرها وقسم من منطقة الجزيرة في كوردستان سوريا شملت منطقة سري كانيه ( راس العين ) حتى نهر دجلة والذي تقع فيها الآن مدن الدرباسية – عامودا – القامشلي – ديريك – ودامت الدولة الدوستكية حوالي مائة عام .
تم تقسيم كوردستان للمرة الاولى بين الصفويين والعثمانيين بعد معركة جالديران عام 1514 كما تم تقسميها للمرة الثانية في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 .
منطقة الجزيرة / الحسكة /
تعتبر منطقة الجزيرة من المناطق الهامة في سوريا وتقع في الشمال الشرقي من سوريا تحدها من الشمال تركيا ومن الشرق العراق ومن الجنوب محافظة دير الزور ومن الغرب محافظة الرقة .
المساحة : تبلغ مساحة منطقة الجزيرة 23,333 كم2.
التسمية : سميت بهذا الاسم نظرا لوقوعها بين نهري دجلة والفرات .
أهميتها : تأتي أهمية منطقة الجزيرة من اهميتها التاريخية والطبيعة البشرية والاقتصادية اذ نشأت في ارضها حضارات دلت عليها الآثار المكتشفة حديثا ويشهد على هذا مئات التلال المنتشرة في سهول المنطقة وهذه التلال هي بقايا مواقع لتجمعات بشرية قديمة ومدينة الحسكة هي مركز محافظة الجزيرة السورية يمرها نهر الخابور
وتتكون الحسكة إداريا من أربع مناطق هي
- الحسكة وتتبعها نواحي مركدة وبئر الحلو والعريشة والشدادي وتل تمر
- منطقة سري كانية / رأس العين / وتتبعها ناحية الدرباسية وأبو راسين
- منطقة القامشلي : وتتبعها نواحي -عامودا – وتل حميس – وتربة سبي (القحطانية )
4- منطقة ديريك / المالكية /: وتتبعها نواحي جل آغا ( الجوادية ) وتل كوجر / اليعربية
السكان : بلغ عدد سكان محافظة الحسكة حسب إحصاء عام /1997/م مليون و198 ألف نسمة
نسبة الكورد في محافظة الحسكة : تبلغ نسبة الكورد في محافظة الحسكة 64%
تسمية الحسكة : هناك أكثر من رأي لهذه التسمية فمنهم من قال أن المكان كان مليئا بشوك اسمه الحسك ومنهم من قال انه كان يوجد قارب على الخابور كانوا يسمونه حسكة كان الناس يعبرون عليه من شمال النهر إلى جنوبه حيث الطريق إلى دير الزور وهناك رأي ثالث يقول أن الخابور الذي يعبرها غرب الثكنة الحالية تقع على أنقاض المدينة التاريخية يشكل ما يشبه الحسكة التي نراها في القمح و الشعير وتشكل ما يشبه سنارة شص الصيد وكلمة الحسكة على الأرجح مشتقة من الحسك وهو الشوك والرأي الغالب يقول أن أصل تسمية مدينة (الحسكة) الكوردستانية …
إن سكان حسكا -هسكا (الاصليون) هم أحفاد الكورد الهوريين والسوبارتيين وهم بناتها الاوائل. إنهم الكورد الأيزديين الشمسانيين الذين تذكرهم المصادر التاريخية ب ال”بير تاويون ” .. أي رجال الدين الشمسانيين .. وهم الذين ذكرهم عالم الآثار و أستاذ التاريخ في جامعة لندن العالم : ”ديفيد أوتس” و قال عنهم إنهم كانوا يهرولون إلى معبد الشمس في الصباح الباكر مرتدين ملابسهم البيضاء و قد بنيت الكنيسة الكلدانية على أنقاض المعبد الشمساني الأيزيدي ، بعد الاستعمار الفرنسي الذي بنى معسكره في مدينة ”حسكا ” الكوردستانية . استقبلوا الناجين من المذابح التركية الطورانية في القرن الماضي ، ولم يكن وقتها هناك تواجد للعرب في المدينة سوى بعض البدو الرحل من رعاة الغنم الذين كانوا يخيمون في اطراف المدينة .. ويذكر عالم الآثار الفرنسي جان ماري دوران بأن مملكة كوردا التي كانت عاصمتها شنكال وكانت تضم كامل الجزيرة الكوردية ”مزرا بوتان” و تضم حتى مدينة دير الزور حتى حدود مدينة يمخاد (حلب) .. والأهم من كل هذا هو أن الكورد ال”بير تاويون” الذين تحدث عنهم العالم ديفيد أوتس هم بالتحديد العشيرة الإيزدية الهسكانية و تمت تسمية مدينتهم على اسم عشيرتيهم ”هسكا” (حسكا) و كانت هذه العشيرة العريقة منتشرة في كامل الجزيرة الكوردية من شنكال الى ”حسكا” ومن ضمنها ما تسمى (شدادي)
بناء الحسكة : في عام 1908م جاء المكان تجار من( قلعة مرا) التي تقع بين مدينتي ماردين ودير الزعفران التركية حيث بنوا أكثر من عشرة دكاكين بجانب التل من جهة الغرب ومنذ ذلك الوقت بدأت ترتسم معالم مدينة أسموها(الحسجة) وتزايد أعداد الفارين إليها اثر مذابح / سفربرلك/ عام /1915 /م التي شملت المسيحين في آمد / ديار بكر / وماردين وطور عابدين وتياري وهكاري والرها وحران ونصيبين .
