أزمة التعليم في المناطق الكُردية “في ظلّ إدارةحزب الاتحاد الديمقراطي”
يكيتي_ميديا
ألقت الأزمة السورية بظلالها على مختلف نواحي الحياة في كُردستان سوريا، لا سيما التعليم الذي يمثّل المشكلة الأكبر لدى أغلب العائلات، حيث أصبح حصول الأطفال في المنطقة على التعليم من أكبر تحديات النزاع.
فأولوية التعليم في مناطق الإدارة الذاتية هي للغة الأم وفرضها وعدم الاعتراف بالمناهج المفروضة على الطلبة،مما يشكّل عائقاً أمام الأهالي لإرسال أطفالهم للمدارس، حيث أنّ العملية التعليمية تواجه مستقبلاً مجهولاً في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الإدارة في كُردستان سوريا، حيث يواجه الطلاب ظروفاً صعبة؛ لعدم وجود مستقبلٍ للشهادات التي تمنحها هذه الإدارة للطلبة ومصير هؤلاء مجهول بعد أن أصبحت مناهج الإدارة الذاتية واقعاً مفروضاً عليهم وعائقاً أمامهم للحصول على الشهادتين الإعدادية والثانوية.
هذه الإدارة تسعى إلى توطيد مكانتها كحكومة ذاتية للناس الذين يعيشون في هذه المنطقة ، فوضعت مواد تعليمية باللغة الكُردية والعربية والسريانية وأسّست مدارس لتعليم هذه المواد في محاولةٍ لتنويع خيارات التعليم في المنطقة، ورغم وجود آلاف الطلاب في مدارسهم إلا أنّ التعليم في مدارسهم غير شرعي وغير مرغوب به ويسبّب جدلاً واسعاً لعدم وجود اعترافٍ رسمي به حتى الآن، حيث لا تعترف بمناهجها سوى الجامعات التي افتتحتها هي ضمن منطقتها كجامعة (روج آفا في قامشلو، وجامعة كوباني في كوباني، وجامعة الشرق في مدينة الرقة) وغير ذلك هذه الجامعات أيضاً لا تضمّ كافة الأختصاصات.
تجد العائلات في المنطقة نفسها محتارة بخصوص إرسال أولادها للمدارس الكُردية غير المعترف بها لا من قبل النظام السوري ولا حتى من قبل الدول الأجنبية العاملة في البلاد ومستقبلها مجهول والعائلات الكُردية تقبَل بالأمر الواقع ؛ لأنها أقلّ كُلفةً من حيث وسائل النقل والمصاريف وأقلّ كلفةً أيضاً بالمقارنة مع إرسال أولادها للمدارس الحكومية في مُدنٍ أخرى وتحمّل مشقة الطريق والمصاريف لتأمين مستقبلهم وحصولهم على شهاداتٍ معترفةٍ بها.
ومع ذلك يقول بعض الأهالي هناك إنّ الإدارة الذاتية تفرض مناهجها قسراً على الطلبة الذين يعيشون في المنطقة، حيث أنها قامت بسياسة الاعتقال أيضاً لفرض مناهجها وقيام قوات الأمن الداخلي المعروفة بالأسايش عدة مرات باعتقال المعلّمين الذين قاموا بإعطاء الدروس الخصوصية لمناهج النظام؛ وذلك لأنّ بعض الأهالي يرون بأنّ مدارس النظام بعيدة وباهظة الثمن ؛ لذلك اضطرّ الكثير لفتح الدورات الخاصة لأولادهم من أجل التقديم الحر على الشهادتين الإعدادية والثانوية، لكن هذه الإدارة مرة أخرى أصبحت عائقاً أمام هؤلاء الطلبة بإغلاق معاهدهم واعتقال المعلمين.
عند احتجاج الطلبة والأهالي على قرار الإدارة الذاتية بإغلاق المعاهد والمدارس الخاصة التي تعتمد المناهج الحكومية تعرَّضَ المحتجّون للهجوم من قبل الأسايش وكان ذلك الهجوم بمثابة رسالةٍ من ادارة ال ب ي د ، حيث أخبروا بها الأهالي بأنه من غير المسموح لهم التعلّم بغير مناهجهم في منطقة خاضعة لسيطرتهم ولا خيار ثانٍ سوى الاعتقال.
الأهالي في المنطقة يقولون بأننا لسنا ضد لغتنا، بل على العكس، لا مانع لدينا لتعليم أطفالنا بلغتهم الأم التي حُرِمنا منها لعقود، و لكن موضوع الاعتراف الدولي بهذه المناهج يبقى العقبة الأكبر التي تواجه العملية التربوية والتعليمية، و يُوجّه الكثير من السكان المحليين انتقاداتهم للكوادر التعليمية في مدارس الإدارة الذاتية غير المؤهّلة ولا تمتلك خبرةً تعليمية ؛ لأنّ الكثير من المعلمين ليسوا خريجي الجامعات وذوي الكفاءات العالية.
كذلك يجب إبعاد الطلبة و العملية التعليمية عن الصراعات السياسية كإلزام الطلبة وحتى المدرسين في المشاركة بالنشاطات السياسية التابعة لطرف معين.
و يطالب الأهالي في المنطقة بإفساح المجال أمام طلبة شهادتي الإعدادية والثانوية للتقدم إلى الإمتحانات في مناطقهم عوضاً عن السفر إلى مناطق وجود المدارس الحكومية، علماً بأنّ العديد من الشباب لم يتقدّموا لامتحانات الشهادة الثانوية خوفاً من سوقهم للجيش من قبل النظام السوري.
كما يطالب الأهالي بفصل السياسة عن التعليم وترك الخيار أمام الطلبة والأهالي باختيار المنهاج الذي يريدونه، و يؤكّدون أنّ سياسة الترهيب هذه، كاعتقال المدرسين وإغلاق المعاهد وفرض مناهجهم، لن تجد نفعاً في التعليم، بل على العكس، فإنّ ذلك يزيد توجه الطلبة أكثر إلى ترك مدارسهم رغم أنها لغتهم الأم.
يقول أحد الأهالي: نحن لا نريد أن يكره أطفالنا لغتهم، فهذا الأسلوب وهذه الطريقة تجعل الطالب يبتعد عن لغته ويكره تعلّمها.
إنّ فرض هذه المناهج و بهذه الطريقة لا يحبّب الطالب بلغته، نحن نحبّ لغتنا ونحبّ أن يتعلّمها ويحبّها أطفالنا و لكن هذه ليست الطريقة الصحيحة ، و للأسف لها دورٌ كبير في تقوية إحساس النفور عند الطلاب و الأهالي، كما يقول أحد أهالي الطلبة: إنّ أولادنا في طريقهم لمستقبلٍٍ مجهول، و نحن أمام جيلٍ يضيع مستقبله التعليمي بين صراعاتٍ سياسية وفرض مناهج غير معترف بها، فهناك جيل بدون شهادة معترف بها وبدون تعليمٍ كافي ،ولا وجود لحلولٍ سوى الهجرة من المنطقة بحثاًعن مستقبل تعليمي آمن وجيد لأطفالنا بعيداً عن سياسة القسر والترهيب.
رغم جميع المحاولات لدفع الطلبة لحبّ مدارسهم إلا أنها تصطدم بالرفض الشعبي، حيث يمتنع السكان وحتى المسؤولون والموظفون في مؤسسات الإدارة الذاتية عن إرسال أطفالهم إلى مدارس الإدارة ؛ و ذلك خوفاً على مستقبلهم الذي ضاع ويضيع في السنوات الأخيرة من عمر الثورة السورية، حيث أنّ الكثير من الأهالي يحاولون جاهدين الحفاظ على مستقبل أولادهم سواءً بإرسالهم لمدارس حكومية في مناطق اخرى أو الخيار الثاني و هو الهجرة والبحث عن مستقبل آمن ، و هذا يؤدّي في نهاية المطاف الى تغييرٍ ديمغرافي خطير في كُردستان سوريا.