المشهد الدولي والإقليمي إلى أين
نمرود سليمان
في الفترة الزمنية التي دخلت أمريكا العام الانتخابي للرئاسة، وفي اللحظة التي كانت الحرب الروسية الأوكرانية الشغل الشاغل لكلّ المطابخ السياسية العالمية وبالمرحلة نفسها التي ازداد النفوذ السياسي الصيني على النطاق العالمي بشكلٍ عام والشرق الأوسطي بشكلٍ خاص لأول مرة في التاريخ وقي الفترة التي وصل اليمين المتطرف جداً بقيادة نتنياهو الى السلطة في دولة اسرائيل وفي المرحلة نفسها التي كانت السعودية تسعى الى تهدئة الأجواء السياسية في المنطقة وصلت الى درجة الاتفاق مع ايران كي تنصرف الى شأنها الداخلي وسعت بشكلٍ جدي للتطبيع مع اسرائيل بشرط الاتفاق على حلّ الدولتين .
في هذا المشهد العالمي المعقد والشرق أوسطي الذاهب الى حافة الهاوية نتيجة الحروب الدائرة فيه منذ عقدٍ من الزمن آخرها حرب الجنرالين في السودان واسرائيل التي كادت الحرب الأهلية تبدأ في هذا الكيان؛ لأنّ اليمين المتطرّف الحاكم اراد تغيير القوانين فثارت الغالبية من الشعب الاسرائيلي ضده .
في هذه الأجواء الساخنة بالعالم كله ولا أحد يدري إلى أيّ مصير مجهول ستصل قامت حماس بطوفانها على حين غرة وبدون أيّ مشروع سياسي ودون أي تفكير بتداعيات اليوم التالي ، نعم كان هذا الطوفان قوياً جداً تفاجأ به الجميع ولكن كما يقال : السياسة بخواتمها من هذه الخواتم .
١- قتل أكثر من ٣٠ ألف فلسطيني
٢- جرح اكثر من ٧٠ ألف فلسطيني
٣- أكثر من ١٥ الف فلسطيني مفقود تحت الانقاض .
٤- ١،٩ مليون غزاوي نازح .
٥ – الامم المتحدة تقول انعدمت وسائل العيش في غزة .
٦- تمّ تحويل الصراع من صراع على الهوية الوطنية الفلسطينية كما أراده ياسر عرفات الى صراع ديني كما أراده نتنياهو .
هل تستطيع حماس الإجابة عن الأسئلة والخواتم المطروحة في النص أم هي مكلّفة بالأمر ولا تستطيع الإجابة .
هناك مَن يقول : إن مهندسي طوفان الأقصى الحقيقيين أرادوا من خلاله :
١- نقل الصراع الحاصل في أوكرانيا بين القوى الكبرى في أوروبا إلى الشرق الأوسط لأنّ الكبار ينقلون معاركهم إلى المناطق الرخوة .
٢- توجيه رسالة إلى البلدان العربية كي لا تتقرّب من المحور الصيني الروسي كما هو حاصل .
٣- تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى صراع ديني لأنّ هذا النوع من الصراع لا نهاية له .
٤- المحافظة على الأنظمة الدكتاتورية العربية كي تبقى الأسواق العربية تحت السيطرة الغربية .
٥- منع الديمقراطية من الوصول إلى الشرق الأوسط كي تبقى دولها غير منتجة وتبقى معتمدة على الغرب .
إنّ مصلحة اليمين الإسرائيلي تلتقي مع مصلحة اليمين الفلسطيني ومصلحة اليسار المغامر تلتقي مع اليمين الانتهازي ، ومصلحة أمريكا تلتقي مع المصلحة الإيرانية وشعوب الشرق الأوسط تدفع فواتير الدم لهذه اللقاءات ، لقد قبضت إيران أثمان سياسية ضخمة بعد دمار غزة وشعبها والمعركة الكبرى قادمة بعد دخول الجيش الاسرائيلي براً الى رفح وسيدخل ، متى تعرف شعوب المنطقة بأنّ خلاصها هو في المواطنة الحقيقية والديمقراطية والحرية والابتعاد عن النزعات الدينية والطائفية والمذهبية والاعتماد على وحدة شعوب المنطقة والتساوي بينها بالحقوق والواجبات.