توطين العرب البدو في الحسكة من قبل العثمانيين
واجراءات النظام السوري في محافظة الحسكة
في العام ( 1907 -1908م ) وأثناء حكم السلطان عبد الحميد الثاني الذي لم يبقى له سلطة فعلية وكان تحت الإقامة القسرية وإنما السلطة الفعلية كانت بيد الاتحاديين وكنتيجة لضعف الإمارة المللية الكوردية قام الاتحاديون الأتراك بتغير الطبيعة الديمغرافية في أراضي الملان وفرض اللغة التركية على الدوائر الرسمية وأماكن التجارة الحكومية وقاموا بتوطين العرب البدو في أراضي الكورد بحجة عمليات إصلاحية وعمرانية وبنى حينها 700 قرية من دير الزور إلى أراضي غرب كوردستان وتم بناء ثكنة عسكرية في موقع مدينة الحسكة حالياً عام (1907 )م حيث وزعت الدولة العثمانية أراضي الإمارة المللية على البدو العرب من عشيرة الجبور القادمين من دير الزور وأصلهم من شرق شبه الجزيرة العربية وعشيرة البقارة القادمين من شمالها وعشيرة طي كذلك وأصلهم من العراق بهدف تحويلهم إلى حضر وتوطينهم في البلاد الكوردية وقاموا بتشجيع البدو الرحل على الاستقرار في الأرض وأعمارها بآلاف البيوت الطينية – الحجرية وتقديم إعفاءات ضريبية سخية لهم وقد بنيت هذه التجمعات الحضرية الكبيرة نسبيا في المواقع التاريخية الأثرية وهي نفسها مدينة الحسكة حاليا .
وفي العام (1908 ) كما ذكرنا سابقاً جاء مجموعة من التجار وهم من السريان من قلعة (مرا_ مراوية) و بنوا بيوتاً ودكاكين فيها وفي العام (1933)م تم استقبال المهاجرين الآشوريين الذين كانوا في العراق منذ عام (1926)م وقدموا إليها من جنوب الأناضول الذي غادروه مع بداية تكوين الجمهورية التركية وبقوا من عام (1926)م في العراق حتى هجّرتهم إلى غرب كوردستان ودولة دمشق السورية عام (1933)م كما تسارع انتقال العشائر العربية إلى نصيبين التي انفصلت عن دولة حلب حينها بعد معاهدة لوزان (1923)م وأصبحت نصيبين مقسمة إلى قسم شمالي وقسم جنوبي تم بناؤه من قبل الفرنسيين وسميت بالقامشلي حيث توافد إلى القامشلي الكثير من العوائل السريانية من نصيبين وماردين وسكنوا مع الكورد الحضر في المنطقة وتسارعت وتيرة سير عشيرة ( طي ) في عملية التحضر كما هو الحال مع أخوتهم من عشائر الجبور والبقارة في الحسكة ( ولاننسى بأن العديد من الكورد ايضا توافدوا إلى محافظة الحسكة اثر مذابح سفر برلك)
وبالرغم من ذلك لازالت تخرج لنا العملة المصكوكة للدولة الدوستكية والميدية والميتانية (الهورية ) وتاريخ الإمارات الكوردية الإسلامية وبخاصة الإمارة المللية والتي تم حرق الكثير من وثائقها التي هي عبارة عن معاهدات واتفاقيات وملكيات الأراضي الموقع عليها من قبل سلاطين الدولة العثمانية والسلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي تم نفيه من قبل الاتحاديين لكن لا تزال معاهدات العشائر العربية وتواقيعهم موجودة في الأرشيف الفرنسي الذي تعهدوا فيه بعدم الاعتداء على حدود الإمارة المللية الممتدة غربا حتى نهر البليج في الرقة كما استغلت بعض قبائل البدو في منتصف الأربعينيات دخول الجراد إلى الأراضي الزراعية الكوردية وهاجمت عشيرة الجبور منطقة عامودا من الجنوب والشرق (قطاع عشيرة ميرسني ) في حين هاجمت عشيرة البكارة منطقة الدرباسية من الجنوب والغرب (قطاع عشيرة الكيكان ) وجرت معارك بين الطرفين انتهت بهزيمة المهاجمين .
وفي عام (1965م ) تم تقرير مشروع الحزام العربي من قبل الحكومة السورية تنفيذا لتوصيات محمد طلب هلال وتم بموجبه جلب العرب المغمورة أراضيهم بمياه سد الفرات وتوطينهم في منطقة الجزيرة عام (1973)م ابتداءً من الحدود العراقية شرقا وحتى سري كانية (رأس العين ) غربا وامتد الحزام بطول 300كم وعرض 10 – 15 كم حيث تم سلب أراضي الكورد وعلى طول امتداد المساحة المذكورة وتوزيعها على العرب الغمر (توطينهم ) حيث بلغت قرى الغمر 40 قرية كما قامت الحكومة السورية بتغيير أسامي المدن والقرى الكوردية إلى أسامي عربية
عدد السكان : يبلغ عدد سكان مركز مدينة الحسكة وريفها 309265 ثلاثمائة وتسعة آلاف ومائتان وخمس وستون نسمة ومن ضمن هذا العدد سكان مركز مدينة الحسكة الذي يبلغ 228540 مائتان وثمان وعشرون ألفاً وخمسمائة وأربعون نسمة يشكل الكورد في مركز المدينة حوالي 40%
المساحة : تبلغ مساحة مدينة الحسكة وريفها 1270 كم2
عدد القرى : تبلغ عدد القرى التابعة لمدينة الحسكة 243 قرية ومزرعة
بعض قرى الحسكة : كركفتار . كربيجنك . صوفيا . كرباوي . خربة جمو . آف كيرا . خربة الياس . سليمانية . شموكا . جداليه .
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “306”