وسط انعدام الحلول.. أطفال يتعرّضون للتنمر في المدارس
Yekiti Media
التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة، وقد يأخذ التنمر أشكالاً متعددة ،كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنياً أو لفظياً، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكلٍ غير ملحوظ.
تؤثّر الاختلافات الشخصيّة وشدّة الفعل المسيء ومدته على شخصيّة الأطفال وتترك آثاراً كبيرة تحطّم شخصيتهم.
ومن تلك الآثار الشائعة: فقدان الثقة بالنفس، فقدان التركيز وتراجع الأداء والمستوى الدراسي، الخجل الاجتماعي والخوف من مواجهة المجتمعات الجديدة، احتمال حدوث مشاكل في الصحة النفسيّة مثل الاكتئاب والقلق وحدوث حالات انتحار.
حالات كثيرة أصبحت جزءاً من الواقع، ومنها قصة طفل مريض في مدينة قامشلو بكُردستان سوريا، تعرّض للتنمر بشكل مستمر من قبل أصدقائه في المدرسة.
فقد أصاب المرض جسده، وزاد وزنه أضعاف عن عمره، لذلك عندما كان يذهب إلى المدرسة في الطريق كان يتعرّض للضرب من قبل مجموعة من الأطفال، ولم يكن يستطيع الدفاع عن نفسه بسبب مرضه.
وأكّّد والد الطفل ليكيتي ميديا أنّه “عندما كان يخبر المعلمين في المدرسة، كانوا لا يهتمون لتفاصيله ومشاكله، وما يتعرّض له من تنمر ؛ لأنّه ببساطة طفل من طبقة فقيرة”.
منزله يقع على جانب مدينة قامشلو، ويتألف منزله من غرفة صغيرة ومطبخٍ، ولا يوجد لديهم سوى فراش، والذي تبرع لهم به البعض من جيرانهم.
وتابع الوالد الذي فضّل عدم ذكر اسمه بالقول: “كنا نبكي عندما نرى طفلنا المريض الذي يأتي من المدرسة وعلى جسده آثار الضرب ونفسيته متعبة، ومع ذلك كان أهالي الطلاب المتنمرين عليه يشتكون علينا ويقولون إنّ ولدنا هو من تعرّض لأطفالهم”.
وأضاف “عانينا نحن وابننا كثيراً من هذا الموضوع بسبب الفقر من جهة وبسبب الظلم الذي يتعرّض له ابننا من جهة أخرى”.
وأشار والد الطفل إلى أنّه تمّ سحب الصبي المريض من مدرسته، وكان عمره أحد عشرعاماً وهو في الصف الثاني، والآن كان يجب أن يكون في الصف الخامس ولكن بسبب مرضه وحالة التنمر عليه ابتعد عن المدرسة.
وفي حالة مشابهة في ريــف قامشلو، لطفل آخر يعاني من صعوبة في النطق، قام والده بزيارة المدرسة التي تشرف عليها هيئة التربية في إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي، لشرح معاناة ابنه ورفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، ليتلقّى جواباً سلبياً من إدارة المدرسة، وأنّ الكادر هنا للتدريس، وليس من أجل دمج الأطفال في المجتمع.
بالصدد وحول حالات التنمر في المدارس، قالت مسؤولة في إحدى منظمات المجتمع المدني في تصريح ليكيتي ميديا “الحقيقة، لا توجد مراكز مختصة لمعالجة حالات التنمر في منطقتنا، من هنا يجب أن يكون الدور الأساسي على الوالدين لحماية الأطفال من التنمر، من أجل تعزيز ثقة الطفل بنفسه وتقوية شخصيته ودمجه في المجتمع، وأيضاً يكون للكادر التدريسي في المدارس دور مهم في معالجة الحالات الموجودة للتنمر.
وأضافت: تتبع المدارس لهيئة التربية والتعليم ومن واجب المعلمين أن يكون لهم الدور الأساسي في ذلك وحماية الفئة الضعيفة التي تتعرّض للتنمر وأيضاً معالجة الفئة العدائية التي تقوم بالتنمر ودمج الطفل بين زملائه، لكن وبكل أسف إلى الآن لم ترتقِ تلك المدارس التابعة لإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي إلى الحالة المرجوة منها؛ لاعتماد هيئة التربية ذاتها على كادر غير كفوء وغير ملم بالتربية والتعامل مع الطلاب سواء ممن يتعرّضون للتنمر، أو من يقومون بالتنمر.
ونوّهت “حول دور المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني التركيز على ظاهرة التنمر وتسليط الضوء عليه من خلال جلسات التوعية في المدارس والمجتمع المحلي بشكل عام، لتخفيف هذه الظاهرة في المجتمع.
إنَّ التنمُّر بحسب الخبراء من الظواهر التي يجب على المجتمع أن يسعى إلى علاجها بمختلف الوسائل الممكنة، والتي تبدأ من بناء الأجيال على الأخلاق الحميدة والقيم الحسنة والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم، وبثِّ تلك القيم والأخلاق بين مختلف أفراد المجتمع، إضافةً إلى توجيه حملات التوعية بشكل مستمر لتبين مخاطر التنمُّر ،وتحذِير الناس من مختلف أساليب العنف الجسدي أو اللفظي، ويجب تجريم فعل التنمُّر من خلال القوانين الرادعة وإعلاء الثقة بالنفس عند الأطفال.
تجدر الإشارة إلى أنّ المنطقة الكُـردية تخلو من مراكز مختصة بمعالجة حالات التنمر وتختصر على الورش التي تقيمها منظمات المجتمع المدني، في حين يطالب أولياء الأمور إدارة المدارس بأن يكون لهم دور محوري في الحفاظ على أطفالهم أوقات الدوام ومعالجة جميع المشاكل فور وقوعها.