آراء

فوبيا الكورد….

عبد الرزاق حج محمد
كاتب سوري

قبل أن تتحرك اصبعي الوسطى لإبداء بكتابة كلماتي هذه فإنني أتوجه لسترتي الخاصة المضادة للانتقاد و التملق و المزاودة… لاني قد اعتدت تماما و اصبحت متمرسا هاهنا…اعلم جيدا أنه بعد كتابة أي مقال من هذا النوع فاني سأواجه ثلاث آراء…

الاول…يتهمني بالتملق
الثاني..يدعي بأن ذلك ليس صحيح
الثالث..يخونني…

إن هذه الفوبيا الفريدة من نوعها تعتبر مرضا نادرا عضالا….نادر لانه ينتشر فقط في الشرق الأوسط و لن تجد أي عرض بسيط له في مكان آخر.. و عضال لأن آلاف السنوات من المحاولات البائسة في العلاج قد ذهبت دون جدوى … إلا أن هذه الحقبة قد أصبحت تشكل تهديدا وجوديا لنا جميعا ان لم نشفى من هذه الفوبيا اللعينة و بدون شك ينطبق علينا قول شكسبير.. نكون اولا تكون تلك هي المسألة….

قبل سنوات عديدة كانت كل شعوب الشرق الأوسط تلتزم الصمت عند الاحتكاك بالكورد من قبل الحكومات و ذلك لأنهم يعتبرون وحدة الأرض من المقدسات و بأن الكورد يشكلون تهديدا حقيقيا لها…بل إن الحكومات قد بالغت بالاحتكاك بهم لاخراجهم عن صمتهم و راهنت على نفاذ صبرهم من أجل أن يكون هذا مبررا لقمعهم و هذا تماما ما حصل في سوريا في العام ٢٠٠٤ و قد حصل أيضا مثيل ذلك في الدول المجاورة مرات عدة …كان هذا مبررا لان كل تلك الحكومات يقودها و بشكل واضح التيارات الدينية و القومية…و التي هي بالاصل أس المشكلة و التي ستقود لاحقا لكل ما يحصل الآن و سيحصل لاحقا..

حكومات لاهثة وراء السلطة الثابتة و التي لا تتثنى لهم إلا من خلال شعوب مخدرة بجرعات مضاعفة من الدين و القومية….و هو أيضا ما يبرر صمت تلك الشعوب البائسة المغيبة بحقن متكررة بمواعيد ثابتة يراقبها أعتى سلطات دكتاتورية في العالم و لذلك كانت و عبر التاريخ الطويل و أقصد هنا الشعوب طبعا ملتزمة حيادا غير طبيعي تجاه كل ما يحصل فوق أرضها مع انها لم تنل فوق تلك الأرض إلا الجهل و الفقر و القمع….

ذلك بالضبط ما قصدته بتعبير الفوبيا الكوردية…لابد أن تضحي بصمتك حتى لا يتمكن ذلك الكوردي من تقسيم البلد الجميل…
الان نحن واقفين على مفترق تاريخي و لابد من فهم الحقيقة واضحة …أصبح واضحا أن الحكام القوميين و الدينيين لاهم لهم إلا السلطة و الكذب… اذا بهذه المعرفة نكون قد اجتزنا نصف الطريق.. و النصف الآخر هو أن نعرف السبب الحقيقي وراء إشاعة الفوبيا الكوردية تاريخيا …لأنهم يبنون و يجيدون البناء… نعم هذا كان سببا لكل ما حصل… يجيدون البناء في بلد لا تريد البناء اصلا ..

ليس مجحفا ذلك الكوردي أن طالب بحقه التاريخي فهو حقه..
ليس مجحفا أن طالب بحقه الراهن فوق أرضه فهو حق له أيضا.
ليس مجحفا أن طالب بضمان ذلك في المستقبل فذلك حق لنا جميعا ..

و من هنا يبدأ البناء و تزول الفوبيا الكريهة التي كادت أن تودي بالبلد..
الجميع يعلم بأن كل المحاولات للتصحيح عبر التاريخ ما كانت جدية و ما أتت أكلها لان الشعوب كانت دوما تثق بمن يحكمها و هو خبير بكل فنون الكذب…لكن الان لابد من الوثوق بأنفسنا لنبني بلدا عصريا جميلا بذراعين… ذراع عربية و الثانية كوردية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى