رسالة الى “الإدارة الذاتية” حول عمليات خطف الأطفال وتجنيدهم
عقدت جمعية جيان لمناصرة حقوق المرأة، لقاءً عبر منصة “الزوم” بتاريخ 12.12.2023، خاصاً بتصاعد العنف ضد القاصرات عبر خطفهن بغرض التجنيد القسري؛ من قبل “منظمة الشبيبة الثورية السورية المعروفة باسم جوانن شورشكر”، التي تنشط في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية. وشارك في اللقاء عدد من ذوي القاصرات والقُصر المخطوفين، بالإضافة إلى عشرات السيدات ممثلات الجمعيات النسائية، وكذلك شخصيات حقوقية وسياسية وعدد من المهتمين.
ناقش اللقاء بعمق ظاهرة خطف الأطفال بغرض تجنيدهم قسرياً، التي تنطوي على سلب الطفل حريته وإبعاده عن محيطه وعائلته عبر قطع التواصل معه، وارغامه على العيش في مكان مجهول لا تتوفر فيه الشروط الصحية الآمنة لنموه، واخضاعه لتأثيرات عقائدية وتدريبات عسكرية شاقة لا تناسب عمره، وقد يصل الأمر إلى حد استغلاله جنسياً، ليتم ارغامه في نهاية المطاف على حمل السلاح، الأمر الذي يعرضه لمخاطر شتى منها القتل، ويدفعه إلى ارتكاب أعمال عنف بحق الآخرين.
ينطوي خطف القاصرات والقصر وتجنيدهم قسرياً، على حرمانهم من التربية والتعليم في ظروف طبيعية صحية، الأمر الذي يلحق أذى نفسي وجسدي بهم ويؤدي إلى تدميرمستقبلهم، ويدفع بهم إلى حد اليأس الذي قد يودي بهم إلى الانتحار، ناهيك عن زرع روح العنف والانتقام فيهم، هذا عدا عن انعكاسات هذه الظاهرة على الأسرة والمجتمع، والتي تسلب الوالدين حقوقهم في تربية وتعليم أطفالهم، وزرع العداوة والبغضاء بين أفرادها، وخسارة جيل كامل.
إن خطف الأطفال وتجنيدهم، يعد خرقاً صريحاً وانتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بمنع تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة، وخاصةً اتفاقية حقوق الطفل الدولية، واتفاقية سيداو الخاصة بالنزاعات المسلحة واتفاقية جنيف وقانون روما، ويتعارض مع القوانين الوطنية الخاصة بالدولة السورية السارية المفعول، والقوانين المعلنة للإدارة الذاتية الخاصة بحماية الطفل والمرأة، ويتناقض مع الاتفاقية التي وقعها السيد مظلوم عبدي قوات سوريا الديمقراطية مع ممثلي الامم المتحدة، بخصوص وقف تجنيد الأطفال وتسريح المجندات والمجندين منهم.
انبثق عن اللقاء المشار إليه أعلاه، لجنة متابعة وخرج بنتائج، منها المطالبة بإطلاق سراح القاصرات والقُصر فوراً، سواء الذين تعرضوا للخطف من قبل منظمة “الشبيبة الثورية السورية”، أو هؤلاء الذين تم تبرير تجنيدهم بالقول بأنهم “انضموا طوعاً الى معسكرات التدريب” التابعة لإدارتكم بجميع مسمياتها، وحدات حماية الشعب، وحدات حماية المرأة، الأسايش، قسد أو غيرها، فمهما كانت الذارئع، بما فيها “حماية الأطفال من العنف الأسري أو الزواج القسري”، فإنها لا تبرر التجنيد، لأن التجنيد ليس حلاً لمثل هذه المشاكل، وعدم توفر الأهلية القانونية، العقلية والجسدية للأطفال، لاتخاذ مثل هذا القرار، الذي يجعل للمشكلة بعداً آخر أكثر خطورة وتعقيداً.
إن من واجب الإدارة الذاتية ومؤسساتها حماية المعنفات بشكل خاص، وفق معايير قانونية وانسانية تناسب أعمارهن وتساهم في حل مشاكلهن مع عائلاتهن، بعيداً عن الاستغلال المتعدد الأوجه الذي يتعرضن له في معسكرات التدريب، والذي ينتهي غالباً بالتجنيد القسري، ومن واجبها التوقف عن هذه الأفعال ومحاسبة مرتكبيها، والتي تسيء الى إدارتكم والضحايا أولاً، وتهدد المجتمع المحلي والسلم الأهلي ثانياً، وتلحق الضرر بالمجتمع الكوردي بما فيه الكورد الذين يعيشون في المهجر، والذين يشعرون بواجبهم الأخلاقي تجاه شعبهم، ولا يعيشون بمعزل عن مجتمعهم ولا يقبلون بالتالي الوقوف متفرجين.
نحن اللجنة المنبثقة عن لقاء 12.12.2023، نطالبكم في الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب والمرأة وجميع منظماتكم الأخرى، مهما كانت تسمياتها، بإعادة الأطفال المخطوفين والمجندين الى عائلاتهم فوراً، والتوقف عن ابعادهم عن ذويهم وعن تجنيدهم، ولتكن بادرة تعيد تطبيع وضع الأطفال، ومشاركتهم أُسرهم ومجتمعهم المناسبات والأعياد والأفراح، بدلاً من الحروب وأعمال القتل، آملين بأن تلقى هذه الرسالة استجابة، وأن نكتفي بها.
ألمانيا، 12.12.2023
اللجنة المنبثقة من مبادرة جيان