آراء

تصريح يستدعي السخرية!!

د. عبدالحكيم بشار

في الوقت الذي تشهد فيه مناطق نفوذ «قسد» اضطرابات أمنية شديدة، وفي الوقت الذي تخرج فيه المظاهرات اليومية في مدينة منبج من طرف الأهالي وطلّاب المدارس رفضاً لمناهج التعليم المدرسية التي فرضتها الإدارة هناك، وفي وقت التّراجُع الكبير في مستوى المعيشة في مناطق نفوذها، وهو الأمر الذي يدفع بعشرات الآلاف من الأشخاص إلى مغادرة مناطق تلك الإدارة إلى المجهول هرباً من معاناتهم اليومية التي لم تعد تحتمل بسبب ممارسات هذه الإدارة، يخرج بعض المحسوبين عليها بأقوالٍ لا يقبلها عقل، ولا تدخل في ميزان.

فبدلاً من التزام تلك الإدارة والمسؤولين فيها بمعايير حقوق الإنسان التي تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار، وبدلاً من العمل على صرف واردات البترول والغاز وغيرها من الآليات والشروط التي من شأنها أن تساعد على تحسين مستوى المعيشة لأبناء المنطقة والنازحين إليها من باقي المحافظات، صدرت تصريحات تستدعي السخرية لمسؤولة العلاقات الخارجية في تلك الإدارة.

فقد صرّحت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية فيما يسمى «الإدارة الذاتية» إلهام أحمد، أن الإدارة مستعدة لاِستقبال السوريين الذين تريد ألمانيا ترحيلهم لتورّطهم في الجرائم، بغضّ النظر عن مناطقهم الأصلية داخل سوريا؛ فياله من عرضٍ مغرٍ ومثيرٍ للسخرية من قبل إدارة بالكاد تقدر أن تحافظ على نفسها وهي تطالب فوق ذلك بالمزيد من الفارين من وجه العدالة للقدوم إلى مناطق سيطرتها!!

أيُّ منطق أعوج لدى هذه السيدة التي تتبوأ دائرة العلاقات الخارجية عندما تخرج يتصريح كهذا، وتعلن على الملأ عن رغبتها في استقبال أصحاب السوابق، بينما دولة قوية بكلّ المستويات الأمنية والإدارية والقانونية والاقتصادية ترفض أولئك الأشخاص كونهم يشكّلون الخطر عليها!!

أليس من الأفضل للسيّدة التي تتصدر واجهة تلك الإدارة، وتعرض خدماتها للألمان، وتحذّرهم من خطورة إعادة المُرحّلين من ألمانيا إلى مناطق النظام وهي تذكرهم باحتمالية أن يقوم النظام بإعادة إرسالهم إلى أوروبا مما قد يشكّل تهديداً أمنياً لألمانيا، وتبدي حرصها الكبير على سلامة ألمانيا، أن تظهر ولو ربع ذلك الحرص على أمن وسلامة أهل المنطقة، وأن تقنع شبابها بالبقاء وعدم الفرار من سلطتها.

وبدلاً من تقديمها لتلك العروض السخية، أليس من الأفضل لها أن تلتفت للمعاناة اليومية لسكان المنطقة التي ما تزال تستفرد بها الإدارة بقوة سلاح النظام ونفوذ كوادر حزب العمال الكردستاني؟

أخيراً:

إزاء هذا الكلام الذي يستدعي الاستهجان والاستنكار، ويجب أن يُفضح على نطاق واسع، أتساءل: لماذا يلتزم المجلس الوطني الكردي الصمت المطبق؟ أليس المجلس والكرد وباقي المكونات المتعايشة في تلك الجغرافيا معنية بهذا الكلام الخطير للسيدة «الدبلوماسية»؟ كيف يقبل المجلس بتسهيل جلب أصحاب السوابق من المجرمين والفارين من وجه العدالة للإقامة والعيش في تلك المنطقة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى