آراء

رسالة عاجلة ومفتوحة.. أخي المواطن العربي السوري

هوشنك أوسي

أنا، ككردي سوري، أقرب إليك من العربي في المغرب أو الخليج أو العراق أو لبنان أو الارجنتين، مع كامل الاحترام لكل الملل والنحل والشعوب والاقوام والبلدان.

عندما استهدف نظام البعث الصدامي، اخوتي الكرد بالكيماوي وحملات الإبادة الجماعية والانفال، لم يقل الكرد، نخبا أو عواما:

“أباد العرب الكرد”. عندما مارس البعث الحافظ أسدي، الابادة السياسية والثقافية على الكرد في سوريا، لم يقل، نخبا وعواما:

:أباد العرب الكرد في سوريا”. لم نحمل الشعب العربي مسؤولية جرائم نظامين فاشيين بعثيين، تدثرا برداء العروبة والأمة العربية “ورسالتها الخالدة”. يعرف الكرد أن النظامين البعثيين في سوريا والعراق، لا ولن يكونا حاملي الرسالة الخالدة للأمة العربية. قلناها ونقولها، ككرد، ونحن نعلم أن هناك ملايين العرب وقفوا مع نظامي البعث، إما كرها وجبرا، أو عن قناعة وإيمان.

كذلك، حين ارتكبت داعش أفظع الجرائم في حق الكرد، وحين احتلت مرنزقة أردوغان عفرين الكردية السورية العزبزة، لم نقل:

إن العرب فعلوا ذلك.

ذكرت لك ما سلف، فقط كي تكون حذرا ويقظا من الأصوات العنصرية الفاشية الصادرة من النظام السوري والمشتقين منه، في المعارضة السورية. تلك الأصوات التي تحمل الشعب الكردي في سوريا مسؤولة كوارث وأخطاء وجرائم حزب العمال الكردستاني PKK الذي يدير قوات سوريا الديمقراطية – قسد، من وراء الستار.

حزب PKK لا يمثل الكرد في سوريا، مثلما لا يمثل النظام السوري، وداعش، والنصرة، الشعب العربي السوري.

متى ستصبح قسد، تمثلني، عندما تتحرر من طغمة وتسلط واستبداد PKK، وتتحول بشكل كامل، قولا وفعلا، إلى قوات سوريا الديمقراطية.

اخي وشريكي العربي السوري العزيز…

دعك من سخافات وترهات العصبيات القومية والعرقية وسمومها وخرافاتها. وأعلم أن الثالوث المقدس للاستبداد هو الجهل، الفقر والفساد.

أسوأ انواع الاستبداد؛ الذي يرتدي لبوس التحرر، يستعبد البشر، بحجة تحريرهم. يستند هذا الاستبداد على كتائب المثقفين (التنويريين، المعرفيين) الضلاليين والكذابين، من كل الأطراف، الذين يمتهنون الشعوذة الثقافية والسياسية والتجهيل الممنهج والتنويم الثقافي للشعوب والمجتمعات.

الكردي، بطبعه، يكره الحروب، ويحب الرقص والغناء والشعر، والحرية. لكنه عنيد، صلب، وصاحب إرادة وكرامة، ولا يختلف عن العربي في شيء، إلا في لسانه وهويته وثقافته. الكردي، شقيقك في المحن والملمات والأزمات، وشريكك في صناعة ماضي وحاضر ومستقبل المنطقة، ولن يكون عدوك أو خصمك، مهما كره الكراهون، ومهما ثرثر العابثون والفاشيون من العرب والكرد. هؤلاء قلة قليلة، الضجيج والضوضاء تضخم اصواتهم.

اخي العربي، كلما سمعت صوتا ناعقا، ناعبا، يدعو للفتنة بين الكرد والعرب، سواء أكان من الكرد أم العرب، أعلم تماما أنه لا يمثل الكرد أو العرب، بل يمثل الكراهية والاحقاد والاستبداد والفساد.

اقولها لك، بالكردي والعربي الفصيح: ” Em birayên hev in û dê bira bimînin. / نحن أخوة وسنبقى”. حافظ على الإرث الحضاري العظيم المشترك بيننا، مثلما أحاول أنا الحفاظ عليه. كن صوت العقل والحكمة، واحذر من أن تكون حطب نيران الاحقاد والعصبيات والثارات.

الشجاعة والجسارة في البناء وليست في الهدم. لن تقوم لمستقبلنا قائمة اذا اعتدنا على النفخ في نيران الصراعات والحروب.

وتفضل بقبول وافر الاحترام
هوشنك أوسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى